ليست وحدها فهناك "مرتدات كثر" "الطبيبة المرتدة".. هل يقام عليها الحد اليوم؟ من المنتظر أن تمثل "مريم" أمام محكمة النظام العام بالحاج يوسف للاستتابة تطورت قضية "الطيبة المرتدة" حيث أصدرت عدد من السفارات الأجنبية بالخرطوم بيانات تنتقد حكم الردة الذي صدر بحقها إذا لم تعد "الطبيبة المرتدة" للإسلام فقد تواجه عقوبة الإعدام الباحث الإسلامي د.محمد المجذوب: الإسلام لا يكره أحداً على الدخول فيه، ولا للخروج من دينه إلى دين ما تقرير: محمد عبد العزيز اليوم الخميس، وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً، تمثل (أبرار) التي تحولت إلى اسم (مريم يحيى) أمام محكمة النظام العام بالحاج يوسف، في القضية التي أصبحت تعرف إعلامياً بقضية "الطبيبة المرتدة". اليوم تنتهي المهلة التي أعطتها المحكمة للمتهمة "بالردة" عن الدين الإسلامي واعتناقها الديانة المسيحية حتى تستيب وترجع للإسلام مجدداً وإلا سيطبق فيها الحكم الذي صدر في الجلسة الماضية. فقد أدانتها المحكمة بتهمة الزنا، بجانب إدانتها بتهمة الردة من القانون الجنائي ومخالفتها نص المادة (126)، ولذلك أمام "مريم" خياران: إما أن تقول إنها رجعت للدين الإسلامي، أو ستحكم عليها المحكمة بحكم قد يصل للإعدام، لذلك الخيارات تبدو صعبة لقضية شائكة ومعقدة، لتعيد فتح ملف التنصير في السودان من جديد للعلن. أضواء دولية أصبحت تجذب المزيد من الأضواء خاصة أن السفارة الأمريكية وبعثات الاتحاد الأوروبي أصدرتا بياناً عبرتا فيه عن قلقهما العميق لحكم "الردة" الذي صدر بحق مريم، ودعتا في بيان مشترك حكومة السودان إلى احترام حرية وحق تغيير الديانة أو العقيدة، باعتباره حقاً مكتسباً في قانون حقوق الإنسان الدولي، وأيضاً باعتباره منصوصاً عليه في دستور السودان المؤقت. وحثت تلك الدول في بيان السلطات القانونية في التعامل مع قضية مريم بعدالة ورحمة لتتماشى مع قيم الشعب السوداني. وأردف البيان: (نحن قلقون بخصوص الحكم القاسي المحتمل إذا ما أدينت بالزنا). فيما اجتمعت هيئة الدفاع عن الطبيبة مريم إبراهيم مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي في الخرطوم، ونقلت إليهم تطورات القضية، وناقش المجتمعون طبقاً لبيان من البعثة الأوروبية آثار القضية والحكم على التسامح الديني وحقوق الإنسان، وقالت إن الدبلوماسيين يحترمون الاستقلالية الكاملة للنظام القانوني السوداني. وأشارت إلى أن الحرية الدينية هي حق من حقوق الإنسان العالمية، التي يجب أن تكون محمية في كل مكان وبالنسبة للجميع، كما أكد الدبلوماسيون من دول الاتحاد الأوروبي أنه في سياق اتفاقيات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ذات الصلة، للسودان التزام دولي للدفاع عن وتعزيز حرية الأديان. الحكم فقهي أجمع الفقهاء على أن الردة عن الإسلام أغلظ من الكفر الأصلي، ولذا اتفق الفقهاء على قتل المرتد وعدم إقراره على كفره، ولا خلاص له من القتل إلا بالرجوع إلى الإسلام، وخالف أبو حنيفة في المرأة، فقال: (لا تقتل بل تجبر على الإسلام بالضرب والحبس حتى ترجع إلى الإسلام أو تموت)، وهذا القول مرجوح لما ورد في إحدى روايات حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن: أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها فإن عادت وإلا فاضرب عنقها. قال الحافظ في الفتح: وسنده حسن، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه. وأخرج الإمام مالك في الموطأ، أن رجلاً قدم على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قِبَل أبي موسى الأشعري، فسأله عن الناس؟ فأخبره أن رجلاً كفر بعد إسلامه، قال ما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه، قال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً وأطعمتموه كل يوم رغيفاً واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله تعالى، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني. ومن الأدلة على قتل من رجع عن الإسلام سواء كان رجلا أو امرأة.. قوله صلى الله عليه وسلم: ومن بدل دينه فاقتلوه. رواه البخاري. بينما يقول الباحث الإسلامي د. محمد المجذوب إن الإسلام لا يكره أحداً على الدخول فيه، ولا للخروج من دينه إلى دين ما أو ملة ما؛ لأن الإيمان المعتد به هو ما كان عن اختيار وحرية, يقول تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وقال إنه لذلك لا يُعاقِب الإسلام بالقتل لمن ارتد عن دين الإسلام، وإنما يدع عقابه إلى الآخرة إذا مات على كفره. هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى, فإنه في صلح الحديبية, نجد أن النبي قد وافق على أن من ارتد من أهل المدينة فلا بأس لو التحق بأهل مكة، وليس له أن يطالبهم به, ثم إن الآيات القرآنية التي تحدثت عن المرتد لم تذكر له أي عقوبة دنيوية، بل قصرت ذلك على العقوبة عند الله يوم القيامة. كما أن الرسول لم يقتل أي إنسان لمجرد ردته. بل وافق على أن يخرج المرتد من المدينة إلى مكة من دون أن يعاقبه، ولو كان قتل المرتد حكماً قرآنياً لما وافق النبي على شرط في صلح الحديبية يخالف القرآن. وأشار إلى أن الإسلام يمنح الحرية الدينية والفكرية كاملة، وليس فيه أي اضطهاد فكري. وإن حربه على الآخرين سببها عدوانهم وليس كفرهم؛ فالكفر ليس باعثاً على قتال أحد، بل لهم حرية مطلقة في الكفر، وحساب الكافر عند الله تعالى فقط على مجرد كفره. يدل على ذلك أن النبي قبل توبة جماعة من المرتدين، وأمر بقتل جماعة آخرين، ضموا إلى الردة أموراً أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين. أصل القضية أصل القصة التي يرويها قاضي الدرجة الأولى بمحكمة جنايات الحاج يوسف مولانا عباس محمد خليفة، الذي قال إن وقائع البلاغ أشارت إلى أن المتهمة الأولى (الطبيبة المرتدة) من ولاية القضارف قرية القريشة وانتقلت إلى ولاية الخرطوم بغرض الدراسة بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بكلية المختبرات الطبية، حيث كانت الطبيبة المرتدة تسكن في إحدى الداخليات بالخرطوم إلى مرحلة تخرجها من الكلية، وانخرطت في مجال الأعمال المختلفة بالخرطوم، لتسكن في المرة الثانية لدى أحد أصدقاء والدها بمنطقة المايقوما بشرق النيل؛ حينها انقطع أثرها عن أهلها، ليقوموا بعملية البحث عنها في جميع المقاصد ومنازل المعارف، ولكن دون جدوى، إلى أن تم العثور عليها في أحد المنازل بالمنشية بضاحية الخرطوم متزوجة من المتهم ذي الجنسية الأجنبية ويعمل مترجماً لدى الأممالمتحدة وعندما حاصرها ذووها بالأمر عند العثور عليها، أنكرت صلتها بهم وادعت أنها لا تعرفهم، بجانب ادعائها أنها مسيحية الديانة ووالدتها بجنسية إثيوبية، وأن أصلها الثابت من ولاية دارفور وغيرت اسمها الحقيقي (أبرار) بآخر مريم آدم يحيى إسحق، باعتبارها من منطقة دارفور، ليقوم ذووها بتحريك إجراءات قانونية بقسم حلة كوكو وتحرير بلاغ في مواجهتها تحت المواد المتعلقة بالزنا والردة من القانون الجنائي، وذلك للعلم بأنه بلاغ لاحق لآخر تم تدوينه سابقاً في العام 2012م لاختفائها عن ذويها، وانقطاعها عنهم، ليتم اقتيادهما هي وزوجها الأجنبي المتهم الثاني إلى القسم ومباشرة الإجراءات الجنائية، وبعد اكتمال تحرياتهما أحالت النيابة ملف البلاغ للمحكمة للفصل فيه، وبعد سماع قضية الاتهام والدفاع وجهت المحكمة للمتهمة الثانية الطبية المرتدة (تهمة الردة والزنا) من القانون الجنائي، بجانب توجيه تهمة الزنا في مواجهة المتهم الأول زوجها. أساليب التنصير قضية مريم يعود ليفتح قضية التنصير في البلاد حيث ويكشف د.