لا ندري لماذا كل منشآتنا ووسائلنا الخدمية الخاصة والعامة ، يتم hفتتاحها في أبهى صورة وأروع نظام وجمال ، وما أن يتم hفتتاحها وتبدأ العمل لأشهر معدودات حتى تتراجع إلى الوراء بسرعة 180 كيلومترًا في الساعة ، هل لأننا لانحسن التخطيط ولانرصد ميزانية للصيانة والنظافة واختيار الكفاءات من المدراء ، أم لأننا ولدنا هكذا جبلنا على ثقافة (التخلف) وعدم الرقي والتقدم والمحافظة على الصروح والوسائل التي تخدمنا ! -2- بالأمس زرت بعد غيبة (ملحمة) بقرب شارع البلابل ضاحية أركويت، فوجدتها للأسف في أسوأ حالة، وكنت قد شهدت أوائل أيام افتتاحها، فهالني ما شاهدت من نظافة وتكييف وكراسي جلوس وثيرة لانتظار الزبائن، وتعبئة اللحوم بطريقة راقية و (معقمة) ، ورائحة البخور والمسك تلف حوليك، وملابس البائعين الناصعة البياض اليونيفورم وابتسامتهم المشرقة، شعرت حينها أننا تفوقنا على مصاف الدول في تقديم الخدمات والتسويق، زرتها بالأمس وللأسف وجدت أن كل ذلك انقلب رأساً على عقب، سألت كبيرهم الذي يجلس على طاولة، وضعها مكان كراسي انتظار الزبائن الوثيرة التي غابت عن المحل، وقلت له لماذا تراجعتم؟ للأسف أجابني بدهشة وكأن شيء لم يكن فقد تعايش تماماً مع البؤس ونسى أول يوم كيف كان هذا المكان !! -3- ماحدث في هذه (الملحمة) من تراجع مثالاً للتدهور الذي يصيب حتى محالنا ومرافقنا الخدمية الخاصة، وقد حدث ضعفه في بصات شركة مواصلات الخرطوم أو ما أصطلح عليها (ببصات الوالي) ، ففي أول يوم نزلت شوارع العاصمة أخذنا لقطات معها من فرط حداثتها وتكييفها المنعش الذي يزيل عنك الرهق والعرق، انظروا إليها الآن قمة في التخلف والتراجع للوراء، زجاج النوافذ مهشم، ومقدمة البص محطمة، اختفى الزجاج الخلفي لمعظم البصات وحلت محله قطع (الكرتون) وجوالات الخيش الفارغة، من شاهد بصاً يمشي أمامه يشعر أن (راكوبة) تتقدمه، وعلى ذلك قس المستوصفات والمراكز الصحية والقطارات وجميع وسائل النقل الخاصة والعامة يلمع نجمها في البداية وثم يصبح مصيرها (الأفول) !! -4- وأعتقد أن أسباب هذا التراجع عديدة منها سوء الاستخدام وثقافة بعضنا في التعامل مع هذه المرافق، ولكن أهمها غياب الصيانة و الإرادة والإدارة التي تحافظ وتهتم بالمنشأة، واقترح أن اختيار إدارة المنشأة الخدمية وتوفير ميزانية الصيانة يجب التفكير فيهما قبل الإنشاء وإلا سيذهب كل هذا المجهود الكبير والمضني هباء تذروه الرياح ، وفي اعتقادي أن أي منشأة خدمية تراجعت بعد افتتاحها في مستوى ألقها وخدماتها ونظافتها يجب إقالة مديرها فوراً، لأنه مدير ببساطة يهدم ولايبني، يقودها للخلف وليس للإمام ، يخلفها بدلاً أن يطورها ، لماذا في زيارتنا لبعض البلدان لا نصدق أن هذا المرفق عمره عشرات السنين من فرط جماله وتطويره والمحافظة عليه، حقيقة نحتاج لكفاءات تدير باقتدار وتحافظ على هذه المرافق التي تستنزف خزينة البلاد مليارات الدولارات، وكل من يفشل في إدارتها فليذهب غير مأسوف عليه لأنه معوق ويقودنا للوراء . إلى لقاء .. بقلم : محمد الطاهر العيسابي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته