فكرت في تناول ما يعتور المشهد الصحي .. لجهة الاستعصاء الناشب بين السيادي والتنفيذي .. فانتبهت أنني قد كتبت بالفعل .. ومنذ أكثر من شهر .. حتى أنني لم أجدني في حاجة للكتابة .. بل حسبي ان أعيد عليكم ما كتبته بصحيفة (السوداني) مطلع ابريل المنصرم ولا أزيد .. لعله يجد قارئا هذه المرة .. ! ( ماذا .. في المشهد الصحي؟!
.. حين ثارت ثائرة البعض .. وانطلقت حملة النقد .. وظهرت السيدة عائشة موسى عضو المجلس السيادي .. تتسول الناس .. او تتوسل إليهم .. جراء عدم جاهزية الموقع الذي نقل إليه مجموعة من المواطنين المستهدفين بالحجر الصحي .. أقول حين جرت كل تلك المهزلة أمام الناس .. كانت وزارة الصحة وبالتنسيق مع لجنة الطوارئ الصحية .. قد فرغت بالفعل من إعداد موقعين لاستقبال أولئك المستهدفين .. ولكن جهة ما .. ولحاجة في نفس يعقوب .. قررت نقل أولئك الناس .. الى ذلك الموقع الذي ظهرت فيه السيدة السيادية تستجدي الناس ان يدركوا إخوانهم .. في أبشع صورة يمكن ان تظهر بها دولة في هكذا ظرف .. أغرب ما في ذلك المشهد .. ان السيدة السيادية في ذلك الموقف .. لم تكن تملك الإجابة على اي سؤال طرح عليها .. فلم تطوعت بالظهور .. ؟ بل لم ذهبت الى هناك أصلا.. ؟! لا أحد يدري ..! وكي تفهم القصة قارئي العزيز .. فان ذات تلك الجهة التي أصدرت ذلك التوجيه المعيب .. أو اتخذت ذلك القرار الفضيحة .. ربما هي نفسها التي فاجأت لجنة الطوارئ الصحية .. بلجنة من فوقها .. دونما أي حاجة أو مبرر .. إلا ان كانت حاجة تراها تلك الجهة ولا نراها .. أو نحس بها ونتمنى ألا يصدق إحساسنا هذا ..!
تقول بعض المصادر إن وزير الصحة قد اتخذ موقفا حادا من تلك اللجنة العليا .. أو الفوقية كما سماها البعض .. وأنه قاطع أعمالها ردحا من الزمن .. حتى تدخل الأجاويد فأقنعوا الوزير بالعدول عن المقاطعة ..!
ولكن .. الوزير .. وزير الصحة .. يبدو انه لا يزال يقاتل وحده .. ورغم كل التحفظات المثارة على أدائه .. إلا انه استطاع ان يثبت أنه بحجم الموقف .. فالمسئول الذي يتخذ قرارا .. ثم يتراجع عنه استجابة لملاحظات من يمكن اعتبارهم من الخبراء .. لا شك انه جدير بالاحترام.. فالقرار الخاص بتعليق فترة تدريب أطباء الامتياز .. والذي اتخذه الوزير في وقت سابق كان مفاجئا لكثيرين .. ومحبطا للأطباء .. فكانت استجابة الوزير لطلب كبار الاختصاصيين بتعليق القرار .. رسالة مهمة ومطلوبة من الوزير لكل الكادر الطبي العامل في مواجهة وباء كورونا الآن .. !
بعض الوقائع تثير كثيرا من الشكوك حول مدى احترام الدولة لمؤسساتها .. بل ومدى أخذها برأي مستشاريها في مختلف المجالات .. والآن وحيث ان الموقف الصحي هو الأعلى صوتا .. وحيث أن الوزراء هم مستشارو الحكومة .. كل في مجاله .. فيصبح وزير الصحة الاتحادي هو أهم مستشاري الدولة وفقا للمشهد الماثل الآن ..!
إذن .. وزير الصحة هذا .. أعلن في حسابه الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي .. بل قدم اقتراحه في أكثر من اجتماع رسمي .. أن من الضرورة الملحة الآن .. تطبيق حظر تجوال شامل في كل السودان وفِي كل الساعات .. ولا شك أن الوزير لم يفصح عن رؤيته هذه .. إلا بعد ان تشكلت لديه قناعة كاملة بخطورة الموقف .. وان ما حدث في بعض الدول يمكن أن يتكرر عندنا ببساطة .. فنصح سيادته بقطع الحلقة الشريرة .. بإيقاف التواصل الاجتماعي .. وإبقاء الناس في بيوتهم .. هذه رؤية وزير الصحة .. ومدخله للمخرج .. من أزمة أركعت أعظم دول العالم .. فمتى يا ترى تعود هذه الدولة الى رشدها .. وتحترم مؤسساتها .. وتنزل رأي مستشاريها موضعه الصحيح .. وتتخذ القرار الصواب..قبل أن تقع الفأس في الرأس ..ولات ساعة مندم .. ).. هذا نص ما كتبناه قبل نحو شهر ونصف فهل من مدكر .؟