إسرائيل ادَّعت أنها تتجه نحو بورتسودان.. السفينة الإيرانية... تفاصيل ما جرى تقرير: عمر رملي - سوسن محجوب نهار يوم أمس، صدر بيان عاجل من وزارة الدفاع الإسرائيلية، يقول إن قوات خاصة من سلاح البحرية، قد اعترضت سفينة إيرانية، محملة بالصواريخ، كانت في المياه الإقليمية بين السودان وأريتريا، وإن هذه السفينة كانت سترسو على سواحل ميناء بورتسودان، في طريقها لقطاع غزة، لتضج بعدها القنوات الفضائية والهواتف هنا في الخرطوم للاستفسار من صحة هذا الأمر، الذي يعتبر خطيراً من الناحية السياسية والعسكرية، خاصة أن إسرائيل هدَّدت في مرات سابقة بأنها قد تستهدف ميناء بورتسودان، ومع أن الذاكرة تحتفظ بهجمات إسرائيلية سابقة، فإن الخطر ما يزال قائماً. الصوارمي: لا توجد سفن إيرانية في سواحلنا كانت الأنظار كلها تتجه نحو رد باسم القوات المسلحة، وهي التي تقوم بحماية المياه والحدود الإقليمية للبلاد، إذ نفى الناطق باسمها العقيد الصوارمي خالد سعد أن تكون السفينة التي اعترضها سلاح البحرية الإسرائيلية، داخل المياه الإقليمية للبلاد، وشدد سعد في حديثه ل(السوداني) أمس على أنه لم توجد أي سفن حربية لإيران أو سوريا وصلت المياه الإقليمية للسودان التي تصل لنحو (20) ميلاً، موضحاً أن السفينة التي اعترضها الإسرائيليون كانت قبالة المياه السودانية فقط وليست داخلها، ونوه إلى أن العملية كلها أمر يخص إسرائيل وإيران، والسودان ليس طرفا فيه بأي صورة، وأضاف أنه أجرى اتصالاً مع وزير الدفاع الموجود (أمس) بولاية البحر الأحمر، وأكد له أنه لم تُرصد أي سفن حربية في مياه السودان. افخياي أدرعي: كانت عملية سرية ومعقدة فيما قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن سلاح البحرية الإسرائيلية أوقف فجراً سفينة محملة بالأسلحة في البحر الأحمر على بعد حوالي 1500 كيلومتر من سواحل إسرائيل، كانت في طريقها إلى قطاع غزة، وتحمل صواريخ سورية متطورة نقلت إلى السفينة من إيران، وقال أدرعي إن الصواريخ، وهي من طراز M302، نقلت جواً من مطار دمشق إلى إيران، حيث تم تحميلها على السفينة وإخفاؤها في أكياس للإسمنت، وأبحرت السفينة من ميناء بندر عباس الإيراني إلى العراق ومنه إلى ميناء بورتسودان السوداني، وقد قاد عملية الاستيلاء عليها رئيس هيئة الأركان، الجنرال بيني غاتنس، في غرفة العمليات في مقر هيئة الأركان، إلى جانب قائد سلاح البحرية الميجر جنرال رام روتبيرغ. محللون سياسيون: القصة مفبركة وتحليل هذا الاتهام الإسرائيلي الذي يتجدد من فترة إلى أخرى حول وصول أسلحة إيرانية للبلاد، وأن الخرطوم ترحلها لقطاع غزة حيث يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي د.الفاتح عثمان محجوب في حديثه ل(السوداني) أن ضبط أي شحنة في أعالي البحار ومحاولة إلصاق التهمة بدولة معينة نوع من المغالطة وما أعلنته إسرائيل لا يعتبر دليلاً، لأن إسرائيل ليست مصدرا محايداً، ومن قبل أعلنت البحرية الإسرائيلية اعتراضها سفينة شحن في البحر الأبيض المتوسط ادعت أنها كانت تحمل أسلحة إيرانية متجهة إلى قطاع غزة، وهو ما نفته إيران، كما إن إيران لا يمكن أن تقوم بإرسال شحنة أسلحة إلى غزة في وجود صعوبة عملية عبر الأنفاق، بعد أن دمرتها السلطات المصرية بالكامل، وأي حديث عن شبكة توصيل لغزة منعدم خاصة بعد زيارة وزير الدفاع السوداني لمصر، من أجل وضع قوات مشتركة على الحدود، ثم إن إيران لا تخاطر بإرسال شحنة في وقت تشهد فيه مفاوضات ناجحة لها في ملفها النووي. ويخلص عثمان القصة بأنها مفبركة، والهدف منها توسيع الهوة بين حكومة السودان والحكومة المصرية، وكذلك إفساد التقدم الإيراني في مفاوضاتها الجارية. ومن جانب آخر يشكك رئيس وكالة نهر للأنباء الإيرانية في خبر السفينة، وفي حديث له مع قناة الجزيرة الإخبارية، يدفع بأن العلاقات بين إيران وحماس ليست على ما يرام بسبب الأزمة السورية، على الرغم من محاولات من قادة حماس لفتح صفحة جديدة مع إيران. في ما يرى مدير الدراسات في مركز الراصد للدراسات الاستراتيجية د.محمد الحسن الفاضل في حديثه ل(السوداني)، أن إسرائيل لا تجامل في أمنها القومي وأي تقارب سوداني مع إيران من شأنه تهديد أمنها واستقرارها. ويضيف الحسن أن السودان أصبح من دول المواجهة مع إسرائيل، بعد انشغالات مصر وسوريا بأحداثهما الداخلية، ولا بد أن تعي حكومة السودان الدرس جيداً، خاصة وقد أصبحت أراضيها مكشوفة لإسرائيل، وهي قوة متطورة وضاربة، وتكنّ عداءً للسودان. اليرموك.. ذاكرة الهجمات حادث الأمس أعاد للأذهان الهجمات التي شنتها إسرائيل سابقاً على البلاد، حيث استهدفت في أواخر العام 2012 مصنع اليرموك، بعد أن أغارت عليه مقاتلات إسرائيلية ودمرته، وقالت الحكومة السودانية إنها سترد في الزمان والمكان المحددين. قصف السوناتا وفي الخامس من أبريل 2011، قصف الطيران الإسرائيلي سيارة قرب مطار بورتسودان على ساحل البحر الأحمر في منطقة (كدنايب)، مما تسبب في مقتل سودانييْن كانا على متنها. ونفت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، حينها مزاعم إسرائيلية بمقتل القيادي عبد اللطيف الأشقر المتهم من إسرائيل بتهريب السلاح إلى غزة، إلا أنه لم يثبت وجوده في السيارة. وقد كشفت الحكومة السودانية النقاب عن تفاصيل الغارة، وأكدت الخارجية أن الهجوم تم بواسطة طائرتين إسرائيليتين من نوع أباتشي A64-AH أمريكية الصنع استهدفتا سيارة هيونداي (سوناتا) على بعد (15) كيلومتراً جنوب مدينة بورتسودان ودمرت السيارة تدميراً كاملاً وتفحمت جثتا الشهيدين أحمد جبريل وعيسى هداب. وأشارت الخارجية في بيان لها إلى أن الطائرتين أطلقتا 16 صاروخاً من نوع هيل فاير hell fire وAGM 114 ورشاشات أمريكية من طراز (30) ملم و(230) ملم و(16)، وقد وجدت في مكان الحادث ثلاثة صواريخ لم تنفجر وعدداً كبيراً من القذائف المضادة للدبابات والبشر. وأكدت أن نوعية الأسلحة والصواريخ المستخدمة في الهجوم تعزز الاتهام بتورط إسرائيلي في الهجوم، مشيرة إلى أن هذا النوع من طائرات الأباتشي أمريكية الصنع لا يملكها في كل المنطقة إلا سلاح الجو الإسرائيلي. واخترقت الطائرتان مجال الطيران المدني بالسودان قادمتين من اتجاه البحر الأحمر وبلغتا هدفيهما بعد أن قامتا بالتشويش على أجهزة الرادار في المنطقة. قصف الزوارق.. رواية غير معلنة وقصة للهجوم آخر على سواحل البحر الأحمر، حيث كانت قد انطلقت أربعة قوارب للصيد في رحلة العودة محملة بصيد وفير، وأمل كبير في الربح. لم يلتفت الصيادون للمركب الراسي، الذي كان يعتليه يمنيون وصوماليون. تذمر كبير الصيادين ورمق القارب الغريب بتوجس، ووصل تبرمه إلى بقية الصيادين بسبب الغرباء الذين يتسللون إلى المياه الإقليمية السودانية ويسرقون ما يجود به البحر. ودون سابق إنذار ظهرت بارجة أمريكية مزقت سكون البحر بقذائفها التي ضربت قوارب الصيد دون تمييز أو رحمة، مما دفع الصيادين للنزول إلى الماء والاحتماء بقواربهم التي بدأت تتطاير وتتناثر شظاياها بفعل وطأة القذف، وتناثر الصيادون وظنوا أنهم أصبحوا في كنف (عزرائيل). أسدل الليل سكونه ولم يعد أحد يتبين شيئاً، تجمع الصيادون قليلاً قليلاً، وتفقدوا بعضهم فوجدوا أحدهم قد فارق الحياة، بينما فقد آخر. تلك الحادثة كانت في الثاني عشر من يناير من العام 2009 حيث تعرض 17 صياداً سودانياً على متن أربعة قوارب للصيد بالبحر الأحمر إلى قصف قاتل، بمنطقة تلاتلا في المنطقة الواقعة شرق طوكروجنوبسواكن، وهي على بعد 100 كليومتر تقريباً جنوب ميناء بورتسودان، مما قاد إلى وفاة أحدهم وفقد آخر. وقال مدير المصائد البحرية بمدينة سواكن؛ هجو فضل