جمال تبيدي أن هنالك العديد من أساليب التنصير في البلاد ويقول: "يبدأون أولاً في تشكيك المسلمين في معتقداتهم، ويقومون بتجميل المسيحية ودعوتها للتسامح، كما يجدون في الفقر والجهل تربة خصبة للتنصير"، ويزيد: "المنصرون في السودان يعملون من خلال واجهات تعليمية بحيث أن المناهج التي تدرس تساعد في تغيير المعتقدات". وفي ذات الوقت يشرح عمار صالح عملية التنصير ويقول: "يعمل المنصرون بنظام الشبكة، ويميل الكاثوليك منهم لاستغلال أعمال الإغاثات وسط المناطق الطرفية المنكوبة لنشر دعوتهم، أما العمل وسط أبناء المسلمين عبر المعارض وغيره، فنشطت به الإنجيلية، أما الأرثوذكسية فقد نشطت مؤخراً في أوساط الطالبات". ويقول صالح: "في بعض الأحيان تلجأ الكنائس لاستخدام السحر لإقناع المستهدفين، وقد استقبلنا ثلاث فتيات مؤخراً تم تنصيرهن بواسطة السحر، وعندما نقرأ على الواحدة منهن آيات السحر تتغيّر ملامحها وتبدأ في ترديد كلمات غير واضحة. ومثل هذه الحالات لا تجدي معها المناقشة لأنها ليست في وعيها". غير أن الكاتب الصحفي مكي المغربي يقول إن ظاهرة الخروج عن الإسلام محدودة جداً، لم تظهر اليوم، ولن تختفي غداً. ويرجع المغربي الأمر لأسباب فكرية أو مالية أو عاطفية، وقد يمتزج بعضها، ويضيف أن الغالب هو تمازج الأسباب، خاصة عندما يصدف أن يكون الشخص ذا قناعات دينية ضعيفة. وينفي المغربي نظرية الاستهداف، ويقول إن محاولة البحث عن أسباب تآمرية أمر يشي بالتعسف في التأويل والتفسير، ويلفت إلى أن المؤسسات التنصرية حريصة على ألا تنفذ عمليات فردية في العمق الإسلامي حتى لا تهدد وجودها، وتفضل عوضاً عن ذلك التنصير الجماعي في المناطق الضعيفة تنموياً، ويشير لنموذج المناطق المقفولة في جنوب السودان. أرقام وسوابق لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المسلمين الذين تنصروا في السودان؛ حيث يقدرهم أستاذ علوم الأديان بجامعة أم درمان الإسلامية د.جمال تبيدي بالمئات، وربما يتعدون الآلاف. وقال تبيدي في منتدى سابق إن قلة منهم يجهرون بارتدادهم عن الإسلام، ولكن كثيرين يخفون الأمر حتى عن أسرهم. ويرجع مدير المركز الإسلامي للدراسات المقارنة الشيخ، عمار صالح، تزايد حالات التنصير لعدة أسباب أبرزها الصراع بين الجماعات الإسلامية، بجانب كسر عقيدة الولاء والبراء، خاصة عبر أجهزة الإعلام، وضعف المناهج التعليمية والدعوية، وما موجود منها يتعلق بقضايا لم تعد معاصرة، ويشرح ذلك ويقول: "أغلب من يتنصرون تثار لهم شبهات حول قضايا الرق والمرأة، ولكن هناك أجوبة عصرية مقنعة جداً، ولذلك لا بد من تنقيح هذه المناهج ووضع جرعات وقائية تكون ترياقاً ضد ما يثيره المنصرون من شبهات". ووفقا لتقديرات المركز الإسلامي للدراسات المقارنة، فإن حالات التنصير في السودان تزايدت وسط الطالبات، وأن عددها يتجاوز ال «100» من مختلف أنحاء السودان، ويشير المركز إلى أن «6» حالات فقط تم كشفها وعودتها إلى الإسلام وهي «إ.ع» من الخرطوم. و «ي.أ» من دنقلا و«أ» من شرق السودان و«أ» من العالياب، ويجري المركز محاولات لعودة أخريات. مرتدات أخريات وبما أن قضية تبديل الدين ترتبط بمفهوم العقيدة، فإنه أمر معقد يرجعه البعض إلى أن قابلية الشباب لتبديل دينه تبدأ من إمكانية زرع أساليب دينية متشددة، يستخدم فيها الترهيب والإخافة، ويكون هذا مدخلا جيدا للمنصرين لإحداث التحول. في السودان، هنالك العديد من حالات "الارتداد" عن الدين الإسلامي والتحول للدين المسيحي، حيث توجد قصة الفتاة بجامعة الأحفاد التي تنصرت، وبدأ معها عدد من الشيوخ جلسات مناقشات فكرية ودينية، ولكن هذه القضية لم تصل لساحات المحكمة. توجد أيضاً قضية الطالبة التي كانت شديدة التدين "منقبة"، وتدعي نوال، التي تحولت للمسيحية وبشكل متشدد أيضاً، إذ وشمت "الصليب" على يدها وأصبحت تتردد على الكنائس، وبدأ معها أحد مراكز التوعية الدينية مناقشات حيث أثار قضايا جدلية عن الإسلام والحدود، ولكن في نهاية الأمر عادت للإسلام من جديد.