حان الوقت للمهدي والترابي والميرغني أن يذهبوا للمعاش لن نقبل غازي ومجموعته في المعارضة إذا لم يعرض الدستور الانتقالي على الجبهة الثورية فلن نوقع عليه أثار الحوار الذي أجراه موقع (النيلان) مع رئيس حزب التحالف الوطني السوداني، ومرشح الحزب في انتخابات الرئاسة السابقة، العميد ركن متقاعد عبد العزيز خالد مؤخراً العديد من ردود الفعل، خاصة فيما يتصل بدعوته ومطالبته للقيادات السياسية المعارضة وعلى رأسهم رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي، ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) محمد عثمان الميرغني، والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د.حسن الترابي. وفيما يلي تنشر (السوداني) جانباً من تلك المقابلة. هناك اتهام لقيادات القوى السياسية المعارضة بأنها فشلت في توظيف الحراك الشعبي في تظاهرات سبتمبر 2013. ما هو تعليقك على هذا الأمر؟ القيادات السياسية عجزت في قيادة الحراك والتظاهرات الأخيرة التي بدأت شعبية، ولا يستطيع أي حزب أن يدعى أنه خطط لهذا الحراك. ولكن بعد اندلاع التظاهرات بدأت القيادات السياسية في التحرك والظهور مع ضرورة الإقرار بوجود خلافات فيما بينها فيما يتصل بالبرنامج الانتقالي والدستور وهذا خلق إشكالية. وعلى العموم يمكننا القول بأنهم عجزوا وفشلوا، فالتظاهرات بدأت شعبية، وحينما ظهرت القيادات السياسية وتولت قيادتها تراجعت حدتها وفشلت. أظهرت الحركات الشبابية في التظاهرات الأخيرة قدرات عالية.. هل تعتقد أنها مؤهلة لتصبح بديلاً عن القوى المعارضة الحالية؟ الحركات والمجموعات الشبابية تمثل رأس الرمح في العمل الثوري، وستبرز منها قيادات، كما حدث مؤخراً في تظاهرات سبتمبر. وأعتقد أن الوقت قد حان للمعارضة السودانية وقيادتها أن تذهب للمعاش، وأقصد هنا محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي ود. حسن الترابي. لقد بلغوا العقد الثامن من عمرهم وهذا يكفي؛ عليهم أن يعطوا الأجيال اللاحقة الأمر ويتركوهم يديرون، الأمر لا يستقيم إذا ظلوا مسيطرين حتى اللحظة الأخيرة. أعتقد أن الشباب موعودون بقيادة هذه البلاد لمستقبل أفضل. رغم أنك من الموقعين على ميثاق الفجر الجديد أوائل العام، وتعرضت للاعتقال بسبب هذا الأمر لعدة أشهر، ولكنك بتّ الآن تعرقل التوقيع على الدستور الانتقالي الذي اقترحته المعارضة بالداخل؟ موقفنا واضح في الأمرين، ولا يوجد تعارض بينهما، وهو متسق مع ما ظل يدعو إليه التحالف الوطني السوداني منذ نشأته في تسعينيات القرن الماضي، بالمناداة بالدولة المدنية الديمقراطية. السبب الرئيسي لعدم توقيعنا على مشروع الدستور الانتقالي، هو عدم عرضه على الجبهة الثورية. في هذا المسلك نظرة إقصائية وعنصرية، فعلى سبيل المثال في الصفحة الثالثة من مسودة الدستور الانتقالي، يوجد بندان يتحدث أحدهما عن مخاطبة القضايا الخاصة بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان عقب استقرار الأوضاع. هذه نظرة عنصرية في تقديري، بجانب أنها لا تستوعب وجود أطراف أخرى في الجبهة الثورية كنصر الدين الهادي المهدي والتوم هجو، وبالتالي فإن الجبهة الثورية ليست مجرد جسم يضم حركات من تلك المناطق. لذلك فالمواقف التي يتبناها التحالف، بجانب كل من الحركة الاتحادية وحزب المؤتمر السوداني، تقوم على جعل الجبهة الثورية جزءاً من مشروع الدستور الانتقالي والنقاش حوله. عقب التوقيع على (الفجر الجديد)، وما تبعه من أحداث وتنصل واعتقالات، تمت معالجة هذا الأمر بين المعارضة الداخلية والجبهة الثورية، بإجراء اتصالات انتهت للاتفاق والتحاور بين الطرفين، ولذلك كان بالإمكان إرسال نسخة الدستور الانتقالي ومناقشتها، من قبل الجبهة الثورية وتوقيعها عليها، وعليه بات الوضع الراهن: عدم وجود اتفاق على البرنامج الانتقالي أو الدستور الانتقالي. هل يمكننا القول استناداً لما ذكرته: إن العلاقة بين المعارضة في الداخل والجبهة الثورية التي تضم الحركات المعارضة المسلحة بالخارج تمضي صوب طريق مسدود؟ في العمل السياسي لا يوجد شيء يسمى طريقاً مسدوداً، لكن يجب على أحد الطرفين أو كليهما تقديم تنازلات، وإذا لم يحدث هذا الأمر سيحدث انقسام لفريقين. بالنسبة لنا، نحن متمسكون بموقفنا، ولن نوقع على الدستور الانتقالي، حتى إذا وقعت كل القوى السياسية عليه، حتى لا نكون جزءاً من عمل سيقود لانقسام أجزاء جديدة من السودان، بسبب عدم مشاركة واتفاق أطراف الجبهة الثورية على البرنامج أو الدستور الانتقالي. ومؤخراً أعلن رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي في الصحف، أنه سيذهب لعاصمة اليوغندية، كمبالا، بغرض الاجتماع مع الجبهة الثورية. الاختلاف أو التوصل لاتفاق هو أمر وارد، والمهم أن يحدث اجتماع، وحتى النظام الحاكم نفسه بدأ يغير موقفه الرافض للتواصل بين الجبهة الثورية والمعارضة في الداخل. ولذلك أعتقد أن الموقف الحالي من المعارضة في الداخل، سيحدث فيه تنازل وتراجع. هل تعتقد أن المعارضة بشقيها الداخلي والخارجي قادرة على طرح وتقديم نفسها كبديل للنظام الحالي للأطراف الداخلية والإقليمية والدولية؟ الشرط الوحيد هو حدوث اتفاق بين المعارضة في الداخل والجبهة الثورية. تاريخياً جرت العادة على اتفاق المعارضة في اللحظات الأخيرة، وفي حال عدم حدوث هذه الوحدة الجماعية الآن، سيصعب عرضها وتقديمها للمجتمعين الإقليمي والدولي. وفي حال عدم التوصل لاتفاق، فيمكن إقرار التشاور كمنهج عمل بين المعارضتين، في الداخل والجبهة الثورية. يمكن أن يساعد ذلك في التوصل لأطر مشتركة بينهما. كيف تنظر للتداعيات الأخيرة داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وخروج مجموعة التيار الإصلاحي بقيادة د.غازي صلاح الدين؟ هذا السيناريو الخاص بالانقسام الداخلي أشرت إليه في مرات عدة، ولكننا كنا نتوقع حدوثه بين تياري الرئيس البشير ونائبه الأول علي عثمان محمد طه، إلا أن الذي خرج الآن هو د.غازي ومجموعته. وعلى العموم هذه الانقسامات تعد مظهراً من مظاهر نهاية النظام، وهذا يحتم على المعارضة أن تعد نفسها وتلتحم بالجماهير وتكمل اتفاقها مع الجبهة الثورية، بعدها يمكن حدوث انتصار كاسح وسريع. إذا طلب د.غازي صلاح الدين وتيار الإصلاحيين الانضمام للمعارضة هل سترحبون بهم؟ موقفنا واضح، وهو: لا يمكن قبولهم، وهذا الأمر يشمل كل من سيخرج من الحزب الحاكم، لأنهم عليهم أن ينظفوا أنفسهم ويناضلوا في المعارضة ويناهضوا النظام، ويتعرضوا للاعتقال والسجن باعتباره أمراً مهماً. في ذات الوقت نحن نقر بأننا لا نستطيع منعه من المعارضة، وحينما يسقط النظام سيكون وقتها لكل حدث حديث. إذاً ما الذي يجعلكم تقبلون انضمام د.حسن الترابي وحزبه للمعارضة، رغم أنه كان عراب النظام ومنظره قبل اختلافه معه في أواخر تسعينيات القرن المنصرم؟ وضع الترابي مختلف، فهو اختار المعارضة قبل أكثر من عشر سنوات، تخلص فيها من تجربته في النظام. في تقديري أن الترابي يرغب في جعل الجبهة الثورية جزءاً من الاتفاق المعروض حالياً من قبل المعارضة في الداخل. لقد استمعت مؤخراً لأحاديث منسوبة لد.غازي صلاح الدين، وأعتقد أن كلامه مبشر، ولكن عليه أن يعارض بشراسة أكبر وبشكل أقوى.