في كلمته وصف الرئيس المشير عمر البشير، الاتفاق بأنه "تاريخي"، مؤكداً أن البلدان الثلاثة ستمضي في خطوات مباركة في طريق إرساء أساس الدعائم الراسخة للتعاون بين شعوب الدول الثلاث، وستعزز الثقة والترابط الذي سينعكس إيجاباً على توفير الأمن والاستقرار وزيادة التعاون الاقتصادي وتحقيق رفاهية المواطن بحوض النيل الشرقي. وأضاف البشير أنه دون التعاون بين حكومات الدول الثلاث فإن "شعوبنا ستفقد الفرصة في حياة رغدة كريمة"، وأن التعاون هو الطريق الوحيد للوصول إلى التكامل والتفاهم بين الشعوب. وقال البشير إن الإقليم يذخر بالإمكانيات والموارد الطبيعية الهائلة خاصة الموارد المائية والطبيعية الواعدة، لكنه قال في ذات الوقت إن عوامل مثل اهتزاز الثقة في تحقيق التعاون المنشود والتدهور البيئي والفقر حالت دون استغلال هذه الموارد، فيما عدا النزر اليسير، مؤكداً في الوقت نفسه أن من حسن الطالع أيضاً أنهم يقومون من خلال هذا الاتفاق بوضع اللبنات الأساسية لتحقيق التعاون الذي ستقوم عليه تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، ستعزِّز فرصاً جيدة للاستغلال الراشد للموارد المائية المشتركة والاستفادة منها. وقال الرئيس البشير إن توقيع اتفاق الخرطوم بين الدول الثلاث حول سد النهضة، يمثل وضع لبنات وأسس توافق بين شعوبنا على هذا المشروع، وأضاف قائلاً: "لقد ظللنا في الماضي نعتمد على الخبرات الأجنبية حتى نتمكن من التوصل لاتفاقات حول تنمية مواردنا المائية، والآن قد رأينا أن الوقت قد حان للاعتماد على أنفسنا وتطوير مقدراتنا العلمية والتفاوضية والبحثية لخدمة أهدافنا ووضع خططنا التنموية بما يستجيب لتطلعاتنا ويحقق أحلام شعوبنا في العيش الكريم والتقدم والرفاهية". رئيس الوزراء الإثيوبي: لن نلحق الضرر بالسودان ومصر أما رئيس وزراء إثيوبيا ماريام ديسالين فقد اكتفى بخطاب قصير ومحدد الكلمات وقال بأن إثيوبيا ترسل رسائل تطمينية، مؤكداً أن بلده لن تقوم بعمل يضر بمصالح بكل من السودان ومصر. وأكد ديسالين أيضاً على التزام بلاده الصادق بالتعاون مع كل من السودان ومصر لتنفيذ بنود اتفاق المبادئ الذي وقعه مع البشير والسيسي، مشيراً إلى أن فوائد "سد النهضة العظيم"، لن تكون حكراً على بلاده فقط، بل ستكون لكلا من الدولتين، وأضاف قائلاً:) بناء هذا السد سيكون قائماً على مبدأ "الكل رابح")، داعياً إلى عدم النظر إلى مشروع السد من ناحية الفوائد الآنية بل على أساس أن فيه فوائد لأجيال المستقبل في الدول الثلاث والمنطقة كلها. السيسي: الحوار هو الأسلوب الوحيد لتحقيق المكاسب بدا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرتاحاً لما تم إنجازه في ملف مياه النيل، حيث قال في كلمته الأولى المكتوبة إن الاتفاق أصدق برهان على قدرة الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، على ترجمة مفهوم المكاسب المشتركة لواقع ملموس يبث الأمل بين الشعوب، مضيفاً: «لا شك أن الحرص على التنفيذ سيقدم لدول حوض النيل نموذجاً واقعياً حول جدوى الحوار، باعتباره الأسلوب الوحيد لتحقيق المكاسب المشتركة». وأشار السيسي إلى أن "التوقيع على إعلان المبادئ خطوة أولى، لأن المشروع كان يشغل الشعوب على مدار سنوات، فهو باعث التنمية في إثيوبيا، بينما يمثل لأشقائهم في مصر هاجساً، لأن