:: الصبي -بالمحل التجاري- لم يكن يتقن فن التعامل مع الزبائن، وكثيراً ما كان يقابل طلبات الزبائن بكلمتين جافتين: (مافي) و(ماعندنا).. وأراد صاحب المحل تدريبه وتحسين تعامله، فأقترح له بأن يقدم للزبائن البدائل المناسبة بدلاً عن (مافي وما عندنا)، فالمكرونة -على سبيل المثال- تصلح بديلاً للشعيرية، والعسل يصلح بديلاً للمربى، وهكذا قدم الحلول والبدائل للزبون.. فاستوعب الصبي النصح، وانتظر الزبائن لينفذ توجيهات صاحب المحل، وجاءه الزبون الأول سائلاً: (عندكم ون مان شو؟)، فعاجله الصبي بتقديم البديل المناسب: (آسفين والله، لكن عندنا بف باف، بينفع معاك؟)..!! :: وجماهير الرياضة بالسودان، وجماهير المريخ بصفة خاصة (سعيدة للغاية).. وكذلك الصحف الرياضية، لأن شرطة ولاية الخرطوم عقدت اجتماعاً مع إدارة نادي المريخ يوم الخميس الفائت، حيث تم فيه طي ملف الأزمة التي اشتعلت بين جماهير المريخ والشرطة في مباراة المريخ العاصمي ومريخ الفاشر قبل أسابيع.. اتفقوا على طي الملف، فخيراً فعلوا، فالصلح خير.. ولكن السعادة مردها ليس طي ملف الأزمة بين الشرطة والمريخ، بل هم سعداء لأن الفريق شرطة محمد أحمد علي المدير العام لشرطة الخرطوم أصدر قراراً -وصفوه بالتاريخي- بمنع استخدام الغاز المسيًل للدموع في الإستادات..!! :: وعليه، بعيداً عن أحداث تلك المباراة، وكذلك بعيداً عن الأزمة التي كانت بين الشرطة والمريخ، نسأل الشرطة والاتحاد العام لكرة القدم عن البدائل المناسبة للغاز المسيل للدموع والتي سوف تستخدمها الشرطة في حالات شغب الملاعب وعنف الجماهير.. نعم، بما أن شغب الملاعب وعنف الجماهير ظاهرة عالمية وغير مبرأة منها جماهير الرياضة بالسودان، فعلينا أن نتوقع هذا الشغب والعنف دائماً في ملاعبنا وإستاداتنا.. وبما أن إستخدام الغاز المسيل للدموع لفض الشغب والعنف صار ممنوعا بهذا (القرار التاريخي)، فما هي البدائل المناسبة؟.. (بخور التيمان مثلا؟)، أم الرصاص؟، أم ستدع الشرطة الجماهير المشاغبة تقاتل بعضها والحكام حتى يفني بعضها بعضاً حرقاً وضرباً..؟؟ :: فالقليل من الواقعية لا يُفسد طعم الطموح، وهذا القرار -للأسف- (غير واقعي)، ولن يكون واقعاً في الملاعب، وربما مراد به فقط امتصاص غضب المريخ وجماهيره.. نعم، فالطموح يشتهي إستادات وملاعب خالية من الشرطة وغازها وهراواتها تماماً، بحيث يكون الحشد الجماهيري منظماً وراقياً ولطيفاً كما جماهير الدوري الإنجليزي وغيرها من الجماهير التي تقصد الملاعب والإستادات لتستمتع وليس ل(تحرق وتفلق).. هنا العالم الثالث (والأخير طبعاً)، حيث الفوضى غير الخلاقة تمشي على قدمين في كل مناحي الحياة، وما عنف الملاعب وحرب الجماهير وشغب المدرجات إلا جزء من عنف الأنظمة وحرب الساسة وشغبهم.. ولذلك، كان ولا يزال وسيظل لا بديل للغاز المسيل للدموع -في حالات الشغب الجماهيري وفوضى المدرجات- إلا الغاز المسيل للدموع، وذلك حفاظاً على أرواح الجماهير وممتلكات الأندية.. وبالمناسبة، تطرف الجماهير وشغبها مقدور عليه بهذا الغاز المسيل للدموع، ولكن ماذا عن تطرف الصحافة الرياضية وشغب أقلامها، وخاصة أن ذاك التطرف من.. (هذا التطرف)..؟؟