أزمة ثقة حادة تخلقت بين حكومة الفترة الانتقالية في السودان، والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا 2020، بسبب تأخر تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية.. وشهدت ورشة نظمتها مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج (DDR) بالتعاون مع الشركاء الدوليين، جدلاً كثيفاً وتبادل للاتهامات بحسب (التغيير الالكترونية)، وسط مطالبات من قادة الحركات بإعادة هيكلة المفوضية، ووسمها بتمثيل للنظام البائد. نظمت المفوضية ورشة تنويرية لقيادات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا ببرامج المفوضية وقوانينها المتبعة في التسريح وإعادة الدمج، برعاية برنامج الأممالمتحدة الانمائي، بمشاركة بعثة الأممالمتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس). إعادة هيكلة "مختصون في المماطلة وقتل الوقت" هكذا وصف المفوضية أحد القيادات العسكرية بالجبهة الثورية، وزاد في اتهامها بأنها السبب الرئيس في عدم تنفيذ كافة اتفاقيات الترتيبات الأمنية منذ اتفاق السلام الشامل 2005. وقال القيادي ل(التغيير) إن سبب انهيار كافة اتفاقيات السلام السابقة يعود لفشل النظام السابق في تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية. وطالبت الحركات إعادة هيكلة المفوضية، التي تتهمها بأنها لا تزال تضم عناصر النظام البائد، مضيفة شرط تمثيلها داخل الإدارات المختلفة. وأمنت توصيات الورشة، يوم الخميس، على مطلب الحركات المسلحة بإعادة الهيكلة والمشاركة في عمليات تخطيط وتنفيذ البرامج. على صعيد متصل؛ اتفق الطرفان (الحركات المسلحة والمفوضية) على أهمية توفير التمويل اللازم لعملية إعادة التسريح والدمج ودعم حملة الشهادات الأكاديمية لمواصلة دراساتهم العليا. وحملت توصيات الورشة رفع الاستحقاقات المالية المقررة في برامج التسريح من 400 دولار ل1500 دولار، تقدم في شكل تمويل لمشروعات واضحة فردية أو جماعية. فيما طالبت الورشة برفع المخصصات في حالة الادماج من 1500 دولار إلى 20 الف دولار، مع زيادة الحزمة العينية من 3 جوالات ذرة إلى طن من الذرة. وشدد المجتمعون في ذات السياق، على عمل تحسينات في الأوضاع الأمنية والمعيشية في مناطق النزاعات بشكل خاص، من أجل تسهيل عمليات نزع السلاح والتسريح. تزوير الكشوفات "التعامل بشفافية تامة في رصد القوائم الخاصة بعملية التسريح وتسليمها إلى الجهات المعنية".. احتلت هذه التوصية الرقم (1) من مخرجات الورشة، مؤكدة اتهامات سابقة من الحكومة للحركات بمضاعفة كشوفات منتسبيها لتحقيق مكاسب مالية. حيث أكد مسؤول الإعلام بالمفوضية، عواض عثمان ل(التغيير) إنه "لم يتم تسليمنا كشوفات منتسبي الحركات حتى الآن". واوضح عثمان أن عمليات التسريح وإعادة الدمج تبدأ بالتسجيل في كشوفات رسمية يتم تسليمها للمفوضية، ثم التحقيق والكشف الطبي، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات تؤدي لاستخراج البطاقات للمسرحين وصرف حزمهم المالية. عقبة التمويل وكشف مسؤول إعلام المفوضية، أن هذه الورشة بمثابة ترويج للمجتمع الدولي والمانحين لتمويل عمليات التسريح وإعادة الدمج، وأضاف: "هذه مسؤولية المجتمع الدولي". وناقشت مفوضية نزع السلاح في الورشة مع المشاركين ممثلو المنظمات الدولية، ضرورة منحها التمويل لتقوم هي بمباشرة الصرف على متطلبات عملية التسريح والدمج، أسوة بالتجربة الرواندية. وقال مصدر مطلع ل(التغيير) إن المفوضية تتهم المنظمات الأممية بأن نسبة كبيرة من اموال الدعم تذهب لصالح عملياتها الإدارية الداخلية. وتوقع المصدر الذي فضل حجب اسمه، عدم استجابة الدول المانحة لمطالب المفوضية، مشيراً إلى الاختلاف الكبير بين الظروف في السودان ورواندا. وكان نائب رئيس هيئة الاركان، خالد الشامي، قد أعتبر في تصريحات سابقة أن التمويل الكافي يمثل إحدى العقبات الرئيسة التي تعترض تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية. تقدم في الاتفاق من جانبه، أعتبر قيادي بارز بالجبهة الثورية، أن قيام الورشة التعريفية بعمل المفوضية في نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، خطوة إلى الأمام في اتجاه تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية، الذي يتطلب 39 شهراً لتنفيذه وفق اتفاق سلام جوبا. وكانت الحركات المسلحة قد أصدرت بيان في مايو الماضي، تتهم فيه الحكومة الانتقالية بالمماطلة في تنفيذ بروتوكول الاتفاقات الأمنية باعتباره من أهم بنود الاتفاق الذي تم توقيعه في أكتوبر من العام الماضي. ولا توجد احصاءات رسمية لمنسوبي الحركات المسلحة، إلا أن التوقعات تشير إلى وجود عشرات الآلاف من المقاتلين المنتمين لخمس حركات رئيسية وهي: الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة مالك عقار، حركة العدل والمساواة برئاسة جبريل ابراهيم، حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي، بالإضافة إلى حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي يرأسها الهادي إدريس يحي (تم انتخابه سابقا رئيسا للجبهة الثورية)، وأخيرا حركة قوى تجمع تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر.