ما تزال شوارع الخرطروم تشهد اغلاقا وحرقا للاطارات، وأمس الخميس شهد شارع الكلاكلة اغلاقا وحرق اطارات لشباب حي القلعة احتجاجا على عدم حضور مسؤولين للحي بعد أن ادى فيضان النيل لانهيار عدد من المنازل، وتسبب اغلاق الشارع في زحام مرورى كبير في أكثر الشوارع حيوية جنوبالخرطوم. مثال للدكتاتورية البعض يعتبر أن اغلاق الشوارع او (تتريسها) من علامات نجاح ثورة ديسمبر المجيد، فكان الثوار يجيدون هذا الفعل لمنع تاتشرات القوات النظامية في عهد النظام السابق من ملاحقة الثوار في الاحياء الداخلية، فكانت البداية منطقة بري التي عرفت بشراستها في مقاومة النظام البائد، وبعدها اصبح (التتريس) امرا ضروريا قبل الخروج في الاحتجاجات بولايات السودان .. واحيانا يتم تكليف بعض الشباب في الاحياء لانفاذ الامر، وفي بعض المناطق عرف اناس ب(حراس) التروس، وفي اعتصام القيادة العامة كانوا صمام الامان، كما أن بعض شهداء ثورة ديسمبر تم اطلاق الرصاص عليهم في التروس وما تزال صورتهم محفورة في الذاكرة. محللون اعتبروا أن آليات لجنة المقاومة محدودة وغالبا يلجأون إلى (تتريس) الطرق لان من يقومون بهذا العمل هم ابناء الحي، ويدخلون في كر وفر مع القوات النظامية، مشيرين إلى أن ما تقوم به لجان المقاومة من تتريس وغيره لا يمكن أن يشكل آلية ضغط على الحكومة او على سياساتها، مشيرين إلى أن الحاضنة السياسية نفسها تشتكي احيانا من عدم اشراكها في تنفيذ القرارات . القيادي ب(الحرية والتغيير) وممثل الجبهة الثورية محمد الامين اكد في حديثه ل(السوداني)، أن لجان المقاومة تعتبر التتريس آلية ضغط على الحكومة ويمكن أن تؤثر في قراراتها السياسية، مشيرا إلى أن الحكومة ستمضي في حوار معها لأن الاغلاق يتم لطرق حيويه، وقال اذا لم تحقق الحكومة مطالب الثورة السودانية فلتذهب، واذا لم تستجب لمطالب الثوار سنسقطها، واضاف : (حواء والدة)، مستدركا : الشهران القادمان فاصلان في عمر السودان ولا بد من تضافر الجهود لإنجاح الفترة الانتقالية التي كان مهرها دماء الشهداء والجرحى والمفقودين . الامين اكد أن عمل لجان المقاومة هو عمل منظم جدا، ووسيلة ممتازة للتعبير، مستدركا : البعض يعتبر أن (تتريس) الطرق يؤدي إلى تأخير حركة المرور، لكن المواطن هو مستفيد من هذا الفعل لان لجان المقاومة همها الاول والاخير أن يتمتع المواطن بوضع افضل، مشيرا إلى أن الحكومة احيانا تتخذ قرارات دون مشاروة الحاضنة السياسية فيها، لافتا إلى رفضهم لقانون الحكم المحلي لانه لا يميز بين السلطان واعتبره مثالا للدكتاتورية، مؤكدا أن لجان المقاومة مستقلة وواعية وتدرك عملها تماما، ولا يمكن اختراقها من قبل الاحزاب السياسية، مشيرا إلى أن بعض الاحزاب تريد أن تضمها اليها، وقال إن بعض الاحزاب السياسية رفضت التصعيد الثوري بحجة انه سيعجل برحيل الحكومة الانتقالية . إفشال الحكومة بعد موكب جرد الحساب الأخير نفذت لجان مقاومة بري والديوم الشرقية تصعيدها الثوري بإغلاق الشوارع بالتتريس وحرق الاطارات، واعلنت اغلاق شارع الستين واعتذرت للمواطنين . رئيس مجلس الوزراء دعا خلال لقائه الأخير بالاذاعة القومية إلى تضافر الجهود لنجاح ثورة ديسمبر، وارسل رسالة إلى لجان المقامة بأنهم في مركب واحدة فإذا غرقت سيغرق الجميع، مؤكدا انه لا يوجد منتصر او منهزم فالمنتصر هو الوطن . مدير معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية بجامعة أم درمان الاسلامية والمحلل السياسي صلاح عبد الرحمن يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أن عملية (تتريس) الشوارع هي طعم من الدولة العميقة وان الثوار (بلعوا) الطعم، معتبرا أن السيناريو المتوقع هو أن يقوم الثوار بإغلاق الطرق وبالتالي تحدث فوضى من قبل الدولة العميقة، ثم يقوم بعض العسكريين في مجلس السيادة بالاستيلاء على السلطة ويتم تعليق العمل بالوثيقة الدستورية والاعلان السياسي، ومن ثم يتم ابعاد رئيس مجلس الوزراء ويعلنون حكومة مستقلين، واضاف : ستكون حجتهم بأنه لا بد من تدارك الموقف حتى لا تنزلق البلاد إلى الفوضى . عبد الرحمن دعا لجان المقاومة الى أن تكون مساندة لرئيس الوزراء لاتخاذ قرارات اكثر جرأة، وعدم ترك فرصة لانصار الثورة المضادة لافشال الحكومة الانتقالية، وقال "هذه مؤامرة لتكون ذريعة ومسوقا للانقلاب على الشرعية الثورية"، داعيا لجان المقاومة أن تكون آلية ضغط ليكون على المكون العسكري، بغرض مساندة رئيس الوزراء لاتخاذ اجراءات اكثر جرأة .