أسامة عبد الماجد: مُفضِّل في روسيا.. (10) ملاحظات    مناوي ل "المحقق": الفاشر ستكون مقبرة للدعم السريع وشرعنا في الجهود العسكرية لإزالة الحصار عنها    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق أمريكية عن أكتوبر والديمقراطية الثانية (24): سقوط حكومة الصادق المهدي صهر محجوب "مسمار جحا" في
نشر في السوداني يوم 21 - 02 - 2015


وثائق أمريكية عن أكتوبر والديمقراطية الثانية (24):
سقوط حكومة الصادق المهدي
صهر محجوب "مسمار جحا" في حكومة غريمه الصادق المهدي
نقد الله: عبد الناصر يخاف من الديمقراطية في السودان
الأزهري والهادي المهدي يتنافسان على رئاسة الجمهورية
----------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
هذه هي الحلقة رقم 24 من هذا الجزء من هذه الوثائق الأمريكية عن التطورات السياسية في السودان، وهي كالآتي:
الديمقراطية الأولى (25 حلقة): رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري (1954-1956).
الديمقراطية الأولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958).
النظام العسكري الأول (19 حلقة): الفريق إبراهيم عبود (1958-1964).
النظام العسكري الثاني (38 حلقة): المشير جعفر نميري (1969-1975)، آخر سنة كشفت وثائقها.
هذه وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة أكتوبر (1964-1969). وستكون 30 حلقة تقريباً.
-----------------
الصادق يعدل حكومته:
9-1-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: إعادة تشكيل حكومة الصادق المهدي
"... يوم 6-12، أعاد رئيس الوزراء الصادق المهدي تشكيل حكومته، واقتصر على وزراء حزبه، حزب الأمة، فيما يبدو أنها بداية محاولات لإعادة توحيد الحزب...
أعلن المهدي استقالة (لا إخراج) محمد الحلو موسى، وزير الثروة الحيوانية، وعمر نور الدائم، وزير الزراعة. واختيار أحمد المهدي ليحل محل الحلو، ومحمد خوجلي ليحل محل نور الدائم.
حسب معلوماتنا، لم يوافق الهادي المهدي، إمام الأنصار، مسبقا على هذا التغيير. وليس مؤكدا أنه سيوافق عليه. وربما وافق عليه كشرط من شروط أخرى لعودة جناح الصادق المهدي إلى الحزب الأم.
على أي حال، حسب معلوماتنا، أحمد المهدي، الذي سيدخل وزارة الصادق المهدي، كان قاد جناح الإمام الهادي المهدي في الصراع مع الصادق المهدي.
لهذا، نقدر على أن نقول إن دخول أحمد المهدي يمكن أن يؤدي إلى واحدة من نتيجتين:
إما توافق بين الرجلين (العم وابن العم) يقود إلى مصالحة جناحي الحزبين.
أو مواجهة بينهما تفشل المصالحة، وتضعف جناح الصادق المهدي...
بالنسبة لمحمد خوجلي، كان وكيل وزارة التجارة، وليست له ميول سياسية واضحة. لكن، حسب معلوماتنا، هو صهر محمد أحمد محجوب، رئيس الوزراء السابق، ومن قادة جناح الإمام الهادي المهدي. وربما الهدف هو أن يمثل محجوب في وزارة عدوه اللدود الصادق المهدي (ليكون مثل "مسمار جحا").
لكن، يواجه تعيين خوجلي معارضات من جناحي حزب الأمة:
أولا: ليس عضوا في البرلمان.
ثانيا: ليس عضوا رسميا في حزب الأمة.
ثالثا: أغضب وضعه مكان نور الدائم مواطني دائرة نور الدائم، وقبيلته... (لا يوجد اسم القبيلة).
-----------------
الصادق والأزهري:
6-2-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: مشاكل التحالف الحاكم
"... بالإضافة إلى مشكل الصادق المهدي مع عمه الإمام الهادي المهدي، يواجه الصادق مشاكل مع إسماعيل الأزهري، رئيس مجلس السيادة، وزعيم الحزب الاتحادي، حليف الصادق في الحكومة...
