(الأعراف الدبلوماسية المتبعة في حالة استدعاء رئيس البعثة إبان توتر العلاقات بين البلدين تشير إلى تولي مهامه قائم بأعمال السفارة).. بهذه العبارة ابتدر أحد أعرق السفراء –فضل حجب اسمه- حديثه ل(السوداني) أمس، معتبراً أن ذلك يعني بشكل مباشر تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع تلك الدولة. وأوضح ذات السفير أن القائم بأعمال السفارة يقوم بمهام رئيس البعثة في إدارة كل الملفات مع القاهرة حتى تلك المعقدة، مستدركا: (لكن الوضع الراهن بين البلدين يؤكد عدم وجود أي تواصل مع الجانب المصري على مستوى السفارة). ويرى السفير أنه من الطبيعي جدا ألا يكون هناك أي تواصل ما بين الخارجية المصرية وطاقم السفارة في مصر، وأضاف: (إذا تم تواصل سيكون على مستوى أرفع مباشرة بين الرئيسين)؛ مشيرا إلى أن العلاقة ما بين مصر والسودان لا تشبه العلاقات بين السودان والكثير من الدول الأخرى، لجهة أنه توجد بين البلدين خمسة ملفات تعتبر سببا في استمرار التوتر والتصعيد بينهما بين الفينة والأخرى، وهي ملف حلايب وشلاتين، سد النهضة، وتقاسم مياه نهر النيل، ودعم مصر للمعارضة السودانية، وأضاف: (مؤخرا الملف الذي أغضب مصر وهو ملف جزيرة سواكن). واعتبر السفير أن كل تلك القضايا كبيرة تتم مناقشتها على مستويات أرفع، أما العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا القنصلية هي التي تُناقش عادة بين السفارة والإدارات الممسكة بذلك بوزارة الخارجية المصرية. وطبقا لمعلومات (السوداني)، فإن سفارة السودان بالقاهرة التي تقع في ضاحية "الدقي" ظلت تمارس عملها اليومي "الروتيني" من معاملات القنصلية المتعلقة بالجالية السودانية بمصر ومتابعة شؤونها ومشكلاتها والعمل على حلها، كما ظلت على تواصل في الأنشطة الاجتماعية والتواصل مع كافة السفارات الموجودة في مصر والمشاركة في مناسباتها، لكن لم يكن هناك أي تواصل مع وزارة الخارجية المصرية منذ تفجر الأزمة. الوضع الآن لقاء الرئيس عمر البشير مع السفير عبد المحمود عبد الحليم أمس الأول، حرّك بركة سكون الخرطوم وبرودها تجاه القاهرة، وناقش سير تطورات الأوضاع في الأزمة مع مصر، وهو ما دفع المتفائلين بتحسن بعودة العلاقات إلى اعتبار اللقاء يصب في اتجاه رد التحية للرئيس المصري عقب تصريحاته الأخيرة، ويوضح من جهة أخرى أن استدعاء السفير يرتبط بالممارسات المصرية التي كلما كانت إيجابية كانت الخرطوم إيجابية. لقاء الرئيس مع سفير السودان بالقاهرة تزامن مع ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي عن مبادرة لرأب الصدع تقودها دولة الإمارات التي أوفدت خلال الساعات الماضية، وفي زيارة غير مُعلنة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة بدولة الإمارات منصور بن زايد للخرطوم. وبغض النظر عن التحليلات المتفائلة إلا أن حديث السفير السوداني بالقاهرة عبد المحمود عبد الحليم للإعلاميين، بدد آمال المتفائلين في عودة الرجل إلى مقر عمله ما يعني انفراجا ولو نسبيا للأزمة بين البلدين. "23" لجنة وزارية المصدر الدبلوماسي الرفيع أشار إلى وجود "23" لجنة وزارية مشتركة بين الخرطوموالقاهرة على رأسها اللجنة العليا برئاسة رئيسي البلدين، وأضاف: كل هذه اللجان لم تتمكن من حسم الصراع ما بين البلدين؛ معتبراً أن ذلك يشي بأن العلاقة بين البلدين ربما تديرها أطراف أخرى غير القنوات الدبلوماسية، وهو ما ينعكس على مهام سفارتي البلدين ليكون تنسيقياً أكثر من كونه إدارة عمل ثنائي بين الخرطوموالقاهرة. ويلفت الدبلوماسي إلى أن الترتيبات التي قامت بها سفارة السودان قبيل استفحال الأزمة، إذا كان يفترض انعقاد اللجنة السياسية على مستوى وزيري الخارجية، إلا أن بروف غندور امتنع عن الذهاب احتجاجا على مواقف القاهرة الأخيرة.