قال كاميرون هدسون، الدبلوماسي الأمريكي السابق والمسؤول السابق في البيت الأبيض إنه ليس من المستغرب أن يلجأ السودان إلى روسيا طلبًا للمساعدة، مؤكدًا أن زيارة وفد سوداني رفيع إلى موسكو لها دافع اقتصادي، على الرغم من أن روسيا ليست دولة مانحة. واعتبر مسؤول "السي اي ايه السابق" أن الرحلة إلى روسيا، بها إشارة إلى تحول استراتيجي ومحاولة اللعب على مخاوف الولاياتالمتحدة أو الغرب .
تحول استراتيجي :
وقال هدسون
كبير الباحثين في المجلس الأطلنطي إن بناء علاقات ودية مع السودان يخدم أيضًا المصالح الاستراتيجية لروسيا في إفريقيا. مشيرًا إلى أن روسيا تعمل على تعزيز وجودها في إفريقيا من خلال شراكة وعلاقة أعمق مع السودان، وبالنظر إلى الخريطة فقط، فقد حاولوا الحصول على موطئ قدم في ليبيا من خلال دعمهم ل خليفة حفتر.
من الواضح أيضًا أن علاقتهم قد ترسخت في جمهورية إفريقيا الوسطى. وحاليًا مالي، لذا فهم ينفذون استراتيجية لإعادة بناء نفوذهم عبر إفريقيا والعلاقة مع السودان، ويمنحهم ميناء بحري على البحر الأحمر ميزة استراتيجية ضخمة حقًا.
توقيت الزيارة:
من جانبه قال موقع "فويس أوف أمريكا"، إن زيارة أكبر قائد عسكري سوداني إلى روسيا، في اشارة إلى نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، تأتي وسط توترات بين الدول الغربية وجيش الخرطوم، وفي وقت يسعى فيه الغرب لعزل روسيا دبلوماسيًا وفرض عقوبات على تحركاتها ضد أوكرانيا.
ونقل الموقع الأمريكي عن الخبير الاستراتيجي اللواء ركن متقاعد أمين مجذوب قوله "يبدو أن الزيارة تدور في المقام الأول حول التجارة والاستثمار".
وأشار إلى أن الوفد يضم وزراء سودانيين مسؤولين عن المالية والمعادن والثروة الحيوانية والزراعة. لكن مجذوب قال إن الجانبين – وكلاهما يواجه العزلة الغربية – يمكن أن ينظر إلى التوترات بين روسيا والغرب على أنها فرصة. وقال مجذوب إن دقلو قد يرغب في استغلال الأزمة الأوكرانية الحالية لفتح باب لروسيا في إفريقيا عبر السودان. أو أنه ربما ترغب روسيا أيضًا في الاستفادة من الاحتجاجات (المناهضة للجيش) في السودان لمحاولة عقد صفقة بشأن قاعدة (عسكرية) روسية في البحر الأحمر في بورتسودان .
وتسعى روسيا إلى إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، والتي ستكون أول قاعدة عسكرية لموسكو في إفريقيا. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وافق على مسودة اتفاق للقاعدة في عام 2020، وهو ما طرحته الحكومة الانتقالية السودانية موضع تساؤل .
عزلة دولية:
فيما قالت وكالة رويترز إن الزيارة الرسمية تأتي في وقت يعتبر اختبارًا لكلا البلدين. حيث تواجه روسيا عقوبات غربية جديدة بعد أن وجهت قواتها بدخول شرق أوكرانيا بينما هددت الولاياتالمتحدة الجيش السوداني بفرض عقوبات بعد الانقلاب على الحكومة الانتقالية.
وبحسب رويترز يعتمد السودان بشكل كبير على المساعدات والاستثمار الأجنبيين، الا أنه حاليًا معزول إلى حد كبير عن كليهما بعد الانقلاب. وقد بدأت العملة في التراجع الحاد في السوق السوداء في الأسابيع الأخيرة .
وبحسب الوكالة البريطانية فإن السودان لازال يشهد احتجاجات شعبية مستمرة ضد حكم الجيش منذ أن تولى السلطة في أكتوبر من المدنيين في مجلس سيادي مشترك.