يوم 14-12، أدى القسم أمام الأزهري، كرئيس لمجلس السيادة، الوزيران الجديدان من حزب الأمة، أحمد المهدي وخوجلي. لكن، فاجأ الأزهري الصادق، وآخرين، باستدعائه عبد الماجد أبو حسبو، من قادة الحزب الاتحادي، لأداء القسم كوزير للتجارة. ليحل محل محمد أحمد المرضي، الذي توفي مؤخرا. رتب الأزهري ذلك بدون موافقة رئيس الوزراء (الصادق المهدي) كما ينص الدستور...
واهتز الائتلاف بين الحزبين، كما اهتزت العلاقة بين الصادق المهدي والاتحاديين. ها هم، بالإضافة إلى عدو الصادق اللدود، حسين الشريف الهندي، وزير الحكومة المحلية، يدخلون أبو حسبو، صديق الهندي، في الوزارة.
في الماضي، ومرات كثيرة، اشتكى لنا الصادق من الهندي، ومن "انكووباريتفنيس" (عدم التعاون) من جانبه. لا ندري ماذا سيقول لنا الآن بعد أن دخل وزارته صديق الهندي، أو، حقيقة، أدخل الوزارة...
في نفس الوقت، حتى جناح الإمام الهادي المهدي عارض إدخال أبو حسبو، وبدون اتباع الإجراءات الدستورية. ويمكن أن يكون ذلك بداية تقارب بين جناحي حزب الأمة، بعد أن لقي الصادق من الاتحاديين ما لقي...
في نفس الوقت، أيضا، يمكن أن يكون ذلك بداية تقارب بين الحزب الاتحادي وحزب الشعب. وفعلا، مؤخرا، قابل الأزهري السيد علي الميرغني، أمام طائفة الختمية التي يمثلها حزب الشعب.
حاليا، يستمر التحالف الحكومي بين الحزبين، الاتحادي والأمة، على مستوى القيادات على الأقل. لكن، يشهد البرلمان، ومظاهرات وندوات يقيمها الاتحاديون في الخرطوم والمدن الرئيسية ضغوطا قوية على الازهري، وقادة الاتحاديين، لفض التحالف مع حزب الأمة.
وفي البرلمان، رفض نواب اتحاديون تأييد الميزانية السنوية التي قدمتها حكومة الصادق المهدي. وأيضا، مشاريع قوانين. وصار واضحا أن الصادق يواجه مشاكل، إذا كان لا يواجه شللا، داخل حكومته..."
-----------------
الصادق والمحجوب:
6-3-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: انقسام حزب الأمة يتفاقم
"... من المفارقات أن محمد أحمد محجوب، رئيس الوزراء السابق من حزب الأمة، وعدو الصادق اللدود، ومن قادة جناح الإمام الهادي المهدي، هب ليزيد الكيل كيلين. هل يريد إهانة الصادق الذي يواجه مشاكل مع حلفائه الاتحاديين؟ هل يريد تدميره نهائيا؟ هل يريد الضغط عليه ليعود إلى الحزب الأم؟
من داخل البرلمان، شن محجوب هجوما عنيفا على حكومة الصادق. وعندما قدم الصادق الميزانية السنوية، خرج محجوب، مع نواب آخرين من جناح الإمام الهادي المهدي، من قاعة البرلمان...
وزاد الإمام الكيلين كيلا ثالثا. يوم 5-2، عقد مؤتمرا في جزيرة أبا، معقل طائفة الأنصار منذ أيام المهدي الكبير في نهاية القرن التاسع عشر. خلال المؤتمر، شدد الإمام على أنه إمام الأنصار، وأيضا، زعيم حزب الأمة. وعلق الصادق المهدي بأن مؤتمر أبا كان دينيا، وليس سياسيا...
هذا خلاف تاريخي داخل هذا الحزب المهم في مواضيع مهمة:
أولا: الفصل بين الدين والسياسة.
ثانيا: الفصل بين الدين والعائلة.
ثالثا: الفصل بين الدين والعلمانية...
في الوقت الحاضر، اختلطت هذه المواضيع مع المناورات والمؤامرات الحزبية. نعم، قلل الصادق أهمية قرارات مؤتمر أبا، لكن، هذه قرارات توضح أن كفة ميزان الصادق أقل وزنا. المؤتمر:
أولا: أدان الخمسين نائبا في البرلمان الذين يؤيدون الصادق. ودعاهم للعود إلى الحزب الأم.
ثانيا: أكد حل أجهزة حزب الأمة. ودعا إلى مؤتمر عام للحزب لوضع أجهزة جديدة.
ثالثا: دعا إلى إعلان دستور إسلامي.
