حظي إعلان محلية شرق النيل مدفوع القيمة عن مشروع تطوير المسايد والخلاوي، باهتمام غير مسبوق في وسائل التواصل الاجتماعي وكان مسار سخرية لاذعة. يقول نص الإعلان الذي نشر في مساحة ربع صفحة بالصفحة الأولى الآتي: (محلية شرق النيل، دعوة عامة، يتشرف دكتور عمار حامد سليمان معتمد شرق النيل بدعوتكم لحضور برنامج مشروع تطوير المسايد والمساجد، توزيع 12000 جلابية و12000 عراقي و12000 سروال و12000 سرير و8 ركشات لشيوخ السوط بالخلاوي و6000 ناموسية و78 دكان وقف بسوق ستة وتدشين مشروع (أنا بلغت السابع.. أنا أصلي)، تحت رعاية دكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم وتشريف الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية). لا أدري من العبقري الذي لجأت إليه المحلية لكتابة صياغة الإعلان.. يعني معقول نائب الرئيس والوالي يجوا يدشنوا توزيع (العراريق والسراويل والجلابيب) كإنجاز يحتفي به المعتمد، وتدفع المحلية أموالاً مقدرة للإعلان في الصحف، (حق الإعلان دا كان ممكن يزيدوا بيه الجلابيب والعراريق، أو إن شاء يشتروا بيه تكك كاسبيرات للسراويل)، أما الأمر الآخر فإن شيوخ (السوط) الذين سيمتلكون (8) ركشات، سألت عن المسمى ولا أدري هل يقصد الإعلان (الذين يحملون السوط ويضربون به طلاب الخلاوي أثناء التسميع)، أم شيوخ (الصوت) الذين يضبطون (أصوات التلاميذ أثناء القراءة)، وإن كانوا (شيوخ سوط أو صوت) الركشات (لشنو) يعني تاني طلاب الخلاوي أثناء القراءة، يضبطون النغمة على صوت الركشة ولا شنو، الغريب أيضاً في الإعلان أن تكون الناموسيات (6000) ناموسية، والعراريق والسراويل والجلابيب (12000) يعني كل اتنين في ناموسية ولا شنو. مثل هذا الإعلان الذي حظي بنقاش كبير في وسائل التواصل الاجتماعي يبدو أنه أتى بنتائج عكسية ووخيمة على المحلية، كان يمكن أن تأتي صيغة الإعلان على نحو (محاربة السستم العودة إلى الجذور) تحت عنوان (يا بلدي يا حبوب سروال ومركوب وجبة وسديري)، وبالمناسبة ناس المحلية مالهم ما وزعوا مراكيب مع الجلابيب والعراريق والسراويل. أما (السستم) لغير الناطقين بها (هي عبارة عن بناطلين ضيقة وناصلة) يرتديها الشباب كموضة من الثقافات الوافدة، ولمعرفة البنطلون (إن كان سستم أو عادي) ما عليك إلا أن تنظر إلى الشاب (فإن وجدته كل فترة يرفع البنطلون لفوق اعرفه طواله دي ياها المصيبة الإسمها السستم)، وبعدين ياخ الواحد لو البنطلون معذبوا كدا (ما تخليه ينصل أعمل ليه تكة ولا حزام)، وإذا تحولت نفرة المحلية إلى محاربة (السستم) والعودة إلى الزي القومي كان يكون مشروع هادف وبناء ويحارب الظواهر السالبة والثقافات الواردة. ومحلية شرق النيل التي كانت منكوبة العام قبل الماضي في الخريف وتهدمت المنازل في مناطق المرابيع وحي النصر والكرياب وحي المصطفى، ما زالت معظم المنازل لم يتم تشييدها لضيق ذات اليد لأهلها كما لم يتم تخطيطها حتى لا تتكرر المأساة، في ظل هذا الوضع تحتفل المحلية بتوزيع (عراريق وسراويل وجلابيب)، ولا تعليق.