تم انتخاب المشير عمر البشير رئيساً لجمهورية السودان بأغلبية هائلة 94%، فيما تم انتخاب ممثلي حزبه، المؤتمر الوطني، بأغلبية كاسحة لمقاعد المجلس الوطني القومي، ومقاعد المجالس التشريعية بالولايات. وبما أن الدستور المعدل يعطي رئيس الجمهورية الحق في تعيين ولاة الولايات، فمن المرجح أن غالبيتهم سوف يكونون من حزب المؤتمر الوطني، مع استثناءات قليلة في ولاية أو ولايتين للأحزاب المتحالفة مع المؤتمر الوطني. وعلى هذا فإن المشهد برمته يشير لسيطرة كاملة للمؤتمر الوطني بقيادة البشير على المشهد السياسي خلال الفترة القادمة. بتقديري أن النتيجة المفرحة، في الظاهر، للمؤتمر الوطني ينبغي أن تكون مقلقة للقياديين والمفكرين بداخله. فنتيجة مثل هذه لأي حزب في العالم تعني واحداً من احتمالين: إما أن برامجه وسياساته مجمع عليها من قبل الشعب، أو أن هناك لا مبالاة في وسط هذا الشعب بشأن المشهد السياسي برمته. إن إخضاع النتائج لدراسة معمقة وأمينة هو أمر مطلوب لتخطيط المسار المستقبلي. ولحين الاطلاع على نتائج الدراسة المذكورة آنفاً نعتقد أن هناك قضايا ملحة لا تحتمل الانتظار، أهمها استعادة الدفع القوي لخطاب الوثبة، الذي خاطب به المشير البشير الأمة في يناير 2014، وترتب عليه اقتراح لجنة الحوار الوطني (السياسي) 7+7 واقتراح لجنة الحوار المجتمعي. كما ترتب عليه برنامج كبير لإصلاح الدولة، شرع في التخطيط له ومتابعة تنفيذه مجلس الوزراء الاتحادي. ولئن كانت لجنة 7+7 لم تبارح مكانها تقريباً وتحتاج لنفخ الروح فيها، فإن لجنة الحوار المجتمعي كانت نشطة جداً، من خلال لجانها الفرعية الأربع، خصوصاً لجنة الإنتاج ومعاش الناس، بقيادة رجل الأعمال المعروف سمير أحمد قاسم، والتي لم تكتفِ باللقاءات بالناشطين الاقتصاديين بالخرطوم بل انتقلت للولايات لتحسس الأوضاع وتجميع مقترحات الحلول لقضايا الإنتاج ومعاش الناس. وقد زارت هذه اللجنة ولاية جنوب دارفور وتخطط لزيارة ولايات أخرى بدءاً بولاية نهر النيل التي ستزورها يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين. أما برنامج إصلاح الدولة فإن الجدية كانت واضحة جداً في التخطيط له، وإنفاذ أجزاء مهمة منه. فقد شكل مجلس الوزراء الاتحادي بتاريخ 23 مارس 2014 لجنة عليا للإشراف على تنفيذ برنامج إصلاح الدولة برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية، وإلى جانبها ست لجان متخصصة هي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية برئاسة السيد/ حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية، لجنة الإعلام برئاسة الدكتور/ جلال يوسف الدقير مساعد رئيس الجمهورية، لجنة الخدمة المدنية برئاسة السيد/ عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية، لجنة العلاقات الخارجية برئاسة السيد/ جعفر الصادق/ محمد عثمان الميرغني مساعد رئيس الجمهورية، لجنة الأمن والدفاع برئاسة الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع، ولجنة الشؤون العدلية برئاسة الاستاذ/ محمد بشارة دوسة وزير العدل. لقد عمدت هذه اللجان المتخصصة لعقد جلسات اجتماع للخبراء والمختصين للاستفادة من خبراتهم ومعلوماتهم، والاستعانة بهم في إعداد الدراسات، وسن مشروعات القوانين والتشريعات، وبرامج العمل. كما اتجهت لعقد عدد من اللقاءات النوعية والزيارات الميدانية للوزارات والولايات كآليات لتحقيق الإصلاح بأجهزة الدولة. وقد أعدت كل لجنة من هذه اللجان تقريراً مرحلياً ضافياً للفترة من مارس إلى ديسمبر 2014متضمناً الجهد الإداري، ومقترحات السياسات والبرامج، ومواقيت تنفيذها، والجهات المعنية بالتنفيذ، بما يتسق مع موجهات خطاب الوثبة. برأينا أن الجهد الكبير الذي بذل تجاه إصلاح الدولة وفقاً لمنهج هذه اللجان ينبغي السير فيه بقوة ومتابعة من الرئيس المنتخب شخصياً، وذلك لتفادي أي فراغ أو توقف لبرنامج الإصلاح، ولحين تكوين وزارة جديدة بناءً على نتائج الانتخابات والتحالفات المتوقعة. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته