مقطوعة من الحان الزمن الجميل * أول فنان غنيت وراهو أبو داؤود وهو من أتاح لي فرصة كبيرة جداً عشان أدخل مجال الفن والموسيقى من أوسع الأبواب!. في عوالم الموسيقى والأوركسترا الفنية، نجد فيها ومنذ ظهور الغناء والموسيقى السودانية العديد من الموسيقيين السودانيين والذين نظن أن من أبرزهم كل من محمدية ، محمد عبد الله عربي، عبد الفتاح الله جابو، خميس مقدم، عبد اللطيف ود الحاوي، برعي دفع الله ، كمال يوسف، هؤلاء كأمثلة فقط وليس حصراً، وضمنهم برز أيضاً مبدعنا، وهكذا ومنذ عام 1959 خلال انضمامه للأوركسترا الفنية التابعة لإذاعة أم درمان وحتى اليوم الماثل، ظل يرفد المكتبة الغنائية السودانية بعشرات الألحان والمؤلفات الموسيقية التي ساهمت في ترقية الحس الموسيقي لدى المستمع السوداني، وهكذا ظل يبدع ويبدع ويبدع، حتى ظل يتوهج إبداعاً، فأصبح رقماً في سماء اللحن السوداني، وهكذا أضحى الموسيقار بشير عباس ولوحده مقطوعة من الحان الزمن الجميل، نلتقيه في هذه السانحة بمنزله الجميل ووسط دفء أسرته في مدينته الآخاذة سانت كاثرين بمنطقة أونتاريو بكندا لنقضي معه وقتاً طيباً نقلب فيه معه بعض من أوراقه ودفاتره وكذا ذكرياته، وهكذا أيها القارئ العزيز تابعنا مشواراً فنياً باذخاً قاسمنا فيه الصديق دكتور مصطفى مدثر مع مبدع منح لقاءنا به دفئاً في مدينة تحيطنا فيها ثلوجها وفي بلد يحاصرنا فيها صقيعها. * للعواد السوداني صادق شيخ الدين جبريل تجربة في تدريس العود العربي ببلجيكا مع العواد العراقي الأشهر نصير شمة، بالنسبة ليك كموسيقار وملحن وعواد ليه ما كان عندك إهتمام زي ده في السودان ، حتى لو في إطار المواد البتدرس في معهد الموسيقى أو حتى في قصر الشباب للهواة؟!. – بالمناسبة أنا ما بعرف ولا حرف واحد في الموسيقى السودانية، ما بعرف حتى نوتة موسيقية ولا درستها، أنا ربنا منحني موهبة عزف الموسيقى السودانية. * يعني علمت نفسك بنفسك حتى في العزف على العود؟. – نعم أنا أصلاً مافي زول علمني العود وممكن لو مسكت العود أقول ليك ده صولو وده كده ودا كدا، لكن تجيب لي نوتة موسيقية، حا أكون زي الزول القدامو لغة صينية!. * عشان كده بتفتكر الموهبة حاجة أساسية في تطور الفنان؟. – نعم أنا بفتكر الموهبة هي أساس نجاح الموسيقار، سواء مطرب أو عازف، ومع احترامي لجهد الأستاذين جبريل وشمة، بس بفتكر المعاهد براها ما ممكن تطلع ليك مبدع ما عندو أصلاً أساس بتاع موهبة!. *،،،،،!. – خد عندك العازف الخواض الله يرحمو، ده كان أعظم عازف كمان بالسليقة ساكت، عزف الدوبيت السوداني، يعني لو جابو ليك أعظم موسيقار عالمي وطلبوا منو يعزف ليهم دوبيت، ما أظن إنو حا يقدر زي ما قدر الخواض لأنو دي موهبة ساكت، والموهبة كل شيء. * خلينا نتكلم في الاطار ده ذاتو، يعني إنت وخواض الله يرحمو، ما كان ممكن تقدما إسهاماتكما للمواهب سواء في كلية الموسيقى أو قصر الشباب بالموهبة المتوفرة في الدارسين بالفهم الشرحتو إنت؟. – ممكن جداً طبعاً، بس أنا شرحت ليك إنو الدراسة الأكاديمية والشهادات العليا ما أي شئء، فعندنا عدد من بعض الخريجين الموسيقيين وما كلهم طبعاً، ما استطاعوا تقديم أي مؤلفات موسيقية رغم شهاداتهم العليا، مش حاجة غريبة!. * بتسمع سميفونيات كلاسيكية عالمية؟. – بسمع مش كتير ورغم إني بعتبر موسيقيين زي بتهوفن وموزارت مثلاً ما بتكرروا ، لكن أنا بميل للاستماع أكتر لموسيقى الفولك الأمريكية وبسمع كتير زي جيمس براون وستيف ووندرس وحتى مايكل جاكسون وكتير بستفيد منهم في التأليف الموسيقي، إضافة لموسيقى جنوبأمريكا برضو زي البرازيل ومزازيك السلم الخماسي وكدا، وطبعاً الاستماع للموسيقى الشرقية شيء أساسي بالنسبة لي. * طيب خلينا نسألك في الاطار ده وبدون تواضع، خليفتك منو في عزف العود؟. – "بعد فترة صمت طالت" والله ياخ ما شايف غير خوجلي عثمان رحمة الله عليهو، ومعاهو أبو عركي البخيت. * محمد الأمين كيف؟. – لا طبعاً محمد الأمين في القمة، وفنان وموسيقار كبير موهوب جداً. * غياب محمدية ما بتفتكر إنو خسارة للساحة الفنية في