إعلان نتائج الانتخابات.. الخرطوم تحبس أنفاسها! تقرير: خالد أحمد في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم، تحبس الخرطوم والبلاد أنفاسها، وستتحلق الناس حول شاشة التلفزيون، لمتابعة إعلان نتائج الانتخابات العامة. هذا الترقب قد لا يكون سببه فقط إعلان النتائج التي تعتبر "مكشوفة"، لكن لِمَا سيحدث في هذا اليوم، وهل سيمر بسلام؟ خاصة أن العملية الانتخابية أثارت غضب العديد من القوى السياسية المعارضة المدنية منها والعسكرية، فهل سيعبر السودان اليوم بسلام أم أن هنالك مفاجأة تلوح في الأفق ستحدث اليوم؟ الوطني: المعارضة تُحضِّر لمفاجأة قبل أيام، خرج رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، د.مصطفى عثمان إسماعيل، وقال إن قوى المعارضة تُحضِّر لمفاجأة في يوم إعلان النتيجة، وأضاف بالقول: "نحن ننتظر ذلك اليوم، ونخشى أن تنعكس المفاجأة عليهم". وقال إسماعيل إن "الموقف الأمريكي أو الأوروبي لن يوقف الانتخابات، وإنهم لم يقدموا للسودان شيئاً حتى نكترث لتصريحاتهم". وأضاف أن السودان ليس لديه ما يخسره، وانتقد قوى المعارضة وقال إنها رفضت المشاركة قبل التفكير في الانتخابات، وأبدى عدم تفاؤله بمشاركتها في الحوار المقبل، لكنه قال: "سنبذل ما في وسعنا". ولفت إلى أن جزءاً من أحزاب المعارضة أعلن مشاركته في الحوار. وأكد أن الوطني يهتم بعودة المهدي للداخل لأنه يُعلي من الأجندة الوطنية على الحزبية. وقال: "إذا كنّا حاورنا الشيوعيين والبعث، فما بالك بالصادق المهدي". المعارضة: ليست لدينا مفاجأة في الجانب الآخر، وبما أن القوى السياسية المُعارضة قد أعلنت مقاطعتها للانتخابات، وعدم اعترافها بنتائج الانتخابات؛ كانت قد خرجت أخبار عن عزمها تحضير مفاجأة في يوم إعلان النتائج، وهو يوم تنتهزه أغلب القوى المعارضة في العالم ليكون فرصة للاحتجاج على نتائج الانتخابات، إلا أن المعارضة السودانية قالت إنها لا تُعِدُّ لأيِّ مفاجأة. وقال الناطق باسم قوى الإجماع الوطني، بكري يوسف، إن الحديث عن إعداد المعارضة لمفاجأة حديث أخرجته بعض الجهات حتى تختبر تفاعل المعارضة مع الأمر، مضيفاً في حديث ل(السوداني): "سيكون يوماً عادياً ولا شيء يدعو للمفاجأة، لأن النتيجة (مكشوفة)". الشرطة: خطة تأمين الانتخابات مستمرة في الجانب الأمني لتأمين عملية إعلان النتائج، وهو يأتي في إطار التأمين الكلي للعملية الانتخابية؛ فإن الناطق باسم الشرطة اللواء السر أحمد عمر، قال إن الشرطة وضعت خطة لتأمين العملية الانتخابية بدأت قبل انطلاق عملية الانتخابات ومروراً بكافة مراحل العملية الانتخابية وتستمر لما بعد إعلان النتائج النهائية، وأضاف في حديث ل(السوداني): "خطة تأمين الانتخابات تسير كما وضع لها، وسيتم تأمين إعلان النتيجة اليوم، وفعاليات ما بعد إعلان النتيجة". فيما قال مدير دائرة الجنايات الناطق الرسمي باسم غرفة تأمين الانتخابات بولاية الخرطوم، اللواء إبراهيم عثمان، خلال حوار مع المكتب الصحفي للشرطة؛ قال إن الوضع الأمني بولاية الخرطوم مستقر تماماً والأحوال الأمنية عموماً اتسمت بالهدوء التام، وكان ذلك نتاجاً لانتشار قوات الشرطة الواسع على مدى المحليات السبع وتنفيذهم الخطة الموضوعة لتأمين