رابعا: دعا إلى أن يكون الدستور رئاسيا...
ليست هذه النقطة الأخيرة إلا جزءا من طموحات الإمام الهادي المهدي، عم الصادق، ليكون رئيسا للجمهورية. وهي، كما أوضحنا في رسائل سابقة، استمرار لطموحات والده الإمام عبد الرحمن المهدي، الذي كان يريد مواصلة حكم والده المهدي الكبير، بصورة أو أخرى...
الآن، طبعا، تغيرت الظروف. ليس فقط بالنسبة لحزب الأمة، وبالنسبة للسودانيين، ولكن، أيضا، بالنسبة لموضوع المسلمين والديمقراطية الغربية..."
-----------------
علي عبد الرحمن:
16- 3-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: دمج الحزبين الاتحادي والشعب
"... يوم 11-3، عقد الشيخ علي عبد الرحمن، زعيم حزب الشعب الديمقراطي، حزب طائفة الختمية الإسلامية، مؤتمرا صحافيا مثيرا في فندق "قراند هوتيل" عن جهود دمج حزبه مع الحزب الوطني الاتحادي، الحزب الأم الذي كان حزب الشعب انفصل منه سنة 1956. كشف عبد الرحمن معلومات جديدة، ولم ينكرها قادة الحزب الاتحادي...
كان المصريون لعبوا دورا غير صغير في انفصال حزب الشعب عن الحزب الأم:
أولا: قصدوا الانتقام من الحزب الاتحادي، بزعامة إسماعيل الأزهري، رئيس أول حكومة سودانية، لأنه غيّر رأيه من اتحاد السودان مع مصر إلى الاستقلال.
ثانيا: خططوا لتأسيس حزب ديني، اعتمادا على طائفة الختمية الإسلامية، لينافس الحزب الديني الآخر، حزب الأمة، القوي جدا، والذي يعتمد على طائفة الأنصار الإسلامية، والذي يتبادل عداء تاريخيا مع المصريين، منذ القرن التاسع عشر...
الآن، في مؤتمره الصحفي، حمل عبد الرحمن مسؤولية انشقاق حزب الشعب عن الحزب الاتحادي على ما سماها "بوليتكال فيسيسيتيوتز" (تقلبات سياسية). وقال إن الانشقاق كان سببا رئيسيا لزيادة قوة حزب الأمة، و"سيطرته على البلاد." وبالتالي، كان سببا في الانقلاب العسكري سنة 1958، الذي قاده الفريق إبراهيم عبود، وحكم السودان حتى سنة 1964 عندما ثار عليه السودانيون، وأسسوا النظام الديمقراطي الحاضر...
وفي المؤتمر الصحفي، أثار عبد الرحمن ضجة عندما قال إن عبد الله خليل، زعيم حزب الأمة ورئيس الوزراء حتى انقلاب عبود، هو الذي سلم الحكم إلى القوات المسلحة...
لكن، لم يقل عبد الرحمن الآتي:
أولا: دور المصريين في شق حزب الشعب عن الحزب الاتحادي.
ثانيا: دوره هو في الانشقاق.
ثالثا: دوره هو في التحالف مع حزب الأمة و"سيطرته على البلاد".
رابعا: دوره هو، بالتالي، في الانقلاب العسكري...
وربما لأول مرة، أعلن عبد الرحمن أن محاولاته لدمج الحزبين بدأت مباشرة بعد ثورة أكتوبر وعودة الديمقراطية في سنة 1964 وقال إن الأزهري رفض مبادرته. وإنه، في سنة 1965، قبيل الانتخابات، رفض الأزهري مبادرة أخرى منه. وقال عبد الرحمن: إذا كان الأزهري وافق، كان الحزبان خاضا الانتخابات بقائمة واحدة، وكانا فازا على حزب الأمة. بدلا عن فوز حزب الأمة، واضطرار الأزهري للتحالف معه كشريك أصغر في الحكومة الائتلافية الحالية...
وقال عبد الرحمن إنه، في نهاية سنة 1966، أحس الاتحاديون بأن حزب الأمة "يرفض فلسفة الحكم العربية الليبرالية". ويريد "ربط البلاد مع الدول الاستعمارية والرأسمالية، تحت دكتاتورية رجعية". لهذا، اتصل محمد أحمد المرضي، أمين الحزب الاتحادي في ذلك الوقت، مع عبد الرحمن حول دمج الحزبين. وفي وقت لاحق، اجتمع الأزهري مع السيد علي الميرغني، زعيم طائفة الختمية...
