بدءاً أوضح أنني لا أتحدث عن ابن تيمية في شخصهِ فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، فكل ميت أمره مفوض إلى الله سبحانه وتعالى ومن يمت ولم يتب عن وزره فوض إلى الله جميع أمره، نسأل الله أن يغفر لنا جميعاً، ولكن حديثي عن فكره ومدرسته راعية التكفير والتفجير لمن ألقى السمع وهو شهيد، فالأمة الإسلامية تكتوي بنيران المتطرفين باسم الإسلام والجهاد في سبيل الله زوراُ وبهتاناً، حيث أصبح التكفير والغلو والتطرف سمة مميزة لهذه الجماعات التي تتبنى فكر ابن تيمية وقد شغلوا الأمة الإسلامية بالثانويات وسفاسف الأمور، نعم تتعدد الألقاب والمسميات لدى المتطرفين ولكنهم يلتقون جميعهم في حوش مدرسة ابن تيمية. لذلك لابد للأضواء أن تسلط على هذه الجماعات خوفاً على ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها، فالإشفاق على السواد الأعظم من أهل القبلة أولى وأهم من العاطفة لابن تيمية وفكره، ولا بد لنا من وضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها، ولنأخذ نماذج لبعض هذه الجماعات على سبيل المثال لا الحصر (داعش) هذا التنظيم المتطرف الذي دغدق مشاعر البعض بالشعارات الخرقاء الجوفاء مثل دعوته لإقامة دولة الإسلام وإعادة الخلافة الراشدة على حساب جماجم المسلمين والإعتداء على حرماتهم وممتلكاتهم، نعم الكل يتمنى إقامة دولة الإسلام العادلة ولكن بفهم من؟ وتحت راية من؟ وفي تقديري أن مجرد التعاطف مع هذا التنظيم الإجرامي يعتبر خيانة لله ورسوله ولكن المنافقين لا يفقهون، وقبل داعش كانت موضة اسمها تنظيم القاعدة وهي عبارة عن وجه مظلم بإسم الإسلام والإسلام بريء من التكفير والتفجير، وإذا كانت بوكو حرام مركزها في نيجيريا فإنهم بنو عمومة للدواعش المتطرفيين ومن ذات مدرستهم، ولا تستحي بعض هذه الجماعات أن تسمي نفسها جماعة الهجرة والتكفير، وآخرون يتوارون خجلاً بالمسميات الجاذبة لتحقيق أجندتهم الخفية مثل السلفية والجهادية ونصرة السنة وما شاكل ذلك، ومعلوم أن الجهاد لا يقوم به الأفراد بل هو من اختصاص ولي الأمر، وآخرون تحت مظلة الشباب مثل شباب الدندر وغيرهم ولكنهم جميعاً يلتقون للدراسة والمذاكرة من خلال مدرسة ابن تيمية والتي تبناها من بعده محمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية ومنها تصدر الفتاوى التي يكون بعدها التقتيل والتشريد، وأسوا من ذلك أنهم يقيمون الحدود على مخالفيهم وبذلك زعزعو أمن الأمة واستقرارها، ومن أكبر البدع التي ابتدعتها مدرسة ابن تيمية تقسيم التوحيد إلى ألوهية وربوبية وأسماء وصفات فجعلوا بذلك الإله ثلاثة وهم الذين يدعون التوحيد!! وما ذلك إلا لتكفير السواد الأعظم من أهل القبلة ومن ثم يجوز لهم قتل من يريدون كما يفعلون الآن، وبذلك يكون الإسلام حكراً على هذه الجماعات التي تساوي 1% فقط من جملة المسلمين وتبنوا الفكر الاستعلائي على المسلمين فجعلوا من أنفسهم الفرقة الناجية وما سواهم هالك وضال ومبتدع ومشرك في النار. إن تقسيم ابن تيمية هذا للتوحيد لم يسبقه عليه أحد من العالمين ولم نجده في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل به واحد من الصحابة الكرام، والمقرر لدى أهل السنة والجماعة أن الألوهية والربوبية كلها بمعنى واحد، والمقصود من هذا التقسيم إخراج الغالبية العظمى من حظيرة الإسلام -كما أسلفت– فيصبح حال المسلمين عند المتطرفين كحال المشركين، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم فالشيطان هو الذي سول لهذه الجماعات أن تسمي المشرك موحداً والموحد مشركاً (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) وفي صحيح البخاري: (الخوارج شرار الخلق انطلقوا إلى آيات أنزلها الله على المشركين فجعلوها على المسلمين)، ومن داخل مدرسة ابن تيمية يقول ابن تيمية متحدثاً عن الذات الإلهية: (ولو شاء لاستقر في ظهر بعوضةِ فاستقلت به)!!!؛ وقال أيضاً في حديث النزول والاستواء: (كنزولي هذا) وكان في درج فنزل درجة فشبه نزول الله تعالى بنزوله –والعياذ بالله- ونجد أتباعه على هذا المنوال مستدلين بالمتشابه تاركين للمحكم وفيهم يصدق قوله تعالى: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) وطلاب العلم يدركون أن المتشابه في الكتاب والسنة لا يصلح أن يكون دليلاً في ما يتعلق بالعقائد والأمر في ذلك يرد إلى المحكم، والدارس لفكر ابن تيميه يجده مولع بتضعيف الأحاديث الواردة في فضائل آل البيت الكرام، لذا قال الشيخ الدردير في الشرح الصغير على أقرب المسالك: (ابن تيمية ضال مضل لأنه خرق الإجماع وسلك مسالك الابتداع) كما أن ابن تيمية يستفز مشاعر الأمة الإسلامية بتحريم السفر إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أن المسافر إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز له أن يقصر الصلاة لأنه سفر معصية!!! وقد رد عليه الإمام السبكي في كتاب سماه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) والكاتب يجد نفسه مضطراً أن يقول: إن مدرسة ابن تيمية متصدعة البنيان مزعزعة الأركان ليس لها ثوابت ولا مرتكزات وقد فرضت علينا في حين غفلة من أمرنا. لذلك فإن المجتمع في حاجة ماسة إلى (عاصفة حزم) بعد الفراغ من الحوثيين لتتكامل بذلك الأدوار، ولنحفظ مجتمعنا من الفتن والعقائد الضالة، وإنه لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة الأحزاب جاءه جبريل عليه السلام وقال: يا محمد وضعت السلاح فإن الملائكة لم تضع السلاح، إن الله يأمرك بتأديب يهود بني قريظة، فعندها قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة. اللهم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الاقدام إن لاقينا إن الألى قد بغوا علينا *** وإن أرادو فتنة أبينا * نائب الأمين العام – جمعية الإمام الأشعري العلمية د. صلاح الدين البدوي الخنجر *