تدافع العشرات من المواطنين مساء أمس لإغلاق الطريق عبر إشعال الإطارات ورشق السيارات بالحجارة احتجاجاً على إغراق مياه الصرف الصحي لمنازلهم، وقد تدخلت قوات الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. قد يبدو الخبر أعلاه عادياً ويعكس مشهد تظاهرة غاضبة للمواطنين، ولكن الأغرب ليس فيما سبق بل في خلفية المشهد، في لحظة انهار تماما السياج الذي قاتلت جهات معينة بوزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم لضربه حول التجاوزات في محطة الصرف الصحي بالحاج يوسف بمحلية شرق النيل الشهيرة بود دفيعة والتي تعود لعقد من الزمان، انهار سياج السرية رغم محاولات إخفاء تشققات جدران الصهاريج بالمشمعات. مصادر عليمة أكدت ل(السوداني) أن المحطة كلفت في وقتها (10) ملايين دولار واختلطت رائحة التجاوزات مع رائحة مياه الصرف الصحي التي فاضت لتغرق المنطقة والمزارع وتهدم المنازل التي حولها وتقتل البهائم والدواجن وتتسبب في خسائر فادحة لملاكها، لم تكتف محطة "ود دفيعة" بابتعاث الروائح الكريهة وتصدير الذباب والأمراض الى أهالي المنطقة بل أصرت أن يمتد أثرها ليكون أذى جسيما ووصمة عار على جبين المسئولين عن الأخطاء الفنية في جسم المحطة، أبسط ما يقال إنه الطوفان الذي حذر منه خبراء البيئة لسنوات لكن لم يكترث لهم أحد. سبق أن فاضت ذات المحطة في العام 2004 فتم تداركها سريعا بردم كميات من التراب وعمل سدود تحجز المياه وتمنعها من التسرب الى داخل الأحياء والمزارع. لعنة تلازم المحطة التي بدأ إنشاءها الامريكان في العام 1973 وتوقفوا دون إكمال إجراءات المعالجة ولفترة تجاوزت الثلاثين عاما تكفلت الشمس بتجفيف الأحواض التي تتجمع فيها المياه، وحين قررت ولاية الخرطوم إنهاء معاناة المنطقة في بداية القرن الحالي بعمل محطة حديثة لمعالجة مياه الصرف الصحي فشلت في إنهائها وأصبحت نسمة الهواء تشكل خطرا على المواطنين فإذا ما هبت نسمة رقيقة تفيض بسببها أحواض الصرف الصحي بعد أن أرجع مدير هيئة الصرف الصحي بالولاية المهندس محمد المكي فيضان المحطة الى الرياح والأمواج.