قرأت هذا التصريح لوزير الإعلام السوداني أحمد بلال ولكنني لحظت أن معظم المواقع التي أبرزته كانت إسرائيلية أوإيرانية أو موالية للطرفين وأحيانا بخطوط صارخة على شاكلة... السودان يعلن إستهدافه للمصالح الإسرائيلية أما التصريح فقد كان: (وعدت السلطات السودانية بأنها ستتخذ خطوات أكثر حسما تجاه المصالح الإسرائيلية التي تعتبرها من الآن أهدافا مشروعة لها، بعد أن قصفت إسرائيل "مجمع اليرموك للتصنيع الحربي") تطابق الإعلام الإيراني والإسرائيلي على إحتمالية إستهداف الخرطوم للمصالح الإسرائيلية تفسيره أن من مصلحة النقيضين ضم أرض السودان لميدان المعركة، ولذلك فإن هذا التسويق الإعلامي للتصريح كشف البعد الحقيقي للأزمة. السودان الآن في مفترق الطرق ... لديه توافق مع إيران وحركات (المقاومة) ولديه علاقات متحسنة ببطء مع دول غربية عديدة ولديه تعاون إستخباري قوي على مكافحة الإرهاب مع الولاياتالمتحدةالامريكية ولكن هذا الإعتداء ربما يرجح كفة إيران لأن العدو المشترك أعلن الحرب ومارسها عمليا. تصريح آخر : (قال السيد علي كرتي وزير الخارجية السوداني، إن حكومة إسرائيل أرادت بعدوانها على مجمع «اليرموك» الصناعي بالخرطوم، التأكيد للإسرائيليين على أن نتنياهو هو من يحمي أمنهم، مشيرا إلى أن ضرب المجمع جاء في إطار السباق الانتخابي في إسرائيل، حيث يعاني التحالف المكون للحكومة الإسرائيلية الآن حالة ضعف ويحاول أن يلملم أطرافه. وأضاف كرتي، أن إسرائيل توهمت كثيرا عندما ضربت المجمع الذي ينتج أسلحة تقليدية جدا، وهي تعلم أن من حولها من الفلسطينيين الرافضين لوجودها وسياساتها قد طوروا أسلحة متقدمة بكثير جدا من الأسلحة الموجودة في مجمع اليرموك. وتابع الوزير قائلا : إن ضرب المجمع لن ينفع اليمين الإسرائيلي فالأرض تنهار من تحته والعالم أجمع يرفض مواقفها تجاه القرارات الدولية والإقليمية التي تؤكد حقوق الفلسطينيين) تصريح الأستاذ كرتي يقلب الصورة رأسا على عقب، لقد شرح بكل هدوء وبدون وعيد أن الأسلحة التي إستهدفتها إسرائيل (على قفا من يشيل!) في غزةوفلسطين ولبنان و(على عينك يا تاجر!) في سوريا والعراق بيد أن المشكلة الحقيقية ليست بين إسرائيل والسودان إنما بينها والعالم فقد بدأت إسرائيل تفقد مناعتها ضد القرارات الدولية. لقد تلقت لطمة قوية في (اليونسكو) وإنسحبت من مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وجاءتها الثورات العربية بما لا تشتهي ومن لا تحب وهي الآن كما يقول على كرتي مرتبكة تحت قيادة تحالف غير منسجم ومترددة في توجيه الضربة لإيران وسترتبك أكثر عندما تضطر إلى مواجهة فلسطين حالما تتقدم للجمعية العامة بطلب العضوية. تصريحات كرتي لحسن الحظ تلتحم هذه المرة مع خطاب الرئيس عمر البشير: (إسرائيل غشيمة وأصابها الطيش والرعب من التغيرات السياسية والاجتماعية التي سرت في المنطقة) ... غشيمة يعني أنها تخدع نفسها وتسليها بهذه الضربة الجوية تماما مثلما هرب الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون من فضيحة (مونيكا لوينيسكي) بضرب مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم العام 1998 بحجة أنه مصنع أسلحة كيماوية. إنقشع الغبار عن المشهد الدولي ليظهر أمران، أنقاض المصنع في السودان وسروال مونيكا الداخلي في قاعة المحكمة ليعترف كلنتون قبيل ذهاب السروال إلى المعمل خوفا من مطابقة حمضه النووي مع ما سكبته نزوته و(غلطة عمره) على السروال. ثم إتضح أن قصفه للشفاء ذاته نزوة سياسية وأن المصنع ينتج البندول ومضادات إسهالات الأطفال وأن حارسه القتيل خفير من أبناء جنوب السودان ولا يوجد جوار المصنع ولا حتى قسم بوليس!