سعيد ميرغني حمور في صبيحة الأحد الموافق "15" يناير وقع المختار مغشياً عليه في منزله رافعاً أصبعه وطالباً العفو والعافية، وكان أول من دخل مسجد الحي بالمعمورة قبل الأذان الأول وصلى الفجر في جماعة وقرأ أوراده وجزءاً من القرآن وبعدها ذهب بعربته واستخرج الرقم الوطني لشخصه، تلقى المختار تعليمه الأولي على يد والده معلم الأجيال بشندي ونيجيريا العم الأستاذ عبد العال حمور عطر الله ثراه كما تلقى تعليمه الأوسط بمدرسة شندي الريفية الوسطى على يد شاعر الجيل أستاذنا إدريس محمد جماع أدخله الله فسيح جناته، وبعدها أكمل تعليمه الثانوي بعطبرة على يد ناظرنا الأستاذ عبد الرحمن عبد الله أمد الله في عمره. كان من أوائل المقبولين بجامعة الخرطوم بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في منتصف الستينات وكان مبرزاً بين أقرانه ومحبوباً لدى أساتذته حتى رافقهم في بعثة دراسية بأمريكا بلوس انجلوس ونال الماجستير في الاقتصاد ولحقته زوجته ابنة عمه فوزية سعيد حمور التي كانت تدرس الاقتصاد بجامعة الخرطوم ونال المختار درجة الدكتوراة كما حصلت زوجته على ماجستير في علوم المكتبات. عمل المختار أستاذا بجامعة الخرطوم وتولى رئاسة لجنة التمويل العالي في السودان وكان كالنحلة ينشر فيضه على مؤسسات التعليم العالي وكان مثال التقدير والاحترام ممن كانت لهم به صلة، الأدب الجم والعلم الغزير، والتواضع في غير ضعف والأمانة المتناهية إلى أن اختاره النظام المايوي ليكون وزيراً للشئون المالية والاقتصاد والإدارية بالدامر بالولاية الشمالية مع حاكم الاقليم زميلنا بوادي سيدنا بروفيسور عبد الله أحمد عبد الله أحد تلاميذ عمنا المرحوم عبد العال حمور بمدرسة مقرات الأولية وذلك لمعرفة المختار بشئون الولاية وقد ثابر فيها وبذل جهوداً جبارة بالرغم من شح إمكانياتها المادية والاقتصادية. لقد كان المختار موضع التقدير والاحترام من جميع سكان الولاية الشمالية يشيدون بأدائه وعلمه وتواضعه وفضله إلى أن انتهى النظام المايوي بخيره وشره وبعدها أصبح مدير إدارة السياسات الاقتصادية والاستراتيجية بالبنك الإسلامي بجدة سبعة عشر عاما وبعدها أصبح مديراً لجامعة المنهل بالخرطوم بحري وكان محبوباً لدى الطلاب وأساتذة الجامعة ومجلس الإدارة لعلمه الغزير وحزمه وعزمه إلى أن طلب إعفاءه من الأعباء الجسيمة التي أناءت كاهله. ظل المختار في منزله بالمعمورة بالمعاش ولم يبخل بفكره وعلمه على كل المستويات وكان سباقاً في مجاملة الأهل والأصدقاء والمعارف في السراء والضراء والأفراح والأتراح حتى إنه قبل مشكوراً الاطلاع على مؤلفاتي المتواضعة وأبدى ملاحظاته القيمة وعمل المقدمة لكتابي "خواطر وأضواء على درر من الشعر الغنائي السوداني" وجاءت المقدمة قطعة فنية من الأدب الرفيع طبعتها ووزعتها على الأقرباء والأصدقاء منفردة قبل طبع الكتاب. لقد من الله المغفور له بإذن الله بأبناء عباقرة منهم إيهاب الذي درس علوم الإلكترونيات والحاسوب بانجلترا وعمل بكندا وإيمان التي تخصصت في طب الباطنية بانجلترا وعملت بإمارة دبي ومروة التي تخصصت في علم الهندسة وعملت بكندا. كما من الله على المغفور له بإذن الله بزوجة صالحة عالمة ابنة عمه فوزية سعيد حمور التي عملت بمركز الأبحاث بجامعة الخرطوم وتقاعدت بالمعاش وظلت إسهاماته موضوع تقدير الأوساط الجامعية. إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا الله وإنا إليه راجعون" إن الموت نقاد يختار منا الجياد. أحيي فيك يا صديقي ويا أخي وابن عمي كل معاني المحبة والود يا من استقرت محبته في القلوب والوجدان يا من ذهبت روحه الطاهرة إلى بارئها وعز أن يطويها النسيان، لقد فجعنا برحيلك المفاجئ دون وداع ووداع بات يزلزلنا يفتجر في الحسرة فينا من بعدك يثري يتفجر في الحسرة فينا من بعدك يثري مجلسنا ويعطر كل ليالينا لقد كنت باراً بأسرتك وأهلك ومعارفك بكرمك الحاتمي الفياض ومروءتك الغلابة وأدبك الجم وعلمك الغزير ولطول باعك تقصر العلياء ولجلال قدرك تنحني الأسماء صفحات مجدك لن يحيط بنشرها نثر ولا شعر ولا شعراء مهما طال العمر أم قصر، كفن من طرف الشارع وشبر في المقابر وكل الذي فوق التراب تراب. لقد جاءك ربي مختار عبد العال حمور صافي السيرة والسريرة اللهم فاغفر له وارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجعله من أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة، واجعل اللهم البركة في زوجه وأبنائه وأهله يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.