انتخابات هذا العام تنفيذاً جيداً. وشمل هذا العمل تجفيف منابع الخمور واستئصال البؤر الإجرامية مثل المتشردين، والمتسولين، والمنفلتين ومعتادي الإجرام، وكل ما يدعو لقلق المواطن أمنياً. وتم تقديم المخالفين للقانون للقضاء. وقال إن الشرطة لم تواجه أي تحديات ولا صعوبات في في تأمين عملية الاقتراع والانتخابات عموماً في جميع مراكز الاقتراع في جميع ربوع ولاية الخرطوم. وحول نهاية الفرز قال: "بعد نهاية الفرز لدينا خطة من ضمن هذه الخطة مراقبة ردود أفعال الشارع العام والجمهور في كل أنحاء ولاية الخرطوم، سواء أن كانت سلباً أو إيجاباً، فرحاً أو معارضةً، كل هذه الحشود وسوف نتعامل معها وفق القانون". المفوضية.. تفاصيل إعلان النتيجة فيما أكدت المفوضية القومية للانتخابات اكتمال الاستعدادات لإعلان نتائج الانتخابات اليوم بقاعة الصداقة. وقال نائب رئيس المفوضية، مولانا عبد الله أحمد مهدي، إن كافة الاستعدادات اكتملت، وإنه في تمام الساعة 12 ظهر اليوم سيقوم رئيس المفوضية الأصم بإعلان الإحصائية الرسمية، وسيشرح عملية الطعون في النتيجة، وبعدها ستتم تلاوة نتائج انتخابات رئاسة الجمهورية بجانب إعلان نتائج المجلس التشريعي، وأضاف في حديث ل(السوداني): "بحسب الجدول الزمني سيبدأ يوم 28 إجراء انتخابات مجلس الولايات". فيما أعلن نائب رئيس القضاء رئيس دائرة الطعون الانتخابية بالمحكمة القومية العليا، مولانا محجوب الأمين الفكي، عن البدء في تقديم الطعون الانتخابية من المرشح أو الحزب السياسي الذي شارك في الانتخابات، وذلك وفقاً لأحكام المادة (81 /1) من قانون الانتخابات تعديل 2014، إذا كان الطعن في نتيجة الانتخابات، والمادة (84) من القانون إذا كان الطعن متعلقاً بقرار المفوضية بإبطال الانتخابات. وأوضح في تصريح (لسونا)، أن الطعن يقدم إلى المحكمة خلال سبعة أيام من تاريخ الإعلان الرسمي للنتيجة بواسطة المفوضية القومية للانتخابات، مشيراً إلى أن عريضة الطعن وصورة منها ومستنداتها إن وجدت تسلم إلى مكتب كبير مراقبي المحكمة العليا برسم قدره (مائة جنيه). وأبان أن عريضة الطعن يتم تقديمها من المرشح شخصياً أو وكيله المفوض أو محامٍ، وكذلك من مفوض الحزب السياسي الذي شارك في الانتخابات أو محامٍ. تأمين قاعة الصداقة.. إجراءات مشددة خلال اليوم، سيتم التركيز أكثر على تشديد الإجراءات الأمنية حول قاعة الصداقة، التي تمتاز بوضع جيد حيث يسهل تأمين محيطها. وبحسب مصادر، سيتم وضع فرق للتفتيش ووضع أجهزة استشعار عند المداخل بجانب الكلاب البوليسية للكشف عن أي متفجرات، ولن يُسمح بالدخول إلا للأجهزة الإعلامية ومناديب الأحزاب. احتمالية العنف.. المؤشرات ضعيفة تشير بعض التقديرات إلى أن 25% من الانتخابات التي جرت في أفريقيا في الآونة الأخيرة أسفرت عن أحداث عنف، مما أدى لمقتل المئات، وتشريد الآلاف، وكان للدول المجاورة للسودان نصيب الأسد من ضحايا العنف الانتخابي خاصة في النسختين الكينية والكنغولية، وحتى النسخة المصرية (أريقت على جوانبها الدماء)، مما جعل الجميع يرتجف، ويضع يده على قلبه، ويحبس أنفاسه عند دنو ساعة الاستحقاق الانتخابي في كل بلد يعاني من متلازمات الاحتقان السياسي. وقد مرت الانتخابات السودانية بشكل هادئ حتى الآن، وينتظر اليوم أن تنتهي العملية بسلام، حيث أعلنت مفوضية الانتخابات ورئاسة قوات الشرطة عن وضع حزمة من التدابير والخطط لتأمين العملية الانتخابية المُقبلة في ذات الوقت الذي كشفت فيه عن رصد أكثر من (70) ألف شرطي و(5) آلاف ضابط للتأمين. من جانبه قال الفريق عبد الله الحردلو مسؤول ملف التأمين بالمفوضية إن هناك تنسيقاً مُحكماً بينهم والشرطة لتأمين الانتخابات المقبلة، مستعرضاً عمليات توزيع القوائم الانتخابية والترتيبات التي تمت في هذا الشأن، مشيراً إلى إنشاء (18) لجنة تأمين بولايات السودان المختلفة تعمل بتنسيق تام مع المركز، مؤكداً عدم رفع أي بلاغ من أية ولاية حول وجود خروقات. من جانبه أشار الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة، اللواء السر أحمد عمر، في المؤتمر الصحفي الذي عقد ب(المركز السوداني للخدمات الصحفية)، بعنوان (تأمين الانتخابات.. المفاهيم والتحديات)؛ أشار إلى أنهم قاموا بحصر جميع المهددات المحتمل حدوثها أثناء الانتخابات ووضع التحوطات لها، بجانب عمليات التدريب والإعداد للقوات، مؤكداً أن الشرطة ستقوم بتأمين كل مكونات العملية الانتخابية، مشيراً إلى تكوين لجنة عليا للتأمين برئاسة نائب مدير عام الشرطة تضم كافة المختصين، بجانب إنشاء غرفة مركزية وغرف بالولايات تعمل على اتصال دائم وتنسيق تام مع المركز. أما الخبير الأمني الفريق العادل العاجب، فيقول في حديث سابق إن استعدادات الشرطة للعملية الانتخابية تبدأ منذ وقت مبكر، بالتركيز على نقطتَيْن أساسيَّتَيْن هما: احترام القانون، واحترام حقوق المواطنين المنصوص عليها في الدستور. ولفت العاجب إلى مفهوم آخر للتأمين غير الأمن المادي هو حماية عقول المواطنين من التشويش. ويعتبر العاجب أن المكايدات السياسية واللجوء للعنف والقوة في فرض مواقف معينة وانتشار الأسلحة النارية غير الشرعية يُعدُّ من مخاطر تأمين الانتخابات، ورسم ضمن السيناريوهات التخابر مع كيانات أجنبية وتنفيذ برامج ومخططات رسمية في الخارج تستهدف الانتخابات وزعزعة البلاد، وحصرها في ورقة له بعنوان (المهددات الخارجية للانتخابات)، في توفير السلاح عبر الوسطاء لتقوية بعض المجموعات وتمكينها من مواجهة السلطة، إضافة لتقديم الدعم اللوجستي والمالي لبعض القوى السياسية لدفعها لتنفيذ مخططات معادية، وأشار إلى أن من المخاطر سعي الجهات الخارجية عبر العناصر الوطنية في الداخل لخلق فوضى تستدعي الاستعانة بالخارج لتهدئة الأوضاع. أول سابقة سجلت في تاريخ السودان لاستخدام السلاح في موقف مرتبط بالانتخابات، كانت من قبل السلطات الاستعمارية، عندما تصدت الشرطة للتظاهرات التي اندلعت ضد انتخابات الجمعية التشريعية عام 1948م، والتي سقط فيها عشرات الضحايا في عطبرة ومدن أخرى. وأيضاً كان الهجوم المسلح الوحيد المتعمد الذي جرى خلال العملية الانتخابية في إبريل 1965م من قبل أنصار حزب الشعب الديمقراطي على مراكز الاقتراع في حلفا الجديدة والشمالية، وتسبب في سقوط ضحايا من المواطنين والشرطة. أما ما دون ذلك، فيمكن أن يوصف بأنه مجرد نزاعات أو تفلتات محدودة، وغير منظمة تحدث قبل وأثناء وبعد العملية الانتخابية. أما العنف، فيحدث عادة قبل وبعد الانتخابات فقط.