انفعال وتجاوب السودان وأهله مع القضايا العالمية معروف وموثق وتأتى قصيدة آسيا وإفريقيا للشاعرالدكتور تاج السر الحسن مثالا لذلك التجاوب ودليلا قاطعا عليه والتى يقول فيها : عندما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمة ويطل الفجر في قلبي على أجنحة غيمة سأغني آخر المقطع للأرض الحميمية للظلال الزرق في غابات كينيا والملايو لرفاقى في البلاد الآسيوية للملايو ولباندونق الفتية ويتوقف تاج السر الحسن في أندونسيا ورئيسها أحمد سوكارنو يا صحابي فأنا ما زرت يوما أندونسيا أرض سوكارنو ولا شاهدت روسيا .. ولا يذكر الشاعر تاج السر الحسن إلا ويذكر معه الشعراء محي الدين فارس , محمد المفتاح الفيتورى وجيلى عبدالرحمن صاحب ديوان الجواد والسيف المكسور والقصيدة الشهيرة (أحن اليك يا عبري حنينا ماج في صدري) وأربعتهم من مدرسة شعرية واحدة ..أصدر تاج السر وجيلي ديوان شعر مشتركا باسم (قصائد من السودان) وكان ذلك في عام 1956م خلال فترة وجودهما بالقاهرة ولجيلي في هذا الديوان قصيدة بعنوان (كوريا) يفتخر فيها بمقاومة الكوريين للاستعمار.. وقصيدته لكوريا تذكرنا بتلك الأغنية الخفيفة (الله لي كوريا يا شباب كوريا) والتي تعكس بصورة مباشرة انفعال الشارع السوداني وتجاوبه مع قضايا وهموم الشعوب الأخرى.. وشهدت باندونق العاصمة الأندونسية في عام1955م عقد المؤتمر التأسيسي لحركة عدم الانحياز Non Aligned Movement وشارك السودان فيه بوفد برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري ويقال إن الوفد ولعدم وجود علم للسودان (وكان ذلك بالطبع قبل الاستقلال ). استعان بمنديل ووضعه أمامه على المكان المخصصة للسودان ..وعلى ذكر العلم, فالعلم السابق بألوانه الثلاثة , الأزرق والأخضر والأصفر لا يزال (يهبب) في عدد من الدور وأشهرها منزل الزعيم الأزهري.. الكثير من الدول (تحظر) رفع علم غير العلم الرسمي باعتباره من رموز السيادة للدولة كالشعار والعملة وغير ذلك ولكن روح التسامح The Spirit Of Tolerance المتأصلة في السودانيين لاتتمسك كثيرا بمثل هذه (الرسميات)) إضافة الى أن هناك رابطة وجدانية (تشد) السودانيين جميعا لذلك العلم , لارتباطه الحميم بملحمة الاستقلال والحرية بكل فصولها.. وعلى قاعدة الشيء بالشيء يذكر , فشعارنا السابق, وحيد القرن, والذي قيل إن من أسباب استبداله بصقر الجديان أن وحيد القرن حيوان غبي وأحمق, صدق هذا القول أو لم يصدق ولكن هذا (الخرتيت القرنو طويل) معرض للانقراض بسبب قرنه والذي (يشاع) أن مسحوقه يعالج بعض (العلل) .. وأجود أنواع الخناجر والتي لا يكتمل اللباس القومي في منطقة الخليج إلا بها , تلك المصنوعة مقابضها من قرن شعارنا السابق وهذا سبب بدوره يعرض هذا الحيوان للفناء .. وعودة للمؤتمر التأسيسي لحركة عدم الانحياز, شاركت في ذلك المؤتمر القيادات التاريخية لحركة عدم الأنحياز, الرئيس المصري عبد الناصر, رئيس الوزارء الهندي جواهر لآل نهرو, الرئيس اليوغسلافى تيتو والرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو..وعلى ذكر سوكارنو يقال إن اسمه ( طبعة) أندونيسية لاسم سوركتي الدنقلاوي. ذلك الداعية الذي هاجر لأندونسيا وأشتهر هناك حتى لقب بشيخ الإسلام وأن الرئيس سوكارنو سمي تيمنا به .. وسوركتي من الأسماء الشائعة في إقليمدنقلا ومناطق البديرية الدهمشية (ويقال) إنها تعني بالعربية قارئ الكتاب.. وعودة لقصيدة – آسيا وأفريقيا – فأنها حفلت (بالتضامن) مع العديد من البلدان .. كينيا , الملايو , مصر (أم جمال أم صابر) الجزائر , المغرب, روسيا , الصين الجيدة , سوريا (يا دمشق كلنا في الهم والآمال شرق) والهند وشاعرها طاغور المغني , وطاغور( Rabindranath Tagore) يعد من أعظم شعراء الهند وأول آسيوي يحصل على جائزة نوبل.. يحكى أن مطربا ناشئا (وما أكثر المطربين الناشئين حين تعدهم) تجرأ وغنى – آسيا وأفريقيا - وعندما وصل لمقطع الهند والشاعر طاغور (سودن) الاسم الى طيفور وقال (صوت طيفور المغني) وهذا (الفاول) أشار اليه في كتاباتهما وأحاديثهما الدكتوران محمد عبدالله الريح وحسن أبشر الطيب .. ويلاحظ أن الشاعر تاج السر الحسن كان يتنقل في قصيدته من أفريقيا الى آسيا (وبالعكس) معبرا عن تضامنه مع شعوب تلك البلاد وهو تضامن وكما أشرت من قبل يعبر عن انفعال السودانيين بقضايا وهموم غيرهم من الشعوب .