لا أظنني في حاجة لشرح كلمة (حسكنيت)، إلا لغير السودانيين، ولا أتخيل سودانياً لا يعرف (الحسكنيت) فهو نبتة يعلق شوكها على كل من يقترب منها الحيوانات إنسانا كان أم حيواناً، ويحتاج الناس لجهد كبير لازالته، ولذا يرمز به أهلنا للدخول في الورطات! الدخول في (الحسكنيت) هذا تلاحظه، كلما تتبع الخط الإعلامي الذي تصنعه المعارضة فينساق خلفه إعلام الحكومة وحزبها الحاكم، والذي سترونه هذه الأيام وقتما يكون الحديث عن الانتخابات والمشاركة فيها، فالمعارضة_ الآن _ تجر الحكومة لاستخدام لغة النسب المئوية للتدليل على صحة الانتخابات وصحة نصرها فيها، لتجلسها في خانة المبرر المدافع ككل مرة! كون أن هذا الأمر من الأمور التي تشغل المعارضة وتجعلها مركزة عليه، فهذا شيء طبيعي يحتمه موقف المعارضة الضعيف ويفرضه فقدانها للقواعد المتينة التي تبني عليها معارضتها! لكن أن يكون هذا هم الحكومة بهذه الدرجة فهذا مؤشر سالب! لتوضيح النسبة المئوية للمقترعين من جملة المسجلين، أو نسبة الذين صوتوا للرئيس أو أي نسبة أخرى، فالأمر لا يحتاج لأكثر من تقرير علمي ينشر بالصحافة وتتناوله وسائل الإعلام يبين هذه المسألة في السوابق الانتخابية وما تحمله تقارير الانتخابات في العالم، فيتضح بعده أن الأمر ذوبعة في فنجان! أو ربما يحتاج لإجراء لقاء تلفزيوني أو إذاعي مع محلل ملم بالتفاصيل فيوضح الأمر، وهذا ما فعله تلفزيون السودان في نشرته الرئيسة قبل يومين واستضاف فيه الصحفي والمحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين، فجاء يحمل مقارنات ناضجة تبين أنه لا يشترط لصحة الانتخابات أو نزاهتها، ارتفاع نسبة المقترعين بعد تحقيق النصاب المطلوب، وقد أفاد الأخ محي الين ضمنّا أن المطلوب لصحة الانتخابات في بلادنا تم بنجاح! إذا تحدثت الحكومة عن إقبال منقطع النظير على هذه الإنتخابات، فإنها لم تقل الحقيقة! وإذا قالت المعارضة إنها انتخابات معزولة ولم يقبل عليها أحد فإنها لم تقل الحقيقة أيضاً. الحقيقة هي أن الانتخابات هذي، تعبير حقيقي عن رأي الشعب، فقد أظهرت، ما يمكن تلخيصه في أن الشعب السوداني تجاهها انقسم لثلاث مجموعات، على النحو الآتي: 1- مجموعة، مقتنعة بها أو غير مقتنعة لكنها ترى أهمية قيامها ونجاحها وهؤلاء أغلبية بالنسبة للمسجلين . 2- مجموعة، ترى ضرورة مقاطعتها لإضعاف موقف الحكومة، وهذه تشكل نسبة أقل من سابقتها لكنها كانت موجودة ومؤثرة. 3- مجموعة، لا في العير ولا في النفير، فهي موزعة بين محبطين من الوضع السياسي حكومة ومعارضة وبين آخرين لا اهتمام لهم بالسياسة أصلاً، وهؤلاء عبروا عن رأيهم باعتزالهم الأمر، وهم نسبة لا يستهان بها!. وما بين هذا وذاك، فإن النسبة التي حكمت بها الصناديق هي النسبة التي يجب اعتمادها، وما سوي ذلك يبحث في مظان أخرى!. شيء طبيعي أن تتهم المعارضة الحكومة بالتزوير، وشيء طبيعي أيضاً، أن يهلل الحزب الحاكم بالنصر ويرفعه إلى أعلى مقامات النزاهة، لكن كل ذلك غير مجد وغير مفيد!. المجدي والمفيد أن يعبر السيد الرئيس المنتخب وحزبه وحكومته، من هذه النقطة إلى مرحلة أخرى، تحقق ما ينتظره الشعب من إصلاح واستقرار سياسي ونمو اقتصادي يرفع عن كاهله قسوة غلاء المعيشة، ويحمله إلى مرحلة خدمات جيدة وحياة كريمة!. على الحكومة تجاوز (غلوطية) النسب هذه وفتح ملف الحوار الوطني بجدية وصدق والسير فيه بسرعة تغيّر المادة المتداولة بالإعلام، حول الانتخابات، فالمعارضة ستملأ الأرض ضجيجاً ونقيقاً وتلفيقاً، حول التزوير ونسبة المشاركين والمقاطعين وغير ذلك، وسيخطئ إعلام المؤتمر الوطني إذا خاض معهم معارك أشبه بمعارك (طواحين الهواء)، ولن يكسب منها خيراً!. الوطن ليس بحاجة لهذه الضوضاء بل بحاجة لإطعام من جوع وأمن من خوف، فوفروا أقلامكم و حناجركم لبنائه وأخرجونا من هذا (الحسكنيت)!. فتح الرحمن الجعلي