* (بت الجيران) في سنوات مضت كانت إحدى الشخصيات المجتمعية المؤثرة للغاية في التكوين العاطفي الأول للشباب، فمن منا لم يقع في حبائل تلك الفتاة (ذات الخمار المسدل على رأسها)؟، ومن منا لم يسهر الليالي لكتابة (جواب) لها بأصابع مرتجفة تحت ضوء (لمبة فاقعة الصفار)؟، قبل أن يجلس ويفكر لساعات طويلة في كيفية إيصال ذلك (الجواب) وسط تلك الحراسة المشددة التي تخضع لها من قبل أشقائها ومن قبل أولاد الحلة، وحتى تلك الرقابة (غير المباشرة) من (سيد الدكان)! * و(بت الجيران) في ذلك الزمان، لم تكن محض فتاة جميلة تراقبها أعين (أولاد الحلة)، بل كانت (قيمة ذاتية) بالنسبة لهم، فكان (حلالاً) على (ود الحلة) أن يبدي إعجابه بها، بينما كانت (الحرمات) تطارد أي (ود حلة آخر) يبدي ذات الإعجاب، وربما يصل الأمر إلى (العراك بالأيدي) حال إصراره على موقفه وتمسكه بإعجابه (المرفوض). * والإعجاب ب(بت الجيران) نفسه كانت له في ذلك الزمان (أصول)، فكان (ود الجيران) الأقرب لها جغرافياً هو الأحق بملاحقتها، وكان (أولاد الحلة) يقومون مقام (الساتر) لتلك المحاولات الغرامية حتى تكلل بالنجاح، فيما لم يكن الأمر يخلو من بعض (المكايدات) من الأشقياء منهم، تلك (المكايدات) التي كانت تدور في فلك (تهديد صبياني) وحيد آنذاك وهو: (لو ما عملت لي الحاجة دي أنا بكلم)!. شربكة: * لن أنسى ما حييت تلك الأيام الجميلة والتي كانت (بت الجيران) فيها تمثل لنا نحن أولاد الحلة (مارلين مونرو)، ولن أنسى كذلك تلك (الشفقة) التي كانت تنتابنا في الأعياد للوصول لمنزلها ومصافحتها أمام أهلها بكل قوة عين بينما نقابل بسخط وغضب كبير من أقربائنا في الحي والذين كنا نتجاوز منازلهم ببساطة شديدة في سبيل الوصول أولاً لمنزل (فلانة) بت جيرانا لنبارك لها العيد. شربكة ونص: * اليوم تغيرت المشاهد، فلم تعد (بت الجيران) تمثل تلك الشخصية المجتمعية القديمة، وصار من القليل جداً، بل ومن النادر أن تصادف مثل تلك المشاهد القديمة، بل وصار بالإمكان أن تتغزل في (بت جيرانكم) أمام رهط من أهل الحي دون أن تجد من يقول لك (بغم)، ليس لأنهم (غير حمشين)، ولكن لأن المجتمع بأسره بات يتعامل من مبدأ: (ونحنا مالنا)!. شربكة ونص وخمسة: أحلى جارة، سالمينا لو بالعين، أو بالإشارة!.