النيل هو مصدرهم الوحيد للمياه والحياة في إقليم يمتاز بالجفاف الشديد، ولا يتساقط عليه المطر، ويُعتمد عليه رغم تضاعف السكان، لكننا استطعنا بالحوار المتواصل الوصول إلى نقطة البداية ومضاعفة القدرات لأهداف أبعد وعوائد أكبر، وليس على حساب الآخر". وأوضح: «سنمضي قدما على الطريق الذي اخترناه سويا، حتى ننتهي بنجاح من الدراسات، والتوصل لاتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله»، مؤكداً التزام مصر بالتعاون مع الدولتين، وأعرب عن ثقته في رغبة الجميع في تحويل الاتفاق لحقائق ملموسة، وأن الرغبة ستزداد صلابة. السيسي.. يكسر البرتوكول ويقدم كلمة كمواطن مصري بعد أن انتهى الرئيس السيسي من كلمته المكتوبة وضعها جانباً، وقال إن لدية كلمة كمواطن مصري يريد توجيهها للشعوب حيث قال: «خلصت الكلمة، وهاكلمكم كمواطن مصري، ممكن نوقع اتفاقيات كتير، لكن الإرادة لا تكون قوية ولا النوايا طيبة، والأساس في الاتفاق هو استعداد تنفيذه، ولن نحتاج للتوقيع لو اتفقنا على ألا نضر بعضنا البعض». وأضاف: «ليس لدينا مانع من تنمية الشعب الإثيوبي، لكن خلي بالك، شعب مصر يعيش على هذا النهر، وتأتيه المياه بأمر من الله، وكان هناك قلق وشكوك بين الشعوب على مدار سنوات، وتحركنا هدفه بدء حقبة من التعاون والمحبة والثقة والاستعداد لأن نتكلم في حياة ومستقبل شعوب مصر وإثيوبيا والسودان، المعلقة قلوبهم وعقولهم معنا». وتابع: «جئنا بكل الحب والإخلاص ونوايانا طيبة، ومتأكدون أن إثيوبيا والسودان على نفس المستوى، وأقول للرأي العام ممكن نتعاون ونختلف ونؤذي بعضنا، ونحن اخترنا التعاون والبناء والتنمية، وممكن نتشكك في بعضنا ولا نتحرك قيد أنملة، لكن اخترنا الثقة وتشجيع بعضنا على التعاون والتنمية، وعندما نتعاون ربنا الذي نؤمن به سيساعدنا، وستكون بلادنا بخير». الاتفاق الإطاري.. أهم النقاط يتضمن الاتفاق 10 مبادئ أساسية تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية لمصر والسودان، وتتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية. يُذكر أن الاتفاق تناول تلك المبادئ من منظور علاقتها بسد النهضة وتأثيراته المحتملة على دولتي المصب، وليس من منظور تنظيم استخدامات مياه النيل التي تتناولها اتفاقيات دولية أخرى قائمة ولم يتم المساس بها، حيث إنه يقتصر فقط على قواعد ملء وتشغيل السد. وتشمل تلك المبادئ: «مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، مبدأ بناء الثقة، مبدأ تبادل المعلومات والبيانات، مبدأ أمان السد، مبدأ احترام السيادة ووحدة أراضي الدولة، ومبدأ الحل السلمي للنزاعات». ويؤسس الاتفاق، ولأول مرة، لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتشغيل السدود في الدول الثلاث. أهم شيء إيجابي في اتفاق المبادئ، هو أنه نجح في سد الثغرات التي كانت قائمة في المسار الفني، وأهمها التأكيد على احترام إثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها، وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي في ضوء نتائج الدراسات، فضلاً عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب. ويتضمن الاتفاق للمرة الأولى آلية لتسوية النزاعات بين مصر وإثيوبيا، من ضمنها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق.