مكي المغربي هذه الدولة قد تكون الدعوة لها حاليا مجرد (تكتيك سياسي) من جورج أتور وقد تكون شعارا ينادي به د. ديفيد ديشان في حالة عدم التوصل إلى اتفاق مع الحركة الشعبية، ولكن فيما يبدو أنها ستخرج من أيدي السياسيين والعسكريين الجنوبيين جادة كانت أم لاعبة لتكون حقيقة تمشي على ساقين كرهت القوى الكبرى هذا الأمر أم أحبته. جمهورية أعالي النيل Upper Nile Republic لديها مقومات استقرار اقتصادية وسياسية أكثر من دولة الجنوب الكبرى التي ستسيطر عليها أغلبية الدينكا سواء كانت حقيقية أم زائفة وذلك لأن الواقع العملي يشهد لها بالصحة فما يجده دينكا نوك وهم أقلية حتى داخل الدينكا لا يحلم به النوير ولا الشلك مجتمعين. جمهورية أخرى هي (الجمهورية الاستوائية) هنالك منطق يسند قيامها وهو أن ما يجمع قبائل الاستوائية فيما بينها أكبر مما يجمعها مع القبائل النيلية والأخرى في أعالي النيل وبحر الغزال. تبقى جمهورية بحر الغزال لها منطق أيضا وهو أن الكل في الجنوب باستثناء أبناء بحر الغزال يخشون من سيطرة الدينكا عليهم، لكن تحقيق الدينكا لدولتهم مع بعض القبائل الأقل عددا سيفتح بابا لحملات إقصاء وتهميش هي الأسوء في تاريخ السودان وجنوب السودان. هذا التخوف يفسر أن أعلى نسبة صوتت للوحدة هي النازحون من بحر الغزال إلى جنوب دارفور ومعظمهم من المتضررين من هيمنة الدينكا أو فروع محددة فيها. الاستوائيون لن يقتربوا من الشمال، ولن يتحدوا مع يوغندا ولكن سيكونوا أقرب لها، دولة أعالي النيل لن تتحد مع الشمال ولكنها ستتكامل معه بحثا عن مصالحها وتحقيقا لاستقلالها في آن واحد، ستكون دولة خالية من (العقد) متصالحة مع اللغة العربية والإسلام باعتبارها مكونات وطنية لهويتها ضمن المكونات الأخرى. هذا السيناريو المشرق إذا صار واقعا لن يحدث بسهولة ولن يكون مجرد (نزهة) أو (لعبة حلوة) يتفرج عليها أهل الشمال وتنقل أخباره الصحف اليومية، ولكنه سيكون دمويا مرعبا تتحقق نتائجه على آلاف الأشلاء والجثث، وسيدفع فيه الشمال ثمنا غاليا إذ إن الدول الكبرى ستحمله المسئولية وربما تحاصره وتعاقبه. الخيار الوحيد أمام الفريق سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان لقطع الطريق أمام هذا السيناريو يكون في حالة المصالحة الوطنية الحقيقية مع قادة المعارضة وإسناد مواقع مهمة إليهم وعلى سبيل المثال تعديل دستور الجنوب وإسناد رئاسة الوزارة للدكتور لام أكول وهكذا. هذا الثمن المر قد لا توافق عليه أغلبية الدينكا التي يسند سلفا ظهره إليها ولكنا إذا أصرت على الاحتفاظ بكل شيء فستفقد كل شيء. حلول مؤقتة مطلوبة: إقالة والي الوحدة واختيار وال من أبناء النوير الذين يتمتعون بشعبية حقيقية مع الاستمرار في هذا النهج الوقائي في بقية الولايات العشر والمواقع المركزية بأعجل ما تيسر.