وقال عبد الرحمن إنه توجد مشاكل أمام الدمج. منها أن الحزب الاتحادي يريد "دمجا شاملا وسريعا"، بينما يريد حزب الشعب "تحالفا مؤقتا"، ثم، تدريجيا، "دمجا كاملا"...
-----------------
حل البرلمان:
12-4-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: كتابة دستور السودان
"... بعد شهرين تقريبا، وبالتحديد يوم 9-6، تنتهي فترة البرلمان (الجمعية التأسيسية) الذي كان كلف بكتابة دستور دائم للسودان. وأعلن رئيس الوزراء الصادق المهدي أن لجنة كتابة الدستور ستنهي مهمتها بعد أقل من شهرين. لكن، تظل الانقسامات والتحالفات والمناورات تهدد إمكانية تحقيق هذا الهدف...
حتى لو تحقق ذلك، لا يوجد وقت كاف لإجراء انتخابات البرلمان الجديد، وانتخابات رئيس الجمهورية، قريبا، وذلك بسبب فصل الخريف، حيث تعرقل الأمطار الحركة في جزء كبير من السودان.
وعلى أي حال، حسب توقعاتنا، لن يتحقق ذلك. لن يقدر السودانيون على تحقيق إنجازات دستورية التزموا بها. انشغلوا بانقساماتهم ومناوراتهم... وها هم الآن يواجهون فراغا دستوريا. كان عليهم كتابة دستورهم، وإجازته، قبل نهاية فترة البرلمان. وهم الذين سموه "كونستتيوانت اسمبلي" (جمعية تأسيسية). وها هم لم يضعوا الأساس في الوقت الذي حددوه هم في دستورهم...
ماذا سيحدث لملء هذا الفراغ الدستوري؟
هذه اقتراحات تناقش الآن:
أولا: تمد الجمعية التأسيسية عمرها لستة شهور، لتكمل كتابة وإجازة الدستور.
ثانيا: تتحول إلى برلمان، ليواصل العملية التشريعية.
ثالثا: يجري استفتاء شعبي لإجازة الدستور...
بقي شهران فقط، ولا يعرف السودانيون أي طريق سيسيرون عليه...
سألنا الصادق المهدي، رئيس الوزراء، في إحدى المقابلات معه. وقال: "لا بد أن نفعل شيئا مع حلول شهر يونيو". نعم، لكنه لم يحدد ما هو الشيء، وهو رئيس الوزراء...
في الجانب الآخر، يعارض حزب الشعب، حزب طائفة الختمية، وحلفاؤه: القوميون العرب، والناصريون، والاشتراكيون، والشيوعيون، مد فترة البرلمان. ربما ليس حرصا على حل دستوري أفضل، ولكن لوضع نهاية لحكومة يعارضونها. ولبرلمان لا يتمتعون فيه بتأييد كبير، بل أي تأييد... ثم لا ننسى تمرد الشباب في الحزب الاتحادي، حزب الأزهري، رئيس مجلس السيادة ورئيس الجناح التقليدي في الحزب. يعارض هؤلاء استمرار التحالف مع حزب الأمة، جناح الصادق، جناح الشباب. والذي هو نفسه يواجه ضغوطا من الجناح التقليدي، جناح الإمام الهادي المهدي...
لا شك أن هذه من مفارقات السياسة في السودان: تمرد شباب حزب الأمة على قائدهم التقليدي، وتحالفوا مع الاتحاديين. وها هم شباب الاتحاديين يتمردون على قائدهم التقليدي، ويعارضون هذا التحالف...
وكان الصادق المهدي الشاب لا حليف له غير الأزهري التقليدي. والذي سيفعل أي شيء ليستمر رئيسا دائما لمجلس السيادة. وبعد ذلك، ليكون رئيسا للجمهورية. لهذا، لا نستغرب حلم الأزهري بعودة التحالف القديم بين حزبه الاتحادي وحزب الشعب. ولهذا لا نستغرب تقرب الأزهري من السيد علي الميرغني، إمام طائفة الختمية، وراعي حزب الشعب، والذي يبدو أنه لا يريد رئاسة الجمهورية، عكس المهدي، إمام طائفة الأنصار...
