(...) هذا ما تريده تل أبيب من جوبا لحل مشاكلها القومية لماذا أراد سلفا استباق زيارة الاسرائيلين للمنطقة؟ تقرير: القسم السياسي كما كان متوقعا حطت طائرة رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت بمطار بن غريون بتل أبيب إلى إسرائيل قادماً من نيويورك ليكون فى استقباله نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون، ليدخل بعدها سلفا فى سلسلة اجتماعات تم الترتيب لها بدقة. حيث حظي بهدية شمعدان أنوار من رئيس الدولة تعبيرا عن عمق العلاقات بين البلدين، بمناسبة (عيد الأنوار اليهودي) وهو ما يسمى عندهم بعيد الحنوكا. وأضاء كل من بيريز وسلفاكير الشموع، وقال إنها تذكرنا جميعا بالمعجزة التي قدمها لنا الله ، ومعجزة من الشجاعة والأمل والبقاء على قيد الحياة. وزاد بيريز "اسمحوا لي أن أقدم لكم الشمعدان رمزا للتاريخ القديم مشابهة لبلدين" واعتبر إنجاز جنوب السودان فى الحصول على الاستقلال من خلال المصالحة التاريخية ثم قبوله عضوا فى الأممالمتحدة، يعتبر نموذجا جديرا بالاحتذاء للفلسطينيين، مشيرا إلى أن "الدولة لا يمكن أن تأتي إلى حيز الوجود ككيان ظاهري". جدول الأعمال وكان سلفا عقد اجتماعات ضمته الى الرئيس الإسرائيلي شمعون بريس ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد اسبوع من لقاءه وزير الدفاع ايهود باراك فى واشنطن. والتقى كير في القدس مع شمعون بيريس الذى اعتبر وصول رئيس دولة الجنوب لإسرائيل "لحظة تاريخية مثيرة" منوهاً الى أزلية العلاقات بين بلاده والجنوبيين وأشار الى اجتماع ضمه فى باريس مع زعماء محليين خلال الستينات حينما كان يشغر منصب نائب وزير الدفاع. وقد أبدى المسئولون الإسرائيليون سعادتهم بالزيارة وأكدوا على أن علاقاتهم بجنوب السودان بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، وأنهم سيرسلون وفداً كبيراً لجمهورية جنوب السودان للتعبير عن رغبتها فى مساعدة الدولة الوليدة. وقال سلفا كير عقب اللقاء إن بلاده تعتبر دولة إسرائيل نموذجا يحتذى به ومثلا للنجاح، مؤكدا أنه سيتعاون مع إسرائيل وسيعمل معها يدا بيد من أجل توثيق العلاقات بين البلدين. وأضاف: "أنا متحمس جدا للقدوم إلى إسرائيل وأن تطأ قدماي أرض الميعاد"، وأشاد كير بدعم إسرائيل المتواصل لشعب جنوب السودان حتى تمكن من تأسيس دولته. وأضاف قائلاً إن الدولة الوليدة نهضت من العدم وبليل من الذين قاتلوا لأجل بناء مستقبل بلد مزدهر لأبنائه. وزاد: "جئت لإسرائيل لمتابعة النجاح عن كثب وأدعوا إسرائيل وجنوب السودان للتعايش السلمي"، منوها للقيم المشتركة بين الدولتين بالإضافة الى "الكفاح الطويل". وأكد سلفا الوقوف جنباً الى جنب مع إسرائيل لتعزيز وتعميق العلاقة الاستراتيجية بينها وبين دولة جنوب السودان. من جانبه، أكد بيريز أن إسرائيل دعمت وسوف تدعم دولة جنوب السودان في جميع المجالات لتطويرها وتقويتها . وقال إن ميلاد هذه الدولة تشكل انطلاقة في تاريخ الشرق الأوسط. والتقى كير أيضا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيجدور ليبرمان ووزير الدفاع ايهود باراك. وقالت المصادر الإسرائيلية إن المحادثات تناولت مشاريع التعاون الزراعية والصحية. زيارة استباقية ويرى محللون سياسيون أن زيارة سلفاكير الى تل أبيب تأتي استباقا لزيارة تاريخية يقوم بها نتنياهو لعدد من دول القارة الإفريقية (الكونغو ،أوغندا، أثيوبيا ودولة جنوب السودان) بالإضافة الى (دول حوض النيل) بهدف تعزيز التعاون مع تلك البلدان وإرساء نوع من التفاهم المتبادل معها، مما قد يلقي بظلاله سلبا على مصالح السودان في الجنوب خاصة ( مياه النيل). ويضيفون أن جوبا تريد أن تحظى بتمييز إيجابي فى تعاملها فى المنطقة. وتفيد تقارير صحفية أن زيارة نتنياهو الى إفريقيا تأتي بهدف التباحث مع هذه الدول لوقف ظاهرة المتسللين من هذه الدول إلى إسرائيل. لذلك كان هذا البند هو الأبرز فى مباحثات الطرفين, ووفقا لما جاء في