يتردد بقوة هذه الأيام اتجاه لتفكيك أو "تشليع" خزان جبل أولياء، بحجة أنه استنفذ أغراضه تمنيت لو أن المختصين في مجالات الزراعة والري فتحوا نقاشاً حول الموضوع سواء عبر أجهزة الإعلام المختلفة أو الندوات المفتوحة أو حتى عبر المذكرات الشائعة هذه الأيام على الأقل ستكون مذكرة مفيدة للبلد وبعيدة عن المكايدات السياسية. حقيقة نحتاج إلى معرفة جدوى تفكيك خزان جبل أولياء، ما فائدة هدم الخزان للاقتصاد السوداني وللزراعة السودانية، دراسة علمية يقوم بها علماء أجلاء مبرؤون من الغرض و"المرض الشخصي" وهم كثر لكنهم مهمشون لا أحد يستعين بهم أو يأخذ برأيهم. خزان جبل أولياء الذي جاء لا أعرف إن كان قبل أو بعد خزان سنار عام 1903م، يشكل أهمية قصوى لولاية النيل الأبيض وللبلاد عموماً أو هكذا قالوا لنا في الكتب الدراسية، فهل انتهت هذه الأهمية مع تشييد خزان مروي؟ سؤال لا نملك إجابته نحن لعدم التخصص لكن يملكها المختصون والخبراء في مجالات الري والزراعة والسدود والاقتصاد. وإجابة السؤال أعلاه من المفترض ألا تكون بالصورة العشوائية التي يتخذ بها القرار، فكل من يمتلك سلطة إصدار قرار ما أو على الأقل قوة التأثير لدى متخذي القرار يتحرك في اتجاه ما يريد تنفيذه حتى لو كان ذلك ضد مصلحة البلد. دون توسع في آراء المختصين قرأت قبل يومين عدد من التحذيرات أطلقها بعض ذوي الشأن والخبرة حول التسرع في تفكيك خزان جبل أولياء لأن ذلك من شأنه التأثير على مشروعات النيل الأبيض، مشروعات النيل الأبيض وعلى رأسها ما يعرف بمشروعات الإعاشة عانت كثيراً من جملة تحديات ومشكلات اقتصادية لأسباب لا مجال لذكرها في هذه المساحة غير أن أفضل ما يميزها نظام الري عبر خزان جبل أولياء المفترى عليه كما "خيل الحكومة" لينتظر رصاصة الرحمة بلا دراسة، الآن تزهو الحكومة بمشروع سكر النيل الأبيض أكبر مشروع في إفريقيا وأشار مديره أيضاً في تصريح إلى تأثير التفكيك المحتمل على نظام الري بالمشروع. ثم اقرؤوا معي حديث خبير المياه الدولي دكتور سلمان محمد أحمد: والتخلص من سد جبل أولياء يعني انحسار المياه عن مساحات تصل إلى أكثر من "100" ألف فدان وستكون هنالك مشاكل قانونية حول ملكيتها، وأضاف أن الأزمة المتوقعة ستكون مشابهة لحال أزمة المناصير إضافة إلى تأثيرات سالبة على وحدات الري بمشروع كنانة. من المهم جداً أن تخضع الدولة هذا الاتجاه إلى المزيد من الدراسات الفنية والبيئية والاقتصادية، تفكيك خزان جبل أولياء ليس مجرد صامولات وأربطة لجدران أسمنتية يمكن رميها على عرض النيل الأبيض. من هنا علينا أن نحرض كل من له رأي علمي ألا يبخل به حتى وإن كان لا يرضي الحكومة أو من يقف خلف القرار، وكذلك بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني وعلى رأسها الصحافة وقبل كل ذلك أهلنا في بحر أبيض، لا تنتظروا المفاجآت لتقابلوها بالاعتصامات.