تجتهد الحكومة في الوقت الحالي لتوفير رغيف الخبز للمواطنين المستهلكين من خلال استيراد القمح، واستيراد الدقيق، بمبالغ طائلة بالعملات الأجنبية. لقد بلغت فروقات سعر الصرف على استيراد القمح 1500 مليون جنيه في العام 2014 يتوقع أن ترتفع الى 2400 مليون جنيه خلال العام 2015 . يشار إلى أنه خلال العام 2013 بلغ استيراد السودان من القمح 2.3 مليون طن بتكلفة مليار دولار. ويتوقع أن يستورد السودان خلال العام 2015 حوالي 1.5 مليون طن من القمح، وحوالي 0.5 مليون طن من الدقيق على أن يستكمل الاحتياج الغذائي من القمح المحلي الذي يتوقع أن يبلغ انتاجه 0.5 مليون طن كذلك. من هذه الأرقام يتضح أن التكلفة على الاقتصاد عالية جداً، لأن غالب غذاءنا الرئيسي وهو القمح نستورده من الخارج. إما في شكل قمح خام، أو في شكل دقيق جاهز للتصنيع، فنحن لا نأكل مما نزرع، وهذا يعني أن أمننا الغذائي مكشوف. إن تغير نمط استهلاكنا من المزروعات المحلية، مثل الذرة الرفيعة والدخن، الى القمح تم بمخطط محكم من الدول المنتجة للقمح عالمياً، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث منحتنا القمح مجاناً خلال ثمانينات القرن الماضي في اطار المعونة الامريكية، ثم باعته لنا مدعوماً في إطار العون السلعي الأمريكي، والآن تبيعه لنا بسعره التجاري المرهق لاقتصادنا بعد أن تعود المواطنين عليه تماماً، فيما تضطر الدولة لدعم استهلاكه بمبالغ طائلة حتى يصل للمواطن بسعر معقول. ان الحل لتحقيق أمننا الغذائي وللخروج من مصيدة الدعم المهلك للاقتصاد هو العودة لاستهلاك الذرة كغذاء رئيس. يبدو من الصعب العودة لاستخدام الذرة في شكل كسرة أو شكل عصيدة للغالبية من السكان فالكثيرون يفضلون الآن الرغيف لسهولة تداوله والتعامل معه وإمكانية حشوه كسندوتشات الى آخره مما لا تستطيع منتجات الذرة من القيام به. غير أنه يمكن إستغلال البدائل الممكنة من الذرة و الحبوب الأخرى مع القمح (الدقيق المخلوط أو الدقيق المركب) لتحقيق الامن الغذائي، تحقيق هذا الهدف يبدو ممكناً عبر البحث العلمي التطبيقي، بزيادة كفاءة استخدام هذه الموارد المتوفرة و الاستفادة منها. رغم البدايات المبكرة لتجارب صناعة الخبز المخلوط من الذرة و القمح بالبلاد (مطلع السبعينات( إلا أن التطبيق التجاري واجهته بعض الصعوبات وكثير من السلبيات، الآن زالت هذه السلبيات والعقبات وشاهدنا بمخابز الأمن الغذائي ببحري انتاجاً راقياً جداً من الخبز المنتج من دقيق ذرة بالكامل أو من دقيق خليط ما بين الذرة والقمح. ناقش مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي تقريراً عن تقويم الموسم الزراعي السابق وخطة الموسم الزراعي (2015 - 2016م)، قدمه وزير الزراعة المهندس "إبراهيم محمود حامد"، مشيراً إلى أن المساحات المزروعة بلغت (52.8) مليون فدان، ليبلغ إنتاج الحبوب (7.9) ملايين طن ذرة و(3) ملايين طن من الحبوب الزيتية. وكشف الوزير أن جملة المساحات المزروعة بالقمح (524) ألف فدان متوقع أن تنتج (500) ألف طن، بينما تهدف الخطة التأشيرية للموسم (2015 - 2016م) إلى إنتاج (5.6) ملايين طن ذرة و(890) ألف طن دخن ومليون طن قمح و(500) ألف طن قطن. علينا العمل بأسرع ما يمكن نحو الإنتاج التجاري للخبز المصنوع من الدقيق المخلوط، قمح زائداً ذرة، وفي هذا فائدة عظيمة لأمننا الغذائي ولاقتصادنا القومي. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته