:: بعد أن يتم تقسيم طلاب الفصل إلى مجموعات، كان أبو الفصل يسلم كل مجموعة نسخة من خريطة القرية.. وبالخريطة، كل معالم القرية: مساجدها، مدارسها، مزارعها، طرقها، سوقها، طاحونتها وغيرها.. ثم بالخريطة، المسارات التي يجب أن تسلكها كل المجموعات الطلابية، وكان لكل مجموعة قائد، ثم مسار يختلف عن مسارات المجموعة الأخرى.. والمطلوب من كل هذا هو أن ينطلق الطلاب من مدرستهم - عبر مجموعاتهم - إلى أمكنة بها (الحلوى المخبّأة)، ثم العودة إلى المدرسة بتلك الحلوى سريعاً، أي قبل عودة المجموعات الأخرى المنافسة.. فالعثور على الحلوى المخبّأة في وقت وجيز - بواسطة خرائط القرية - لم يكن بالأمر اليسير، ولذلك كانت المجموعة تفرح بها ثم تنال الجائزة الكبرى. :: وبالتأكيد - بعد تخريب المناهج وطرائق التعليم والتربية والاستيعاب - لم يعد للحلوى المخبّأة مكان في جداول حصص مدارس اليوم، والحمد لله على كل حال.. عفواً، ربما تم نقل التعليم والاستيعاب عن طريق الحلوى المخبّأة من عالم المدارس وتلاميذها إلى عالم الأدوية وشركاتها، وعلينا أن نشكر الحكومة على هذه (النقلة النوعية).. تساجل بنك السودان وشركات الأدوية حول توفير العملة الأجنبية المراد بها استيراد الدواء؛ فالبنك المركزي يؤكد توفيره للعملة الأجنبية من عائد الصادر - 10% - لحد عجز الشركات عن شرائها، ولكن الشركات تنفي وفرة العملة الأجنبية، وتتهم البنك المركزي بالتجمل، أو هكذا يجب الوصف (لزوم تلطيف الأجواء)، لكي لا يدفع المواطن – كالعادة - ثمن السجال! :: وأمام هذا التأكيد والنفي، وتأكيد النفي ونفي التأكيد، كان لزاماً علينا حق البحث والتحقيق لمعرفة ما يحدث في هذا الأمر المتعلق ب(صحة الناس)، إذ ليس من العقل أن تجلس السلطات بما فيها الرابعة - على المساطب الشعبية - أمام شدٍّ وجذب بينهما (مريض حائر).. والمهم، لا يتجمل بنك السودان حين يقول: (الدولار متوفر)، وكذلك تصدق الشركات بقولها: (ما في دولار)، أي أن طرفيْ السجال على صدق (نفياً كان أو تأكيداً).. أها، كيف الكلام ده؟.. حسناً، يجب التوضيح.. بقرار تخصيص نسبة من عائد الصادر لصالح الأدوية (10%)، نجح بنك السودان في توفير العملة الأجنبية المخصصة لاستيراد الأدوية ببعض المصارف التجارية، وهي المصارف ذات النشاط الواسع في مجال الصادر.. بخزائن هذه المصارف - وهي محدودة ولا يعرف عددها إلا البنك المركزي والمصدرون - يقبع الدولار المخصص لاستيراد الدواء. :: ولكن - وهنا تتجلى أزمة المؤسسية وضعف مجلس الأدوية - وصول شركات الأدوية إلى خزائن المصارف - التي تحتفظ بالدولار المخصص لاستيراد الدواء - بحاجة إلى خرائط كتلك التي كنا نبحث بها عن الحلوى المخبأة و(نجدها أو لا نجدها).. فالمصارف - بما فيها تلك المعنية بقضية الساعة – لا تتعامل في الاستيراد والتصدير إلا مع عملائها، ولذلك تمنح الدولار المخصص للدواء فقط للشركة التي تتعامل معها، قبل قرار تخصيص تلك النسبة للاستيراد الدوائي، وترفض للشركات (غير العميلة).. أي (إنت وحظك)، لو كنت عميلاً للمصرف - الناشط في الصادر - قبل قرار التخصيص تحظى بالدولار العائد من صادر هذا المصرف، وإن لم تكن عميلاً (تشكو للصحف).. هذا ليس عدلاً، ويجب العدل بأن يتم جمع المبالغ المخصصة للدواء من المصارف في محفظة بالبنك المركزي أو بأي بنك يختاره البنك المركزي، ثم توزع بالعدل لكل الشركات أو حسب الفجوة في الأصناف الدوائية.. ولو كان بالبلد مجلس الأدوية - وليس خيال مآتة - لما قدمنا هذا الحل ولما (اكتشفنا العجلة)!.