مقدمة برنامج (مع محمود) المذيعة ريهام عبد الرحمن: (....) لهذا السبب كان يقول (كتمت) الخرطوم : يوسف دوكة منو القال ليك بتحمل فراق عينيك .. هكذا رددت هذه الكلمات على افواه كثير من الشعب السوداني صباح الخميس عندما نعى الناعي وأعلن وفاة محمود عبد العزيز ، فرحيله كان جرحا على خصر الاغنية السودانية التي كان (الحوت) بلسمها ، (السوداني ) التقت بالمذيعة ريهام عبد الرحمن مقدمة برنامج (مع محمود ) الذي قدمته قناة الشروق رمضان قبل المنصرم ، وتناول البرنامج مسيرته الفنية، كشفت لنا ريهام كثيرا مادرا خلف كواليس البرنامج فماذا قالت؟؟ تواضع مدهش: وتقول ريهام (للسوداني): اولا مالفت نظري في محمود عبد العزيز انه زول متواضع بدرجة تدعو للدهشة وعند دخوله للاستديو كان يسلم على الناس بالاحضان رغم انه لا يعرفهم وهو ما زي اي فنان فهو زول ممكن نقول عليه مختلف وليس لديه احساس بالنجومية وكان في سلامو يسأل كيفكم ياشاب وكيفك ياشابة رغم نجوميته لا ينتظر شخصا يسلم عليه بل هو من يبادر بسلام وخلق صداقة قوية مع كل العاملين في البرنامج وهذا قمة التواضع. كرم الحوت: وتضيف ريهام : في احد تسجيل الحلقات صادف تسجيلها افطار رمضان فحلف محمود بالله، واصر على ان يدعو الجميع للافطار على حسابه الخاص، واضافت: (هذا يدل على كرمه وتواضعه الشديد ووجدت مبادرته هذه اعجاب الجميع)، وتضيف ريهام بنبرات حزينة : (محمود كان يحترم الفنانين الكبار بصورة لم اشاهدها من قبل فمثال لذلك كان عندما يتحدث عن الراحل محمد احمد عوض كان بقول ابوي ويتحدث عن عبد العزيز ابوداؤاد وكأن ابوداؤد رحل عن دنياه في اللحظة الذي يتحدث عنها). سر (كتمت): ومن الاشياء الطريفة التي صاحبت التسجيل تقول ريهام بعد ان اخذت نفسا عميقا : (محمود عبد العزيز كان عندما يحس بنفسه لايستطيع ان يغني او ارهق كان يقول ضاحكاً: (كتمت يااخوانا)... وبعدها مباشرة كنا نقوم بإيقاف التسجيل، وكان يقول: (يا جماعة انا ياجماعة لما اقول ليكم كتمت معناها اني ماقادر اواصل وماعايز الغناء يطلع دون المستوى عشان جمهوري وعشان اسمي الفني، عشان كدا ماتزعلوا مني)، وتضيف ريهام: (محمود كان حريصا جداً على الا تخرج اغنياته دون المستوى وكان حريصا اكثر على جمهوره بصورة غير عادية). بتدفق حنية: وتواصل ريهام: (في احدي المرات قبل تسجيل الحلقة تحدثت مع محمود وقلت له: (انا بعرف اخوك الراحل ايهاب وهو دفعتي في المدرسة)... بعدها انخرط محمود في نوبة من البكاء وهذا الموقف اسرني ومحمود لو تعرف عليه شخص عن قرب يعرف انسانيته وهو صاحب قلب حنين ودموعه (قريبة) ويبكي في اي موقف حزين وهو صاحب قلب يتدفق حنية. مناديل محمود: وتحكي ريهام بصوت حزين : من الاشياء التي يحرص (الحوت) عليها هي شراب الشاي في الاستديو وكان (لازم يشرب شاي وبعديها يغني)، وايضا مناديل الورق كان يحرص عليها ان تكون موضوعة خلف الكرسي، ولو مافي منديل ورق ما بغني الا يجيبوا ليهو المناديل. لن يتكرر: وتقول ريهام عبد الرحمن في الختام : السودان محتاج لقرون من الزمان لياتي بفنان وانسان مثل محمود عبد العزيز فهو في رأيي لن يتكرر فمحمود كان درع وقاية للاغنية السودانية في ظل التيارات العربية والعالمية و كان همزة