كنت متابعة بانتظام لبرامج " مشروعي" الذي تبثه قناة النيل الأزرق لريادة الاعمال وتفجير الطاقات الكامنة، وفقراته عبارة عن مسابقات شبابية جاذبة وكاملة الدسم تهدف إلى إبراز مشروعات إنتاجية لنشر ثقافة وفكرة ريادة الأعمال والابتكار وتسليط الضوء على تفاصيل منتجات زراعية وصناعية وابتكار منتجات استهلاكية من مواد محلية ويتم التعليق عليها من مختصين يناقشون أصحاب الفكرة وكيفية تنفيذها وتسويقها إيجابياتها وسلبياتها …وهكذا كان برنامجا إبداعيا تعليميا توعويا تثقيفيا يخدم أهداف تصب في صالح هذه الأعمال ودفعها للتجويد والإنتاجية الاقتصادية والتجارية والصناعية وفي نفس الوقت لحض روح الإقدام والتنافسية وإنشاء الشراكات الاقتصادية واستنهاض الهمم أمام جمهور الشباب والمتابعين للبرامج من الأسر والرفاق وزملاء الدراسة . ومشروعي كان شراكة ذكية بين المجلس الثقافي البريطاني وامانة شباب الأعمال باتحاد اصحاب العمل والسفارة البريطانية لنشر ثقافة الاعتماد على النفس واقتحام مجالات جديدة لريادة الأعمال بين الشباب وعدم الاتكالية والخنوع والبطالة وإدخال منتجات جديدة لسوق العمل وبروح تنافسية . البرنامج اظهر قدرات شبابية ناضجة وحيوية كانت تفتقد التوجيه والنصح ولأكثر من دورة دخلت لحلبة التنافس كثير من الافكار المبتكرة والمعتمدة على الخام المحلي حتى ولو لم تجد حظها لمنصة التكريم وحيازة الجوائز. وكثير من الافكار التي وجدت حظها ربما شجعت آخرين لاقتحام التجارب وتطويرها كما ان البعض ادخل منتجات ربما جديدة على الخارطة الاستهلاكية المحلية كاستزراع وتربية الربيان وطائر السمان وغيره … لتأتي ثورة ديسمبر والتي كشفت عن طاقات شبابية كانت كامنة ومطمورة محبطة ومنزوية وحينما وجدت من يحركها نفضت عنها الغبار وهبت هبة رجل وحققت انجازات ثورية كانت شبه مستحيلة وأبرزت قدرات مجتمعية وفنية وتحدي الصعاب … محزن ان هذه الطاقات الشبابية تقف عند نجاح الثورة دون ان يتم تحريكها وتوجيهها لمسارات أخر إنتاجية ونهضوية تدعم وتعدل في عجلة الاقتصاد المهترئة ..صحيح ان لجان المقاومة والتغيير ما زالت تلعب بالأحياء أدوارا مفصلية لحراسة مكتسبات الثورة وتغذيتها بالوقود والحماس لكي لا تنزلق عن مساراتها ولتكون جذوتها مشتعلة… الخ، ولكن ليس هذا بالكافي قياسا بالطاقات الكبيرة للشباب ولابد ان تتفرع مسارات اخرى تصب في خانة التنمية المستدامة والإنتاجية والتعمير وفتح منافذ جديدة للإعاشة ومحاربة الفقر وتوطين المهمشين والنازحين ونأمل ان تبادر المؤسسات المالية وقطاع الأعمال والشركات ضمن مسؤوليتها الاجتماعية. لدعم هذه المبادرات الشبابية ولابد ان يقوم الإعلام بدوره لحض الهمم ونفض الغبار والتوجيه لمسارات علمية وعملية فمن يتابع خارطة البرامج التلفزيونية يجدها اما حديث مكرر ومستهلك وإما دق للطبل في حين يشكو الشباب من الفراغ وتحترق طاقاتهم وتتكسر أمام قطار الثورة الذي وقف مكانه قياسا بالهموم والمآلات والتطلعات والأحلام للغد الاخضر كل هذا وغيره بذرته كامنة في شبابنا فاستنهضوا هممهم . [email protected]