** تقرير المراجع العام لم يزعج حكومة ولاية الجزيرة، ولكن أزعجتها الصحف التي نشرت بعض التقرير وليس كله.. فالبيان الذي أصدره الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية الجزيرة في صحف البارحة يعكس الوجه الحكومي المنزعج من نشر أبرز مخالفة مالية، واجتهد الناطق الرسمي في نفي تلك المخالفة ولكن - لسوء حظ منطقه - أكد وقوع المخالفة واعترف بها.. اعتدى المدير العام لصندوق تنمية وتطوير المشاريع الصغرى على أموال قدرها المراجع العام ب(366.050 جنيها)، وكان يجب ملاحقته نيابيا وقضائيا ليسترجع المبلغ ثم يُحاكم، كما ينص القانون، ولكن هذا ما لم يحدث، بل وجه الوالي البروف الزبير بشير طه - قبل أن يكتمل الإجراء القانوني ضد المعتدي - وزير ماليته بتسديد ذاك المبلغ المعتدى عليه إنابة عن المعتدي، وهذه مخالفة واضحة لكل قوانين الأرض والسماء.. إذ ما ذنب أهل الجزيرة ليسددوا- انابة عن المختلس- فاتورة المبلغ المختلس؟، فالمال الذي دفعته وزارة المالية هو مال عام يخص أهل الجزيرة جميعا، فبأي حق يستر به والي ولاية الجزيرة ذاك المدير؟، أو هكذا السؤال الذي لن يجد ناطقا رسميا يرد عليه بالمنطق والقانون، وليس ب (اللولوة) و(اللف والدوران)، كما لسان حال بيان البارحة..!! ** هذه المخالفة لم تدهشني، أي ليست ببدعة أن يسدد والي ولاية الجزيرة فواتير المال المختلس من بنود المال العام، ولم - ولن - تسقط من ذاكرة الناس والتاريخ والصحف حادثة جامعة الخرطوم عندما كان البروف الزبير بشير مديرها، لقد اختلس أحد العاملين تحت إدارته مالا عاما بالجامعة واعترف به وتم فتح بلاغ في نيابة الأموال العامة، ولكن قبل اكتمال مرحلتي التحري والتقاضي و - بتوجيه من البروف الزبير ذاته - تم حفظ البلاغ والسماح للمختلس بأن يواصل عمله ويسترجع المبلغ المعتدى عليه خصما من راتبه و(خلاص).. ذاك ما حدث، والتفاصيل بأرشيف الزاوية، ولذلك لم يدهشني أن يسدد والي ولاية الجزيرة ثغرة فساد مدير الصندوق خصما من بنود حقوق أهل ولايته.. ولذلك، نعيدها لحكومة الجزيرة ولمجلسها التشريعي ولناطقهم الرسمي، بالنص الصريح: (واليكم هو الذي ارتكب أبرز المخالفات المالية في العام المالي 2010)، كما يوضح تقرير المراجع العام.. تلك هي الحقيقة، وليس هناك من داع لإهدار المزيد من المال العام في (بيانات النفي)..!! ** وبالمناسبة، تلك المخالفة طفيفة جدا، ونشرها لم يزعج غير الوالي.. ولكن الطامة التي يجب يُزعج نشرها المجلس التشريعي وكل أهل الجزيرة هي النصوص التالية: لحكومة الجزيرة شركات وأسهم في شركات، قدر المراجع عددها ب( 13 شركة)، بعضها خاسرة وأخرى ذات أرباح، ثم هناك شركات متوقفة عن العمل وأخرى قاب قوسين أو أدنى من التوقف، وكل هذا ليس مهما.. ولكن المهم جدا هو أن إستثمارات هذه الشركات لا تظهر في الدفاتر المالية ذات الصلة بوزارة المالية، ولذلك لا تظهر في الحسابات الختامية لحكومة الولاية، أي كل أموالها - بما فيها من أرباح وخسائر – لا تدخل في القنوات المالية الرسمية التي يجب أن تصب وتظهر في (الحساب الختامي)، وهذا ما يجب أن يُزعج سادة برلمان الجزيرة وكل أهل الجزيرة.. ثم، ظلت حكومة الولاية تصرف لكل وزير ولكل معتمد مبلغا قدره (3 ملايين جنيه شهريا) طوال العام ا2009، تحت مسمى (بدل ضيافة)، وكشفها المراجع العام ووصى بإيقافها لأنها مخالفة لقانون شاغلي المناصب الدستورية وامتيازاتهم، ولكنهم - منذ أغسطس الفائت - تحايلوا على تلك المخالفة بتغيير اسم ذاك البدل الى (بدل طبيعة العمل)، ليستمر الصرف، ولا يزال مستمرا، ولا يزال المراجع العام يحصر حجم (الأموال المصروفة بغير وجه حق ).. وعليه يا نواب الجزيرة: هذه بعض المخالفات، للعلم فقط إن كنتم لا تعلمون، ونأمل ألا تهدر حكومتكم المزيد من المال العام في (بيانات النفي). !!