وصل للاجيال يغني للكبار فيبدع ويغني اغنياته فيزداد ابداعا له الرحمة والمغفرة. توقيعات على دفتر الرحيل استطلاع : نهاد أحمد تقول المذيعة غادة عبد الهادي ل(السوداني) بعيدا عن مهنة الاعلام جمعتني علاقة خاصة اسرية بالفنان محمود عبدالعزيز جمعتنا مدينة ود مدني التى اسهمت فى تكوين محمود الانساني ، واضافت غاده الى الآن لم يصادفني شاب فى مستوى اخلاق وتعامل محمود فهو ظاهرة فنية وحالة استثنائية لن تحدث فبعد وفاة محمود ونادر لمن تذرف الدموع فهما نموذج للانسانية والطيبة واشارت الى ان احساس جميع الجماهير التى خرجت عند وفاته هم من المحبين ومريديه في مشهد لن يتكرر فى السودان مرة اخرى وقالت: شاركت في تشييع العديدين لكن اصبت بالذهول للاعداد الهائلة التى خرجت لتشييع الفنان محمود عبدالعزيز، وزادت اتذكر كلام البروفيسور عثمان البدوي عندما قال (الارواح الملهمة خروجها صعب ) وانا اقول ان محمودا كان شابا صاحب طاغة جبارة جدا وترك منتوجا كبيرا يخلده فنياً وقالت غادة ان محمودا مات في ايام مباركة ايام مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان يحتفل به سنوياً ، وآخر لقاء لي معه كان قبل شهر ونصف واتذكره كأنه الان . محمود وطن وقال عنه المذيع سعد الدين حسن محمود عبد العزيز تجاوز مرحلة المغنى الى كونه ظاهرة اجتماعية حيث .برز نجمه فى اوائل تسعينيات القرن الماضى حينما كانت الحرب بين الشمال والجنوب فى اشدها وهو الذى تودد الى الجنوب باغنياته متغزلا فى الجغرافيا والانسان معا وبلهجة عربى جوبا وظلت الشائعات والاغتيال المعنوي ومحاولات الاستقطاب من التيارات السياسية تلازمه على الدوام. وتفرد بائن فى مسيرته عبر عن رغبة جيل باكمله . فراغ عريض ويضيف سعد الدين بكلمات حزينة : استراح الجسد النحيل الملئ بعذابات المغنى وتمرده على واقع أبى أن يبتسم و محمود عبد العزيز رحل مخلفا فراغا عريضا فى خشبة المسارح التى اعتلى عرشها لسنوات كانت موعدا ثابتا للقيا العشاق والمحبين وصلت حد اطلاق اسم الحواته كقبيلة او حزب فنى ظل على الدوام هو الاعلى صوتا وجماهيرية في تركيبة المشهد الغنائي فى السودان سكت الرباب اما الموسيقار الفاتح حسين فقال كنت اسمع لمحمود منذ سنة 80 واحسست بأن هذا الصوت سيكون له شأن فى الغناء السوداني وكانت تجمعني به علاقة وطيدة لسكني جواره بحى المزاد ، اضافة الى لقاءاتنا المتكررة فاكن له احتراما وكان يناديني ويستطرد الفاتح حسين قائلاً: سنة 95 عندما كنت طالبا بموسكو كان لدي عمل من تلحيني ومن كلمات وجدي كامل وقمت بتسجيله وكنت ابحث له عن صوت غنائي لإدائه فاقترحت لي شركة حصاد الفنان محمود الذى رحب بالفكرة واعجبته ، بعدها سافرنا الى روسيا لتسجيل هذا العمل الذي حمل اسم الالبوم احدى اغانيه وهي (سكت الرباب ) كلمات عماد الدين ابراهيم. ادهش الروس واضاف الفاتح :اعتقد بانها كانت تجربة مفيدة جداً اثنى عليها الكثيرون في روسيا من مهندسي الصوت بالاستديو واعجبوا بصوت الفنان محمود وعلقوا على شكل ادائه وكان الموزع الروسي (مخائيل ) يقول لي ان صوت محمود مثل الآلة ، وقال حسين بعد هذا الالبوم كان من المفترض ان نرجع لموسكو لتسجيل اعمال اخرى لكن شاءت الظروف بعكس ذلك .