عبدالرحمن ابوالقاسم محمد هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته دور البحوث العلمية في التطور إن التطور الذي نشهده في العالم من حولنا لم يكن وليد اللحظة , بل كان نتاج لبحوث علمية متعمقة ذات أبعاد لاستراتيجيات وخطط طويلة المدى استصحبت معها كل المؤثرات الخارجية والداخلية على ألمدى المتوسط والبعيد مع التنبؤ بالظواهر ومعرفة أسبابها ومسبباتها والسيطرة عليها , سواء كانت تلك الظواهر طبيعية أو اجتماعية أو سياسية او اقتصادية , كما أن البحث العلمي من أهم الأنشطة الإنسانية التي يمارسها الإنسان فوق سطح كوكب ألأرض ذلك الكوكب الذي أوكل الله مسؤولية إعماره للإنسان , وكان البحث العلمي على مر العصور هو أساس النهضات وعماد الدول وركن رئيس في الحضارة والعمران وهذا الجهد المنظم الذي لا تنهض الدول إلا به لا يمكن أن يجري في فراغ حيث ينبغي توفير البيئة العلمية السليمة للباحث والتي تساعده في إنتاج بحث علمي محكم ثم يأتي دور المؤسسة الرسمية بعد ذلك لتساعد في إخراج نتائج البحوث العلمية من الظلام إلى النور ومن الأروقة العلمية النظرية إلى ميادين العمل حيث الارتقاء المباشر بالحياة الإنسانية. مما لاشك فيه أن هنالك أزمة تواجه البحث العلمي في الدول النامية ومن أبرز ملامح تلك الأزمة عدم قناعة السواد الأعظم منا بأن البحث العلمي والمنهج العلمي هو وسيلة لحل المشكلات الحياتية ووسيلة للتعرف على الظواهر والتنبؤ بها ومعرفة مسبباتها والسيطرة عليها . فهنالك بعض المميزات والخصائص التي يمتاز بها البحث العلمي والتي من أبرزها الموضوعية ويقصد منها الباحثون جانبين مهمين هما : حصر الدراسة و تكثيف الجهد في إطار موضوع ألبحث بعيداً عن الاستطراد و تجرد الأفكار والأحكام من النزعات ألشخصية وعدم التحيز مسبقاً لأفكار أو أشخاص معينين ،. فالهدف الأول والأخير من البحث هو التوصل إلى الحقيقة كما هي مؤيدة بالأدلة والشواهد بعيدة عن المؤثرات ألشخصية والخارجية التي من شأنها أن تغير الموازين . ومن أهم الخصائص أيضًا التكرار والتعميم والتصنيف و اليقين ونقصد باليقين : استناد الحقيقة العلمية على مجموعة كافية من الأدلة الموضوعية المقنعة، ويتميز البحث العلمي أيضًا بتراكم المعرفة : ونقصد بذلك أن يستفيد الباحث ممن سبقه من الباحثين، ومن خصائص البحث العلمي البحث عن الأسباب : وهو عامل مهم في فهم الظواهر ألمدروسة, وكل من التجريد والقياس الكمي أو التكميم و التنظيم تعد من الخصائص المميزة للبحث العلمي أيضًا, ويقصد بالتنظيم :أن يستند التفكير العلمي إلى منهج معين في طرح المشكلة ووضع الفروض والبرهان ويتم وضع ذلك بشكل دقيق ومنظم. فكل هذه الخصائص التي يتميز بها البحث العلمي كافية لتجعله أداة للمعرفة وأداة لحل المشكلات الحياتية ووسيلة للتطور, كما يمتاز أيضًا البحث العلمي بالاستراتيجية وعدم التحيز والابتعاد عن الذاتية, وهذا ما نحتاجه لنخرج من تلك الأنفاق العميقة التي نحن فيها الآن بسبب الذاتية المفرطة والأنانية والابتعاد عن الموضوعية وعدم وجود النظرة المتعمقة والتخطيط الاستراتيجي في معظم مناحي الحياة سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً . ولذلك يعتبر البحث العلمي والتفكير بطريقة منهجية علمية الحل الأنسب لمواجهة تحدياتنا والتوجه نحو المستقبل والتنبؤ بمستقبل أفضل وتطوير كل مجالات حياتنا . ولابد من تهيئة أرضية خصبة للبحث العلمي وإعادة النظر في كل المشكلات وصياغتها بصورة علمية ممنهجة بكل ما يمتاز به البحث العلمي من موضوعية وتجرد . من أبرز التحديات التي تواجه البحث العلمي في السودان ودول العالم الثالث عموماً يمكن أن نجملها في : أن البحث العلمي يفتقد لسياسة استراتيجية واضحة, وليس لدينا صناديق متخصّصة في تمويل البحوث, كما أننا نفتقد للتنسيق الفعال بين المؤسسات ألبحثية وبقية قطاعات الدولة الاقتصادية والسياسية والتنفيذية والتشريعية , وليس لدينا حرية أكاديمية كافية كتلك التي يتمتع بها الباحث الغربي .. ولا تتوفر لصناع القرار قناعة كافية بأن المنهج العلمي هو أداة فاعلية لحل المشكلات الحياتية. ومن التحديات التى تواجه البحث العلمي أيضاً افتقارنا للموضوعية والتجرد التي تعتبر من أهم خصائص البحث العلمي, والتخطيط أحيانًا يستصحب معه جانب المصلحة والمنفعة الذاتية الضيقة سواء كانت حزبية أو شخصية, بالإضافة إلى انتشار ثقافة التكتلات البراغماتية والأهداف المادية البحتة على حساب الأهداف العامة البعيدة المدى. فكل من خصائص وتحديات المنهج العلمي الآنفة الذكر ينبغي أن نضعها في الحسبان لأننا في أمس الحاجة للمنهج العلمي والتفكير بصورة علمية حتى نستطيع أن نواجه كل التحديات التي تواجهنا في حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولاسيما أننا نتعايش مع مشكلات في واقعنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي من أبرز مسبباتها هو عدم التفكير المتعمق بصورة علمية ممنهجة . فلابد أن نشير إلى تلك البحوث في جميع المستويات والتي هي حبيسة رفوف المكتبات ولم تؤدِ الغرض المنشود أي بمعنى ما هي إلا توصيات ونتائج لم تطبق ولم تنزل على أرض الواقع وما زالت المشكلات التي بدأ بها الباحث ملاحظته موجودة, فإذا تم تطبيق نتائج البحث وتوصياته حتماً ستؤتي أكلها وتأتي بالفائدة مما تشكل حافزاً للباحثين في شتى المجالات من جهة وتكون وسيلة جيدة لحل مشكلاتنا وتطوير حياتنا من جهة أخرى . فإذن البحث العلمي تواجهه معضلة أخرى وهي عدم تطبيق نتائجه وتوصياته بالإضافة إلى التحديات الآنفة الذكر . بما أننا يمكننا أن نحل مشكلاتنا ونطور حياتنا عن طريق البحث العلمي فإذن علينا أن نضع البحث العلمي أحد اهتماماتنا ومرجعياتنا في اتخاذ وتنفيذ القرارات وخصوصًا تلك القرارات ذات الأبعاد الاستراتيجية والتى تمس حياتنا الحالية والمستقبلية في شتى مجالات الحياة .(لنا لقاء بمشيئة الله ).