** رحم الله الحاجة الزينة ذات الجرح الذي نزف (45 يوماً)، تفاصيل مآساتها تفتح جرحاً آخر.. نعم، هذا جرح آخر في حياة الناس والبلد، وما أكثر جراحات أهلك يا وطن، فلنقرأ النص الآتي : ( وعليه، أصدرت لجنة المحاسبة الجزاء التالي في حقكم : الإيقاف عن ممارسة الطب في السودان لمدة عام من تاريخ إعلان القرار..بروفيسور/ الشيخ علي العبيد، الأمين العام للمجلس الطبي السوداني، 11 ديسمبر 2012)، هكذا نص القرار المحاسبي الذي خاطب به المجلس الطبي الدكتور كمال أبوسن وشخصيات أخرى مسؤولة منها وكيل وزارة الصحة الاتحادية ..!! ** قبل وفاة الحاجة الزينة بثلاث سنوات ونيف، أي بتاريخ منتصف العام 2009، تقدم المواطن عادل الأمير الحسن بشكواه للمجلس الطبي، وذلك عقب وفاة شقيقه محمد الأمير الحسن - عليه رحمة الله - إثر عملية جراحية أجراها الدكتور كمال أبوسن وآخرون بالمستشفى الجنوبي الخاص بالخرطوم ..تم إنذار كوادر الفريق المعالج والمشارك مع د. أبوسن في تلك العملية، وتم إيقاف رئيس الفريق المعالج للأسباب التالية : لم يوثق إجراءات التحضير للعملية، ولم يوثق إجراءات لحظة العملية، وكان هناك تقصير في التعامل المهني مع الحالة، وكان هناك استعجال في إجراء العملية بحيث لم يتحسب لحالة المريض ولاعمره ولم يتم إجراء التحاليل الطبية للمريض ولم يكن التحضير جيداً، والأدهى والأمر : لم يتم التوثيق لمعظم ما قام به الفريق المعالج ..!! ** تلك الواقعة ومآساتها ونتائجها التي أثمرت هذا القرار المحاسبي ضد الدكتور كمال أبو سن، يجب أن تعيد أذهان الصحف إلى ذاك التاريخ وما قبله، حيث شنت المانشيتات وأعمدة الرأي أشرس حملة صحفية على دكتور شاب اسمه (نزار زلفو)، تخرج في جامعة الخرطوم بتفوق، ثم تخصص في الجراحة وتفرغ للعمل بمشافي العامة وجامعات العامة لخدمة البسطاء (تدريساً وجراحاً)، وباع سيارته - وبعض ما يملك - ليؤهل نفسه بالداخل والخارج..تم تكليفه من قبل المركز القومي للأمراض وزراعة الكلى ليقيم المستشفى الجنوبي كمركز لزراعة الكلى بغرض منح أو منع الترخيص.. والمؤسف، عندما قصدت لجنة الدكتور نزار المستشفى الخاص بغرض التقييم، كان الدكتور كمال أبو سن قد شرع في التحضير لعمليات الزراعة، أي قبل أن تفتي لجنة التقييم.. زارتهم لجنة الدكتور نزار، ووقفت على تفاصيل الأجهزة والكادر والغرف وغيرها، ثم قالت بالنص (أجهزة العملية غير مكتملة، ومثل هذا الوضع قد يؤدي إلى تليف ألياف الكلية المنقولة، ولذلك نرى عدم منح الترخيص لحين اكتمال الأجهزة)، فهاجت بعض الصحف بالمانشيتات التي من شاكلة : المجلس القومي يمنع الجراح العالمي أبو سن عن العمل، طبيب يمنع الجراح العالمي أبو سن عن العمل ..و.. و..)..ليتها تمارس فضيلة الاعتذار، وتعتذر اليوم..!! ** لقد صدقت مهنية لجنة الدكتور نزار زلفو في ذاك العام، حسب وقائع وأسباب تلك الوثيقة وقرارها الصادر بعد (وقوع فؤوس الأخطاء على رؤوس المرضى لحد الموت)..لقد صدقت مهنية تلك اللجنة، ولكن ليست بالمهنية وحدها تدار المشافي - وأي شأن عام - في بلادنا، بل بمراكز القوى التي تحتقر الكوادر المهنية أيضاً..كم مريضاً انتقل إلى رحمة مولاه لعدم التحضير الجيد والاستعجال، ولم تجد شكوى أهله طريقاً إلى المجلس الطبي، كما شكوى عادل الأمير؟.. وكم مريضة انتقلت إلى رحمة مولاها بسبب التقصير المهني أو الإداري، ولم تجد شكوى أهلها طريقاً إلى الرأي العام، كما حال قضية الحاجة الزينة..؟؟ ** ثم السؤال المخيف : كم مرفقاً صحياً خاصاً بالبلاد يغض النظر عن ضرورة تجهيز كل الأجهزة والمعدات والآلات اللازمة لعمليات الكلى وغير الكلى، ويضرب بقرارات وتوصيات لجان التقييم بعرض الحائط ويعرض حياة الناس إلى الأوجاع والموت، أو كما فعل المستشفى الجنوبي، حسب تلك الواقعة المؤلمة، بتقرير لجنة الدكتور نزار؟.. وكثيرة هي الأسئلة خلفتها ماسأة الحاجة الزينة التي انتقلت إلى رحمة مولاها بمستشفى الزيتونة عقب رحلة طويلة من آلام الجرح النازف..لها الرحمة، غادرت الدنيا وهي لاتعلم أن طبيبها موقوف عن ممارسة مهنة الطب في بلادها بأمر المجلس الطبي ..الزينة لم تكن تعلم، ولكن ماذا عن الزيتونة يا (المجلس الطبي) ..؟؟