تقرير لصحيفة (جورسيليم بوست) فإنَّ نتنياهو كان ينوي مطالبة سلفا المساعدة في قبول مواطنين سودانيين لاجئين في إسرائيل بدولة جنوب السودان. ومن المتوقع أن تكون المباحثات بين الطرفين لخطة نتنياهو لمواجهة موجات المتسللين الأفارقة إلى إسرائيل عبر الحدود مع مصر، وذلك على ضوء المعطيات الإسرائيلية بأن 30% من المتسللين جاءوا من جنوب السودان، وتنص خطة نتنياهو بهذا الخصوص على تأهيل المتسللين السودانيين الجنوبيين مهنياً قبل طردهم من إسرائيل وإعادتهم إلى موطنهم. علاوة على تزويد المهاجرين بحوافز مالية بجانب المشاركة في تدشين لوبي جديد لمعالجة قضية المتسللين السودانيين إلى الكيان الإسرائيلي ، معربا عن استعداد إسرائيل لتقديم المساعدة لدولة جنوب السودان ودعم البنية التحتية للدولة الوليدة، مشيرا إلى معرفة وخبرة إسرائيل في هذا المجال، والتي قدمت المساعدة للكثير من الدول الأفريقية في إنشاء البنية التحتية والاتصالات والتنمية الزراعية، معربا عن سعادته في تقديم المساعدة إلى جنوب السودان. وتحتل قضية مهاجري جنوب السودان في إسرائيل حيزاً مهماً في محادثات كير مع المسؤولين الإسرائيلين بعد تزايد موجات السخط الشعبي في الدولة اليهودية ضد تدفق المهاجرين الأفارقة وقيام لوبي في الكينيست ينادي بإرجاعهم لبلادهم. وينتظر إن يكون كير قد زار متحف تخليد ذكرى المحرقة اليهودية "يد فَشيم" في القدس، ووصف نائب وزير الخارجية الإسرائيلى داني ايالون زيارة سلفا بالتاريخية، باعتبارها أول زيارة لرئيس البلد الجديد. وتحتل قضية مهاجري جنوب السودان في إسرائيل حيزاً مهماً في محادثات كير مع المسؤولين الإسرائيلين بعد تزايد موجات السخط الشعبي في الدولة اليهودية ضد تدفق المهاجرين الأفارقة وقيام لوبي في الكينيست ينادي بإرجاعهم لبلادهم. ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني عن رئيس اللوبي الداعي لمعالجة قضية المتسللين الأفارقة بالكنيست داني دانون الذي يرافق كير خلال زيارته إسرائيل وزار جنوب السودان مؤخرا قوله: "زرت جنوب السودان في شهر أغسطس وكانت أول زيارة لمسؤول إسرائيلي، وبعدها التقى الرئيس (كير) مع رئيس الحكومة (نتنياهو) خلال زيارة الأخير للأمم المتحدة في سبتمبر". وتابع: "الانطباع الذي أحمله بعد زيارتي هو أنهم في جنوب السودان مهتمون بالحصول على مساعدات من إسرائيل بكل ما يتعلق بالتطوير بصورة عامة، وبشؤون عسكرية وبأمور أخرى، وطرحت خلال زيارتي موضوع المتسللين السودانيين الجنوبيين". وقال دانون: "أعتزم القول للرئيس كير إن الحديث يدور عن مشكلة قومية تحتاج إلى حل شامل كما يتوقع أن يطرح رئيس الحكومة الموضوع". من جهة أخرى يرى المحلل السياسي د. مختار الأصم أن تبادل الزيارات الرسمية بين دولة جنوب السودان وتل أبيب يأتي في إطار علاقات دبلوماسية لمناقشة التعاون المشترك بين البلدين لا يتأثر بها السودان سلبا او إيجابا باعتبار أن دولة الجنوب أصبحت دولة قائمة بذاتها كغيرها من الدول ذات العلاقات الثنائية مع إسرائيل، موضحا فى حديثه ل(السوداني) أن العداء بين إسرائيل و السودان نسبة لتبني الأخير مشروع حضاري قومي عربي وإسلامي. وأضاف الأصم أن إسرائيل ستدعم تنمية الموراد المائية والزراعية والبنى التحتية لدولة جنوب السودان. ويرى خبراء أمنيون أن جوبا ستطلب من تل أبيب تقديم مساعدات عسكرية ولوجستية لتطوير قدراتها العسكرية وبناء الدولة، وأضافوا: فى سبيل ذلك فإن إسرائيل ستحظى بتعاون استخباراتي وعسكري لا محدود. فتح الاستثمارات ويشير مراقبون سياسيون الى أن زيارة سلفا الى تل أبيب تأتي في إطار فتح أبواب الاستثمار في دولة جنوب السودان خاصة بعد زيارته إلى العاصمة الأميركية على رأس وفد رفيع من حكومته لحضور «مؤتمر واشنطن الدولي للاستثمار في جنوب السودان» والذي تشارك فيه دول أوروبية من بينها بريطانيا والنرويج الراعيتان لاتفاق السلام بين الشمال والجنوب الذي أفضى إلى استقلال الجنوب.