لكن بعد أسبوع واحد فقط من تولي الجيش السلطة، قال قائد الجيش السوداني لوسائل إعلام رسمية روسية إن القاعدة لا تزال مطروحة على الطاولة. وقال اللواء عبد الفتاح البرهان، في نوفمبر الماضي في حديثه لوكالة سبوتنيك الروسية للأنباء المملوكة للحكومة، إن القاعدة جزء من اتفاق قائم .
مصالح استراتيجية:
وكان معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن قد قال في ورقة بعنوان "العلاقات السودانية الروسية عقب انقلاب أكتوبر"، إن السودان يعاني حالة من الاضطراب السياسي البالغ منذ نهاية أكتوبر. لافتًا إلى أن موقف موسكو حيال الأحداث بالخرطوم كان غامضًا، في الوقت الذي أدانت فيه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي الانقلاب السوداني على الفور، حيث صرح نائب ممثل روسيا لدى الأممالمتحدة ديمتري بوليانسكي أنه "من الصعب القول ما إذا كان انقلابًا أم لا" وأشار إلى أن أحداثًا مثل تلك التي وقعت في السودان تحدث في أماكن أخرى من العالم دون أن يطلق عليها اسم انقلاب. فيما عزا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حالة عدم الاستقرار في السودان إلى الأعمال المزعزعة للاستقرار من قبل القوى الغربية، والتي أدت إلى تآكل وحدة أراضي البلاد وفرض الديمقراطية .
وبحسب الورقة فإن رفض روسيا إدانة مخططي الانقلاب يوضح قدرتها على الاستفادة من الناحية الجيوسياسية من تغير الرياح السياسية في السودان. حيث تنظر روسيا إلى الاحتكاكات المحتملة بين السودان والدول الغربية، التي أثارها الانقلاب، على أنها قد تمثل دفعة لخطط بناء قاعدة بحرية في بورتسودان ولشراكتها الدفاعية مع الخرطوم .
وعلى الرغم من أن البرهان يحافظ على علاقات ودية مع المسؤولين الروس، فقد كان الرأي السائد في موسكو أن الانقلاب قد يضر بالشراكة الأمنية بين روسيا والسودان. حيث أعرب العقيد جنرال ليونيد إيفاشوف، الذي شغل سابقًا منصب رئيس الإدارة الرئيسية للتعاون العسكري الدولي بوزارة الدفاع الروسية، عن قلقه من أن الانقلاب تم بتحريض من الولاياتالمتحدة، وخشي أن يتسبب ذلك في تجاهل قاعدة بورتسودان الروسية.
وأعلنت روسيا في نوفمبر 2020 ، عن خطط لبناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر السوداني، والتي ستكون بمثابة مركز إمداد لوجستي ومكان لاستراحة أفراد الطاقم. ستخفف هذه المنشأة من الضغط على القاعدة البحرية الروسية في طرطوس على ساحل البحر المتوسط بسوريا وتسمح لروسيا بلعب دور أكبر في مهام مكافحة القرصنة في المحيط الهندي .
وبحسب التقرير فقد قوبل الدور المؤثر لنائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو، بعدم اليقين.
حيث نقل عن سيرجي سيريجيتشيف، المتخصص في شؤون السودان في الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية، أن "مراجعة السودان للاتفاقية بشأن القاعدة العسكرية الروسية لاتقدم حميدتي كشريك موثوق لروسيا".
في ذات الاثناء اشارت صحيفة " سودان تربيون" الى أن هناك تقارير غير مؤكدة تفيد بأن حميدتي يريد أيضاً أن يناقش مع الحكومة الروسية طرقاً لتزويد قوات الدعم السريع بالسلاح مباشرة .
الموقف الأمريكي :
من جانبه قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، جريجوري ميكس، إن إرسال السودان وفداً إلى روسيا، مع بدء غزو أوكرانيا يرسل رسالة – لا جدل حولها – إلى العالم، مفادها: المجلس العسكري السوداني ليست لديه مصلحة في دعم الديمقراطية أو المبادئ الأساسية للسيا وأضاف ميكس في تغريدة : (نحن نُراقب).