في ظني المتواضع هناك حالات ينبغي للقانون ومن يقومون على تطبيقه التوقف قليلا، والتفكر في ما سيترتب على التطبيق، مقارنة بمنح فسحة أو مهلة لتسوية القضية او المشكلة محل الخلاف. – تصرف على هذا النحو يبدو اشبه ما يكون بمهمة إنقاذ أسير او رهينة مختطف ويبدأ فريق الإنقاذ باستخدام الأسلحة النارية مثلا قبل أية وسيلة أخرى. اقول هذا وفي الخاطر طالبات ولاية جنوب كردفان اللائي اخرجن من سكنهن الجامعي في امدرمان بسبب تاخر حكومة الولاية في دفع الايجار، وحصول المالك على اذن او حكم بالإخلاء قامت الشرطة بتنفيذه كأي حكم اخر. لا تثريب على الحكم من حيث المبدأ فهو سليم وقد تم وفق القوانين المتبعة في مثل هذا النوع من النزاعات – الا ان النصف الاخر من الكوب كشف عن مأساة انسانية يصعب تصورها او وقوعها بحق طالبات جئن من ديارهن البعيدة لتلقي العلم ، ضمن مقتضيات الواقع الذي آل اليه التعليم والاسكان الطلابي – لماذا الولاية هي من يتحمل تكلفة الايجار وليس صندوق دعم الطلاب. لا ادعي معرفة تفاصيل واسرار عالم الاسكان الطلابي ربما بسبب عيشي في الخارج – المؤسف ان عشرات الطالبات القي بهن في الشارع في مشهد يجعل الحجر يتباكى على ماضي الداخليات ودور الدولة وتكفلها بسكن واعاشة جميع الطلاب دون فرز. ذاك تاريخ ولى ولن يعود بكل أسف، فصندوق دعم الطلاب والدعم الولائي للسكن الجامعي ترسخا وفرضا نفسيهما كبديل غير كفؤ من حيث الكم والنوع مقارنة بالوضع السابق. فتيات في مقتبل العمر اجبرن على جمع حاجياتهن في انتظار الفرج – والغريب انهن يدفعن 120 جنهيا شهريا ومبلغا اخر نظير الخدمات – اقل ما يقال امام مشهد الطالبات المشردات ان القانون مهما كان ينبغي له مقاربة المضار والمنافع المترتبة على تطبيقه – قبل لوم المالك والجهة المنفذة لابد من توجيه اقسى درجات اللوم لحكومة الولاية ومكتبها في الخرطوم – كيف تغفل عن دفع ايجار الداخلية ولماذا تتراخى في امر تعرف خطورة نتائجه وانعكاساته على نفسيات الطالبات وتحصيلهن العلمي – خافوا الله في بنات الناس يا حكومة ولاية كردفان. نماذج اخرى من تطبيق القانون الغريبة من حيث النتائج والدلالات تتمثل في قطع المياه والكهرباء عن المساجد والمدارس، ومؤكد ان الجمرة الخبيثة اراحت هيئة الكهرباء من العتب، هذا اذا ظلت في هذا البلد هيئة او مؤسسة تخشى اللوم او ترأف باحوال الناس – فالاصل هو اعفاء المدارس والمساجد من رسوم الكهرباء والمياه او ان يجري ترتيبها مع وزارتي التربية والاوقاف بالتعاون مع الخيرين والمنظمات المانحة ،حيث لا ينبغي لطالب او مصلٍ ان يرى الخدمات تقطع من مدرسته او مسجده بسبب عدم الدفع. خيط رفيع لا يكاد يرى بالعين المجردة ينبغي مراعاته للتمييز بين الحكم القضائي ونتائجه الاجتماعية والاخلاقية خاصة في بلد مثل السودان، لا يقبل اهله باي حال طرد طالبات من سكنهن الى قارعة الطريق.