*رغم الكلام الكثير الذي سمعته من أعز صديقاتي، تعلق قلبي به، مع علمي بالفارق العمري الذي كان يفصل بيننا، فقد كان يكبرني بخمس سنوات، كنت أرد على الذين يعاتبونني بقصة زواج السيدة خديجة رضي الله عنها من حبيب قلوبنا الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أكبر منه سِنَّاً. *كنت أتساءل محتجة لماذا يتزوج الرجال الكبار من فتيات صغيرات السن، ويستنكر الناس زواج الفتاة أو المرأة كبيرة السن من شاب أصغر منها؟! وواصلت في بناء حلمي الذي لم أخرج به من حدود مكان العمل، على أمل أن يتوج بنهاية سعيدة تجمعني به في عش الزوجية. *هكذا بدأت س.م من بورتسودان رسالتها التي قالت فيها إنها فتاة على قدر من الجمال اللافت بلا محسنات صناعية، وإنها تعمل في وظيفة مرموقة بإحدى الشركات، ويعمل معها الشاب الذي تعلقت به، وتمنت أن تتزوجه، لكنها اكتشفت بنفسها أنه ليس جاداً في بناء حياة أسرية، من خلال متابعتها لعلاقاته المتعددة مع الموظفات ومع غيرهن خارج مكان العمل، وأنه كان فقط معجباً بها وبجمالها، لكنه لا يشاركها نفس الأحلام والتطلعات . *قالت س.م إنها اكتشفت أنه يتعامل مع البنات في الشركة بذات الروح، فهو شخصية انبساطية ويحب المرح، وعندما حاولت تنبيهه إلى سلوكه هذا، تأكد لها أنه لا يبادلها نفس المشاعر، بل تمادى في علاقاته مع الأخريات دون أن يكترث لمشاعرها. *مضت س.م قائلة: أحمد الله أنني اكتشفت ذلك قبل أن يتم ما كنت أتمناه، لذلك انسحبت بكامل إرادتي من حياته، بعد أن اقتنعت بأنه ليس الإنسان المناسب للحياة الأسرية، خاصة وأن "عينه طايرة" ولا يكاد يقيم أية علاقة جادة مستدامة للمستقبل. *لا أخفي عليك إنني حزينة، فقد صدمت في من كنت أظنه فتى أحلامي، وأحمد الله أنني كنت أتعامل معه بحذر، خلال الفترة التي كنت أدرس حاله وطباعه، كما لا أخفي عليك فإنني أشعر بالمرارة والإحباط، خاصة أن سنوات عمري تمضي نحو المرحلة التي درج الناس على وصفها ب"سِنِّ اليأس"، لذلك قررت أن أحمي نفسي من التورط مرة أخرى في علاقة مجهولة العواقب، سأغلق الباب على قلبي، ولن أسمح لنفسي بأن أبيعه بالزواج - بمن حضر . *انتهت رسالة س.م التي قررت بكامل إرادتها قطع علاقتها مع من كانت تحلم ببناء عش الزوجية معه، لكنها للأسف كما قالت في ختام رسالتها، إنها أغلقت باب الأمل على قلبها، وهذا خطأ في حق نفسها، لأن قطار الحياة لا يتوقف عند محطة واحدة، وإن السعادة لا ترتبط بالأعمار، وكذلك الزواج. *حسناً فعلت بقطع علاقتها مع هذا الشاب، لكن كما هو واضح من رسالتها أنها إنسانة ناضجة وواعية وتحسب خطواتها، أي أنها قوية تستطيع تجاوز هذه المحطة في حياتها، ولا تقنط من رحمة الله القائل في محكم التنزيل: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) آية (216) البقرة. صدق الله العظيم.