هالة حمزة الغلاء الطاحن الذي يلتهم رواتب العاملين بالدولة حتى قبل مضي الأسابيع الأولى من الشهر يخلق إحساساً بعدم الرضا الوظيفي؛ بسبب ضعفها؛ وسلحفائية الزيادات السنوية الخجولة التي تضاف عليها بشكل لا يتناسب وأوضاع البلاد الاقتصادية والمعيشية القاسية؛ وارتفاع معدلات التضخم، مما يضطر العاملين لتنظيم احتجاجات واعتصامات وإضرابات عن العمل للمطالبة بتحسين وتعديل هياكل الأجور وتوفيق الأوضاع. قانون العمل السوداني كفل للعاملين حق الإضراب لانتزاع الحقوق من رب العمل سواء كان الحكومة أو المؤسسات الخاصة، ولكن تزايد معدلات الإضرابات خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية يعتبر ظاهرة ملفتة للانتباه، تتجاهل الحكومة الحالية خطورتها؛ لأنها تتم في قطاعات اقتصادية إنتاجية وخدمية حيوية ترتبط بحياة المواطنين ومعيشتهم، وتؤثر على الإيرادات الحكومية نفسها كإضرابات قطاع الكهرباء وأطباء الامتياز بالمستشفيات الحكومية، وقبلها اضرابات العاملين بشركة السكر السودانية ومصانعها ال(4) التي تمت تسويتها مع المالية قبل يومين، واضراب العاملين بالسدود ال(6) التي تم التوصل فيها لهدنة مؤقتاً، مع الوعود بمتابعتها ما لم تنفذ المطالب، وكذلك الإضرابات التي تمت مؤخراً من قبل العاملين بالحجر الزراعي، وتحركات أبناء البجا بالبحر الأحمر بحثاً عن التميز الوظيفي في وظائف المواصفات والمقاييس، وتلويح الغرف الصناعية بإيقاف المصانع احتجاجاً على الدولار الجمركي ولجوئها لخفض العمالة اليومية والدائمة لتقليل التكلفة. … كل هذه الإضرابات السابقة والمرتقبة من شأنها الإضرار بالعملية الإنتاجية، وشل حركة الاقتصاد، والبلد أصلاً ما ناقصة شلل في كل شيء، كنتاج طبيعي للفشل المزمن في إدارة الدولة و(انبشاقها) على الأصعدة كافة، السياسية والاقتصادية وغيرها. وجدت في التبريرات التي قدمها لي رئيس اتحاد عمال ولاية الخرطوم السابق، هاشم التوم، في تعليق على تنامي ظاهرة الإضرابات بعض المنطق، حيث أشار للفراغ الذي خلفه غياب النقابات العمالية الشرعية التي كانت تتولى الحفاظ على حقوق العاملين وتجسير الفجوة بين الأجور وتكلفة المعيشة التي تم حلها بواسطة لجنة إزالة التمكين، وقوله بأن غياب النقابات شجع أصحاب العمل والحكومة على التراخي في الاستجابة لمطالب العاملين؛ مما تسبب في تسارع وتيرة الإضرابات باعتبارها السلاح الأقوى للحصول على المكتسبات. ما ذكره التوم هو جزء من مسببات المشكلة حيث تتعمد السلطة تغييب النقابات لتريح رأسها من كروت الضغط العمالي، ولكن الأهم من ذلك كله ضرورة إزالة التشوهات الاقتصادية الراهنة وزيادة الإنتاج وتحسين الرواتب لإنهاء تمدد إحتقان العاملين . موازنة أخيرة: للأسف التعليم تحول لسلعة باهظة للمتاجرة وصارت التسعيرة تسير الطباشيرة …!! والله المستعان [email protected] yahoo.com //