قرارات في غُرفة التشريح المسجل التجاري العام : (.....) لهذا السبب تم حذف (177) شركة بصورة نهائية.. خبير اقتصادي : لا تنجح سياسة التحرير الاقتصادي إلا في حالة واحدة هي (....) خبير تصفية شركات : الشركات الحكومية لم تشكل اضافة بحسب نص المادة (258) من قانون الشركات تحقيق : بثينة دهب قرارات كثيرة صدرت من اجل تصفية الشركات الحكومية ففي مارس من العام (2011) اصدر رئيس الجمهورية قرارا يقضي بتصفية (22) شركة حكومية وتبعه آخر بغرض خصخصة خمس شركات اخرى وجاءت القرارات انفاذا للاجراءات الاقتصادية التي اصدرها مجلس الوزراء لخروج الحكومة من النشاط الاقتصادي المباشر، ثم خرجت وزارة العدل كاشفة عن اتجاهها لشطب (183) شركة حكومية من سجل الشركات، وبحسب متحدثين في هذا التحقيق فان تلك الشركات لم تشكل اضافة للاقتصاد. من هنا تتبادر للذهن اسئلة كثيرة منها: ما هي التصفية؟ وكيف تتم ؟ وما الفرق بينها والخصخصة؟ وكم عدد الشركات الحكومية؟ ومن أين تستمد كل ذلكم النفوذ الذي يجعلها مستأسدة بتلك الصورة ؟ ولماذا لم تشكِّل اضافة للاقتصاد؟. . أسئلة كثيرة نحاول أن نجد لها إجابات عبر هذا التحقيق.. فإلى تفاصيله. قرارات بالجملة قرارات كثيرة تم التوقيع عليها بخصوص تصفية الشركات وخصخصتها ونشرت على وسائل الاعلام المختلفة فما إن لاح في الافق قرار حتى تبعه آخر نستعرض هنا القرارات التي صدرت في هذا الامر منها قيام بنك السودان بحجز وتجميد ارصدة حسابات (22) شركة حكومية لدى المصارف السودانية بعد اعلان الرئيس خصخصتها من اجل استكمال خروجها من النشاط الاقتصادي وتحفيز القطاع الخاص. ثم قرارا اخر صدر من اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية برئاسة وزير شؤون الرئاسة والتى اصدرت عدة قرارات حاسمة حول الاعتداء على المال العام و اقرت بتصفية ( 27) شركة حكومية واحالة عائداتها البالغة (72) مليون جنيه الى الامن والجيش ودعت الى توريد اصول تصفية الشركات لوزارة المالية باستثناء الامن والدفاع لتوجه للمجهود الحربي. ثم كشف البرلمان عن تجاوزات لقرار مجلس الوزراء الصادر العام (2012) الخاص بتصفية الشركات الحكومية.. التجاوز تمثل في انشاء ( 5 ) شركات جديدة في مارس (2013) تساهم فيها حكومتا المركز والولاية مما يعد مخالفة واضحة وجه وقتها البرلمان الجهات المختصة بالتقصي في الامر، وطالب باعادة النظر في أمر الشركات المسجلة باسم الوزارات والافصاح عن طبيعة العلاقة، ولم يكتف البرلمان بهذا القرار بل كشف انه بصدد اعادة النظر في قانون المراجع العام فيما يتعلق بالمادة التي تمنع المراجع العام من مراجعة حسابات اي شركة تساهم فيها الدولة بأقل من 20 % وذلك بتعديل المادة لاخضاع اي شركة تساهم فيها الحكومة ولو بنسبة 1% وذلك للاطمئنان على سلامة الاجراءات في هذه الشراكة الاستراتيجية والمتعلقة بالاقتصاد الوطني. وآخر تلك القرارات التي اصدرها وزير العدل والتى تقضي بإيقاف تسجيل اي شركة جديدة الا بموافقة مجلس الوزراء وكشف عن اتجاه لشطب (183) شركة حكومية من سجل الشركات والتى بحسب آخر احصائية تم حذف (177) منها لأنها لم تمارس نشاطها او توقفت عن ممارسة النشاط. حملات مستمرة للوقوف على حقيقة عدد الشركات التي تم حذفها والتي لم تكمل ايداعاتها اتجهنا صوب المسجل التجاري العام الذي طرقنا ابوابه لمعرفة حقيقة تلك الارقام فأجابت على اسئلتنا المسجل التجاري العام بوزارة العدل مولانا "هند محمد عبد الرحمن الخانجي" والتي ابتدرت حديثها بأن هناك شركات تم حذفها وهي التي لم تمارس نشاطها او توقفت عن ممارسة نشاطها، اما بعد القرار القاضي بتصفية (183) شركة بعد مضي ثلاثة اشهر من الاعلان عنها لكن خلال تلك الفترة ظهرت شركات وفقت اوضاعها فتقلص العدد الى (177) شركة، اما عن كيفية التسجيل للشركات فتواصل الخانجي أن الشركات المساهمة فيها الحكومة تعامل معاملة اي شركة اخرى وتتبع كل اجراءات التسجيل من توضيح لمقر الشركة والاغراض منها وكذلك معرفة رأس المال الذي يتم تحديده ثم اتباع اللوائح التي تنظم اعمال الشركة وبعدها يتم التسجيل لكن وفقا لتوجيهات الدولة ممثلة في مجلس الوزراء اشترط أن في حالة المؤسس من جهة حكومية ضرورة الحصول على موافقة مجلس الوزراء فاذا لم تحضر الجهات الحكومية تلك الموافقة لا يمكن تسجيلها، وعن رأس المال تواصل مولانا الخانجي: بالنسبة للشركات المؤسس فيها اجنبي او شركات عامة (100 ) ألف جنيه. اما في حالة المؤسس الوطني فرأس المال (50) الف جنيه، اما عن القرارين اللذين صدرا بخصوص تصفية شركات وخروج الدولة من بعضها هذا القرار لم يكن بحوزتنا بل لدى لجنة التصرف في المرافق العامة، وعن عدد الشركات التي تم حذفها نهائيا من سجل الشركات تقول الخانجي انها (177 ) شركة بينما بلغت المكملة لايداعاتها والموفقة اوضاعها القانونية (195) شركة، اما التي لم تكمل ايداعاتها بعد فهي (133) شركة، وتضيف "وهذا العدد في ازدياد طالما الحملة مستمرة بمعنى أن تزيد الموفقة لاوضاعها من (195) وتتناقص غير المكملة لايداعاتها من (133)". وعن الاسباب التي دعت لحذف هذه الشركات فأرجعتها المسجل التجاري إلى انها لم تمارس نشاطا او توقفت عن ممارسة نشاطها. وصفة اقتصادية يقول الخبير الاقتصادي حسن ساتي ل(السوداني): إن سياسة التحرير الاقتصادي ما لم يتبعها تحرير سياسي لا جدوى منها فلابد أن يكون تحرير الاقتصاد مربوطا بتحرير السياسة كما في اوربا، وابسط وصف لما يحدث لدينا الآن أنه تخلف اقتصادي، اما بخصوص اخراج الحكومة لتحفيز القطاع الخاص فهذا غير موفق لان القطاع الخاص ليس بأحسن حالا من الحكومي وهناك عدة امثلة مثلا في العام (1990) كان قيمة الغذاء المستورد (70) مليون دولار وصل في العام (2000) الى (270) مليون دولار وهذا يدل على عجز القطاعين الحكومي والخاص في النهوض بالقطاع الزراعي لذا انهار انهيارا كاملا وهناك امثلة عدة لشركات رابحة تمت خصخصتها مثل النقل الميكانيكي، سودانير،السكة حديد ففي بلد مساحته كالسودان من المفترض أن يكون لديه اطول خط سكة حديد وهذا يدل على تدهور كل القطاعات ففي العام (1990) كان الناتج المحلي الاجمالي (190) مليار دولار وصل في العام (2010) الى (160) مليار دولار علما بان التعداد السكاني للعام (1990) كان (25) مليون نسمة والقيمة الشرائية للجنيه كانت عالية وقتها، في الوقت الذي وصل فيه عدد السكان في العام (2010) الى (47) مليون نسمة، وختم ساتي حديثه بأن هذا التدهور سيرتفع الى ارقام خيالية ويزداد تدهور الاقتصاد اما عن الوصفة الاقتصادية الناجعة للخروج من هذا النفق فهي التحرير الاقتصادي الذي يتبعه تحرير سياسي. عجز وفشل لمعرفة ماهية التصفية؟ وكيف تتم ؟ وما الفرق بينها والخصخصة؟ للإجابة عن هذه الاسئلة جلست (السوداني) الى خبير تصفية الشركات ابراهيم دهب حسنين – مدير شركة (دهب ترست ) – والذي ردَّ على استفساراتنا تلك بقوله: إن التصفية هي الاجراءات القضائية وغير القضائية التي تهدف في الاساس الى انهاء الوجود القانوني للشركة وذلك بحسب قانون الشركات للعام (1925) وقواعد تصفية الشركات في العام (1928) وقانون الاجراءات المدنية عند غياب لنصوص الخاصة، اما بخصوص أن بعض الشركات عند التصفية ترتب ديونات لاصحابها وحملة اسهمها وتصرف اموالها ثم تقوم بالتصفية فهذا الامر احتاط له القانون بموجب المادة (177) من قانون الشركات ونادر حدوثه في السودان. ويواصل دهب اما الخصخصة فتعني: خصخصة الشركات الحكومية العاجزة عن الربح والشركات الحكومية هي التي تمتلك فيها الدولة اسهما بنسبة 100% وكانت دول النمو الآسيوية تستخدمها في شركة او اثنتين اما في السودان فقد صار الامر اشبه ب(الموضة) وهذا ادى الى اغراق سوق الشركات في الاسواق العربية التي قامت بشرائها بأرخص الاسعار في غياب المنافسين السودانيين كما أن الخصخصة تمت في شركات رابحة كمصانع السكر، السكة حديد وغيرها دون اجراء مزادات علنية فالخصخصة تكون بعد دراسة وافية وحذر شديد. وفي خاتمة حديثه قال دهب : إن تصفية الشركات الحكومية امر لابد منه لانها لم تشكل اضافة وذلك بحسب نص المادة (258) من قانون الشركات والتى تنص على أن القطاع العام لا بد منه المساهمة في زيادة الدخل القومي من خلال زيادة الانتاج وكذلك المساهمة في زيادة الصادر بفتح قنوات للتصدير مما يحقق زيادة حصيلة الدولة من العملات الحرة اضافة الى دخول الاستثمارات التي عجز عنها القطاع الخاص منفردا من الاستثمار فيها، وكل نصوص تلك المادة عجزت عنها الشركات الحكومية.