لكن، كيف يحقق هؤلاء طموحاتهم وهم لم يكتبوا الدستور الذي سيسمح لهم بذلك؟... "
-----------------
الهادي المهدي:
24-4-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: إمام الأنصار يريد حل البرلمان
"... بقي شهر تقريبا لينتهي أجل البرلمان السوداني قبل أن يكمل المهمة التي انتخب من أجلها، وهي كتابة داستور دائم للبلاد. ويبدو أن أحدا وسط قادة السودان لا يريد أن يستمر البرلمان، وبالتالي، أن يكون للبلاد دستور دائم. رغم أنه، منذ استقلال السودان قبل عشر سنوات تقريبا، يظل يحكم بدستور مدني مؤقت، أو نظام عسكري...
يوم 12-4، عقد الهادي المهدي، إمام طائفة الأنصار، وراعي حزب الأمة الأصلي، مؤتمرا صحافيا، على غير عادته، وعادة القادة الدينيين. نرسل لكم نص ما حدث، اعتمادا على صحيفة "الأمة"، صحيفة الحزب. وهذه مقتطفات مما قال:
أولا: يجب حل البرلمان، كتب الدستور، أو لم يكتب.
ثانيا: تتعرض البلاد لمؤامرات شيوعية ومصرية.
ثالثا: لا بد من كتابة دستور إسلامي...
لم يقل: دستور إسلامي، ورئيس إسلامي هو أنا. لكن، يمكن أن يكون هذا هو ما يريد حقيقة..."
-----------------
عبد الناصر:
14-2-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: السودان ومصر والسعودية
"... قال لي عبد الله عبد الرحمن نقد الله، وزير الداخلية في حكومة الصادق المهدي، إن الصراع بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك فيصل، ملك السعودية، قد انعكس على علاقة عبد الناصر مع السودان، وإن عبد الناصر صار يضغط أكثر على السودان...
(تعليق):
(في ذلك الوقت كان الاختلاف بين عبد الناصر والملك فيصل بلغ ذروته، لسببين: أولا: تأييد عبد الناصر لثورة عبد الله السلال في اليمن، التي قضت على حكم آل حميد الدين الذين كان السعوديون يؤيدونهم.
ثانيا: صراع عقائدي بين الثورة المصرية والقومية العربية، بقيادة عبد الناصر، والدول الملكية "الرجعية" بقيادة الملك فيصل والملك حسين).
وقال نقد الله إن عبد الناصر يخطط لإسقاط حكومة الصادق المهدي، إما بتحالف حزب الشعب مع الحزب الاتحادي، أو بانقلاب عسكري...
وإن عبد الناصر يكره شيئين عن السودانيين:
أولا: عندما يؤسسون حكما ديمقراطيا، يناقض "دكتاتورية" عبد الناصر. ويجعل عبد الناصر يخشى على حكمه، حكم الحزب الواحد: الاتحاد الاشتراكي العربي.
ثانيا: عندما يميلون نحو السعودية ضده... "
-----------------
المحامون العرب:
31-3-1967
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: المهدي يرد على المحامين العرب
"... انتقد رئيس الوزراء الصادق المهدي اتحاد المحامين العرب الذي عقد مؤتمرا في القاهرة، وكان من بين قراراته أن حكومة المهدي:
أولا: تتعاون مع "الإمبرالية والصهيونية."
ثانيا: تعرقل حركات التحرر في الدول الأفريقية.
ثالثا: تحرم الشعب السوداني من الحرية والعدل...
رد المهدي ببيان حاد، قال فيه: "إذا قارن اتحاد المحامين العرب الوضع في السودان، حيث توجد درجة كبيرة من الحرية والديمقراطية، وحيث تنتخب الحكومة انتخابا شعبيا حرا، لوجد أن السودان أحسن كثيرا من دولهم..."
وانتقد المهدي وفد اتحاد المحامين السودانيين الذي اشترك في المؤتمر، والذي دعا إلى إصدار هذه القرارات. وكان واضحا أن الوفد يتكون من محامين شيوعيين ويساريين..."
(تعليق):
(هكذا، واجه رئيس الوزراء الصادق المهدي مشاكل كثيرة: مع عمه الإمام الهادي المهدي، مع غريمه محمد أحمد محجوب، مع الاتحاديين، مع حزب الشعب والختمية، مع الليبراليين واليساريين والشيوعيين، ومع عبد الناصر والمصريين. وهكذا لم يدم حكمه طويلا).
=====================
الأسبوع القادم: حكومة محجوب، مرة أخرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.