أول ما يلفت انتباهك عند دخولك ساحات الاعتصام هو مشاركة الأطفال وتواجدهم بكثافة داخل الاعتصام بصحبة ذويهم، يزيِّنون ساحات الاعتصام، وينثرون البراءة في كل مكان بابتساماتهم، تسبقها نظرة أمل لمُستقبل مُشرقٍ ووطنٍ مُعافى من ويلات الحروب والعُنصرية، وطن يسع الجميع، يظهر ذلك الفرح عبر ترديدهم مع الثُّوّار هتافات الثورة والأناشيد التي حفرت في ذاكرتهم وحفظوها عن ظَهر قلبٍ وكأنّها مقرر دراسي للترسيخ في أذهانهم، وكانت نقط انطلاقة الهتاف في البداية بعبارة (تسقط بس) ثُمّ تطور إلى (حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب)، وسُرعان ما انتقل الهتاف إلى تمجيد قوات الشعب المسلحة بهتافات (جيش واحد وشعب واحد، وهتاف الجيش معانا وما همّانا) حتى وصلت الهتافات إلى محطة (سقطت ما سقطت صابّنها)، يردّدون هذه العبارة وكأنّهم يعلمون معانيها أو هكذا كان الإحساس وحناجرهم تهتف من كل صوبٍ وحدبٍ. الأعلام كانت حاضرة في أيدي الأطفال بكثافة، فهو الذي من أجله خرج هذا الشعب ليظل عَلَماً مَرفوعاً خَفّاقاً بين الأمم، ولم تقتصر أعلام الوطن في الأقمشة التي يُلوِّحون بها، بل امتدّت ليرسمونها في وجوههم حباً للوطن. الذين أتوا بأطفالهم إلى ساحة الاعتصام لكي يزرعوا فيهم حُب الوطن، ويكونوا شاهدين على هذا التلاحم التاريخي بين أبناء الوطن الواحد وحتى يدركون مدى سماحة وطيبة وكرم وفراسة شعبنا الذي كان يقبض على الجمر إبان النظام السابق الظالم والقاهر والمُستبد، ولأن أحباب الله لهم مَعزّة خاصّة في النفوس كانت صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر" الأعلى مُشاهدةً، يجذبون الأنظار، ويخطفون الأضواء من الجميع لما يتمتّعون بها من براءة وبساطة في التعبير وصدق مشاعرهم البائنة على وجوههم.