الله محمد، إن (4) قوارب صيد تقليدية تابعة لإدارته تعرضت إلى إطلاق نار مكثف من مجهولين في المياه الإقليمية السودانية، حيث أدى الحادث إلى مصرع صياد واحد وفقدان آخر، مشيراً إلى أن من بينها قارباً يمنياً يحمل عشرة صوماليين اخترق المياه الإقليمية السودانية بطريقة غير شرعية، وتعرض لإطلاق النار ضمن بقية القوارب. غارة متزامنة.. الحادثة الأشهر وبشكل متزامن مع الغارة السابقة، قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف قافلة سيارات، قالت مصادر مقربة من إسرائيل إنها كانت تحمل أسلحة إلى قطاع غزة. وقالت الحكومة السودانية إنها تعود لمهاجرين سريين تعودوا عبور المناطق المحاذية للحدود مع مصر. وقد أدى الهجوم إلى تدمير (16) عربة تهريب كانت في طريقها إلى الحدود المصرية السودانية احترقت في منطقة (أوكو قباتيت) بمحلية جبيت المعادن على بعد 280 كلم شمال غربي مدينة بورتسودان. لم يمضِ وقت طويل لتعاود الطائرات تحليقها وتنفذ غارة على قافلة جديدة من السيارات بالقرب من ذات المنطقة، وقال أحد قيادات قبيلة الرشايدة؛ مبروك مبارك سليم، إن قافلتين قد تم استهدافهما بشرق السودان من قبل غارتين للطائرات الأمريكية، الأولى في الثاني عشر من يناير والثانية في الحادي عشر من فبراير من العام 2009 بحجة أنها قوافل أسلحة ومتجهة إلى قطاع غزة. وأضاف مبروك بعد تنفيذ العملية بشهرين، أن الغارات استهدفت عدداً من السيارات في منطقة تقع بين (جبل صلاح) و(جبل شعنون) كانت تخص جماعات تهريب واتجار بالبشر، نافياً أن تكون تلك قوافل سلاح، وأشار إلى أن ما عثر عليه كان (13) بندقية خفيفة (كلاشنكوف وجيم) تستخدم للحراسة الشخصية للقافلتين. ميناء بورتسودان.. والتهديدات الإسرائيلية ويعيد حادث احتجاز سفينة إيرانية قالت إسرائيل إنها متجهة نحو السودان بالتهديد الذي أطلقته إسرائيل سابقاً بقصف ميناء بورتسودان حتى لا ترسو السفن الإسرائيلية عليه، حيث نفذت الطائرات الإسرائيلية العديد من الضربات وصلت إلى ضرب سيارة داخل المدينة، بجانب ضرب قوافل سيارات تقول إنها تعمل على تهريب السلاح، بجانب ذلك تعتبر تل أبيب البحر الأحمر بمثابة خط أحمر، وهي تعرف أن أيّ ضرب لهذا الميناء سيمسُّ "العصب" السوداني باعتباره منفذاً لعمليات تصدير النفط، الذي تعتمد عليه البلاد، بجانب الصادرات الأخرى وأن أي تعطيل في حركة الملاحة واستقبال السفن، سيكون بمثابة كارثة على الاقتصاد السوداني؛ لذلك لم تتوانَ تل أبيب في إرسال شارة قوية وكبيرة بتلميحات بضرب ميناء بورتسودان، وهي قد تكون الخيار الثاني في قائمة الأهداف التي تريد أن تردع بها الخرطوم، بعد ضرب مصنع اليرموك أو حتى لتجبرها بالحد من تعاونها مع إيران. ويقول الخبير العسكري، والحاكم السابق لبورتسودان، عثمان أحمد فقراي، في حديثه ل(السوداني) إن سواحل السودان خاصة في منطقة الميناء تتمتع بتحصينات ودفاعات جيدة، وهي قديمة منذ المواجهات العربية الإسرائيلية، وتم نصب نظام صاروخي روسي. وبعد الخلاف بين الاتحاد السوفيتي ونظام نميري، تم إيقاف تزويده بقطع الغيار وتم تجديده وتعديله بواسطة القوات الأمريكية خلال المناورات التي أقامها في فترة نميري أيضاً ضمن مناورات (النجم الساطع)، وأشار إلى وجود مدافع مضادة للطيران في ميناء بشائر المخصص للصادر النفطي، معتبراً أن الثغرة الكبرى تكمن في الجزر الواقعة تجاة أريتريا التي توجد بها قطع بحرية إسرائيلية بجانب غواصات تجوب باطن البحر. واستبعد فقراي أن تقوم إسرائيل بعملية كبرى في بورتسودان، بمعنى أن تقوم بإنزال بري وبحري، إلا أن خيار تنفيذ ضربات جوية هو الخيار الأقرب، منوها إلى أن على حكومة السودان زيادة التعاون بين الدول العربية وتفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك لحماية البحر الأحمر.