** بالمناسبة، لم يذكر تقرير المراجع العام كل الحقيقة لنواب البرلمان والرأي العام الذي هم يمثلون به - بالصمت والسكون - بمظان تمثيله.. هذا التقرير الذي تم عرضه لسادة البرلمان ، لم يُغيّب حال المال العام بالبنوك فحسب، بل تلاعب بالأرقام والنسب ليغيّب - أيضاً - الحجم الحقيقي للمال العام المعتدى عليه بمرافق الدولة الولائية والاتحادية..ثم تلاعب التقرير بالكلمات، ليغيّب - أيضاً - حجم وأسماء الوحدات الحكومية التي تراوغ المراجع كل عام - بالتلكؤ - لتتهرب من المراجعة..هكذا محتوى تقرير هذا العام، تغييب متعمد للشفافية والحقيقة الكاملة..غداً بإذن الله، على موعد مع بعثرة المواجع التي تم تلوينها لتخرج للناس بثياب (تقرير المراجع العام)..وقبل الغد، أدناه عرض سريع - على سبيل المثال فقط لاغير - لأحد مصادر الخزينة العامة، وكيفية تجميعها لهذا المال العام .. !! ** فلنقرأ الوثيقة التالية، وهي تحذر أضعف فئات المجتمع، نصها : (السيد: ---، الموضوع: عطاء ..بالإشارة للموضوع أعلاه، نفيدكم بأن عطاء كراسي وصناديق الشاي رسا على السيد أحمد عساكر بتاريخ 1/ أغسطس/ 2012، وعليه اعتباراً من هذا التاريخ يمنع منعاً باتاً ممارسة أي نشاط باستئجار كراسي وصناديق، وكل من يخالف هذا الأمر يعرض نفسه للإجراءات القانونية والمصادرة، وشكراً.. سيف الدين يعقوب، المدير التنفيذي لوحدة الكلاكلات..صورة لوكيل النيابة، وأخرى لرئيس قسم الشرطة)، هكذا الوثيقة..تحذيرها يلزم بائعات الشاي بأسواق الكلاكلة، عددهن يتجاوز الخمسمائة، بعدم إيجار الكراسي التي يجلس عليها زبائنهن وكذلك الصناديق التي توضع عليها أوانيهن، إلا من (أحمد عساكر فقط لاغير)، ومن تخالف هذا الأمر تعرض نفسها - بعلم النيابة والشرطة أو بأمرهما - للغرامة والمصادرة.. يلا، تابع مآسي التحذير وسلطة أحمد عساكر..!! ** كنت مع تلك الفئة يوم الخميس الفائت تلبية لنجدة بعضهن، وليتني ما لبيت، إذ مؤلم أن تخاطبك دموع النساء وأنت العاجز عن نصرتهن .. تأتي إحداهن - أماني، تحمل شهادة سودانية وتبحث عن عمل آخر لتساعد والدتها في تعليم شقيقتها- تأتي بصندوقها الخشبي المهترئ وثلاثة كراسي بلاستيك وترابيز وعدة الشاي، وتجلس في مكانها المحدد بعد الالتزام بدفع رسوم النفايات، وأي رسوم أخرى تفرضها المحلية..ولكن، قبل أن تحاسب زبونها الأول، تأتي سلطة أحمد عساكر - برفقة شرطة المحلية وضابطها الإداري - وتصادر صندوقها بما فيه وعليه من أوان وكذلك كراسيها وترابيزها، عملاً بأحكام (عطاء أحمد عساكر)..!! ** نعم،هذه الفتاة - ورفيقاتها، وعددهن أكثر من خمسمائة - لاتملك حق العمل بعدتها وأدواتها، صندوقاً كان أو كرسياً، بل ملزمة بالاستئجار من (سلطة أحمد عساكر)، وذلك بأمر سلطة المحلية وشرطتها ونيابتها..قيمة إيجار صناديق وكراسي أحمد عساكر مؤلمة لحد الوجع، (الصندوق بخمسة جنيهات، وجوز الكرسي بجنيه، وجوز ترابيزة بجنيه أيضاً)، يومياً .. وأضف لهذا - يومياً أيضاً- (10 جنيهات رسوم نفايات)، وكذلك أضف (51 جنياً شهرياً قيمة إيجار الموقع من المحلية)..ليس هذا فقط، بل على هذه المرأة - ورفيقاتها الخمسمائة - دفع رسوم درداقة ومخازن أحمد عساكر أيضاً.. نعم، فاز الرجل بعطاء الدرداقة أيضاً، بحيث يصادر درداقات الآخرين ، ولايملك أي شيخ أو شاب أو صبي حق امتلاك درداقة (قيمتها مائة وثلاثون جنيهاً)..!! ** نعم، كل الشباب والصبيان العاملة في مهنة نقل بضائع الناس، تلزمهم المحلية - كما بائعات الشاي - العمل بدرداقة أحمد عساكر مقابل (10 جنيهات يومياً)، وبسلطة المحلية يلزم أحمد عساكر بائعات الشاي بنقل الصناديق والكراسي والترابيز - وديل أصلا حقتو - بدرداقاته من و إلى مخازنه - مقابل (8 جنيهات يومياً) ..هكذا تحقق المحلية (الربط المقدر)، وهكذا يثري أحمد عساكر ، ربط وثراء مصدرهما (دموع النساء و عرق الصبيان).. ومحلية الكلاكلات محض نموذج وكذلك عساكر هذا، فليقصد من يهمهم أمر الضعفاء أسواق الخرطوم الأخرى، ليكتشف معنى الرق (بياناً بالعمل).. وإن لم يكن هذا الحال تعريفاً للعبودية في قاموس البشرية، فما هي العبودية..؟؟