السودان؟. – يا سلام دي خسارة كبيرة طبعاً، دخل قدامي بإسبوعين، الناس عرفوهو بالصولات، ومن تواضعو كان ورغم إنو عارف نفسو متمكن في عزف الكمنجة لكنو كان بتمرن يومياً عليها لمدة ساعتين، وكان معجبا جداً ومتأثرا بإمكانات عبد الله عربي، وده بوريك التواضع إلى جانب الموهبة، عليهو الرحمة. * رغم أنو الأسرة ترتبط بشكل أو آخر بالموسيقى لكن الملاحظة لمن إنت قررت الدخول لمجال الفن ووجهت باعتراض من الأسرة، ليه؟. – لأنو غالبية أولياء أمورنا مرتبطين بالجيش وبالصرامة وكانوا ضباطا كبارا، وفي تربيتم لينا، ورغم محبتهم للموسيقى والفن، بس كانوا دايرننا نكون في مهن فيها صرامة، إمكن عاوزننا نكون جياشة وضباط كبار زيهم. * يقال إنو عمك اللواء حسن بشير نصر ورغم إنو كان ضابطا معروفا بالصرامة وكان نائب القائد العام للقوات المسلحة في فترة الحكم العسكري الأول والرجل التاني في الدولة بعد عبود، ولكنه كان برضو بيميل للموسيقى والعزف، صحي الكلام ده؟. – أيوة صاح، عمنا حسن بالمناسبة كان برضو عندو صوت رخيم ويجيد العزف بي خشمو ويعزف العود، كان ليهو صداقات وسط العازفين. * زي منو مثلاً؟ – زي عبد الفتاح الله جابو وعبد الله عربي وعبد الله كان صراف في الجيش، حكى لينا عربي قال إنو حسن بشير كان بهتم بالموسيقيين ومرة استدعاه في مكتبو وقال ليهو جاتنا بعثات للنمسا وفيها خانة للتدريب على آلة موسيقية لمدة سنة، وقال ليهو أنا إخترتك إنت، ومن الطرائف البحكيها عربي قال إنو قضى السنة كلها في النمسا للتدريب على كيفية إنو يمسك الكمنجة بطريقة صحيحة، يعني سنة كاملة قضاها بس عشان يمسك الكمنجة صاح، عشان كده لو بتلاحظ إنو طريقة عربي في مسك الكمنجة حقتو بتختلف عن بقية كل العازفين التانين!. * بمناسبة ناس الله جابو وعربي، إنت متين دخلت الاذاعة وكيف والامتحنوك منو؟. – بتذكر في الوكت داك كان في مشروع الجزيرة وكان عمنا صالح محمد صالح المك هو محافظ المشروع، فجيت اشتغلت تايبيست في سكة حديد مشروع الجزيرة، قمت قابلت واحد اسمو محمد عثمان عشرية رحمة الله عليهو وكان لاعب كورة مشهور في نادي الاتحاد وكان عندو صوت جميل جداً وكان بغني لأحمد المصطفى وحسن عطية، ومعرفتي بيهو كانت من زمن المدرسة الوسطى، لمن أنا كنت في تانية وسطى كان هو في سنة تالتة، عرفتو في احتفالات الجمعية الأدبية في المدرسة كان بغني وأنا بعزف ليهو، وبقينا نوقع الاغاني سوا في احتفالات السكة حديد، كان المدير العام لسكة حديد الجزيرة اسمو خلوصي ونايبو المهندس اسمو التلب، لمن سمعني بدا يقول لي يا ابني مكانك مش هنا انت لازم تمشي تنضم للاذاعة، وفعلاً بتذكر في شهر سبعة سنة59 ده كان اليوم القبلوني فيهو. * المعاينة بتاعت القبول كان فيها منو؟. – كان فيها برعي محمد دفع الله وعبد الله عربي ومصطفى كامل بتاع القانون وكان في البعثة المصرية، فقالوا يخلقو لي وظيفة لانو عاوزني في الاذاعة بعد ما اقتنعوا بي، فالوظيفة كانت سكرتير أوركسترا الاذاعة يعني أحضر كل شيء بالنسبة للأوركسترا من ناحية العازفين وأسماء الفنانين العاوزين يسجلوا والبروفات وتحضير حفلات المسرح. * بعد ما قبلوك في الاذاعة أول الفنانين العزفت وراءهم كانوا منو؟. – ده كان قبال ما يقبلوني، بتذكر الوالد كان شغال صراف في مركز سنار قمت مشيت اشتغلت موظف في الري بسنار، وبتذكر في سنة 57 وصل عبد العزيز محمد داؤود لسنار، وكان من أعز أصدقاء الوالد، كان عندو حفلة في سينما سنار وجا نزل مع أبوي في البيت، كان معاهو كل العازفين ما عدا برعي محمد دفع الله، وكانت كل الحان عبد العزيز من الحانو. أنا كنت اصبحت متمكنا جدا في عزف العود، فعبد العزيز قال لي رايك شنو الليلة تطلع تعزف معاي ، ودي كانت أول مرة أطلع فيها المسرح وأعزف لفنان كبير زي عبد العزيز، وبتذكر أول أغنية عزفتها معاهو اسمها "سمير الروح قلبي حباهو". فعبد العزيز بالحفل ده أتاح لي فرصة كبيرة جداً عشان أدخل مجال الفن والموسيقى من أوسع الأبواب وبالفعل هو رباني واهتم بي فنياً وأنا بعتبرو أبوي عديل في الفن عليهو رحمة الله.