*إنزعجنا ونحن نستمع إلى خطبة الشيخ مدثر أحمد إسماعيل في مسجد ومجمع الامام مالك بمربع "2"بالفيحاء في صلاة الجمعة أمس الأول عندما شن هجوماً عنيفاً على من قال انهم يتطاولون على الذات الالهية وعلى الشريعة لأن مثل هذه الإتهامات الخطيرة تستحق إنفعاله وهياجه. *رغم انه لم يحدد الكاتب الذي إتهمه بهذه الإتهامات إلا أنه بين أنه يكتب في "الإنتباهة" وأنه وصف الإسلام بأنه الدين الرخيص، وقال إن هذا المقال نشر أمس الخميس فعدت بعد الصلاة لمعرفة الكاتب وما كتبه فوجدته الزميل على يس.. وحتى لا يذهب الغلاة بعيداً فانها زمالة مهنية لا علاقة لها بالسياسة من قريب أو بعيد.. وأنه بالفعل كتب عموده تحت عنوان "الدين الرخيص" فانزعجت أول الأمر ولكنني عندما قرأت العمود وجدته ينتقد الذين يرفضون إعمال العقل في تأويل النص ويصفهم بانهم مصابون ب"الكسل الذهني". *لن ندخل في نقاش فقهي لا ندعي الإلمام به ولكن لابد من الحرص عند تناول القضايا الخلافية وسط المسلمين عدم إثارة الفتنة وسطهم أو اشعال الحرائق كما قال الشيخ مدثر نفسه في ذات الخطبة التى قال فيها الذين يفرقون بين المسلمين والإسلاميين إنما يستهدفون الشريعة الإسلامية. *صحيح أننا لا نفرق بين المسلمين الذين جعلهم الله أمة واحدة في مشارق الأرض ومغاربها ولكن الخلافات بينهم قديمة، قدم الحركات الإسلامية التى تطورت في زماننا هذا لتصبح أحزاباً سياسية الأمر الذي يجعلها خاضعة للتداول والنقد كما يجري حالياً حتى وسط الإسلاميين الذين ينتمون الى الحركات الإسلامية السياسية . *إن النقد الذي يوجه للتطبيقات البشرية للإسلام والاجتهادات السياسية التي تهدف لاستصحاب المتغيرات الآنية وتأصيلها والتعايش السلمي مع الآخر الملي وغير الملي بل الدعوة للدولة المدنية لا يمكن تصنيفها بأنها تستهدف الشريعة وإنما هي صيغة سياسية تضمن للحركات الإسلامية السياسية التعبير عن إطروحاتها في مجتمع تعددي. *لسنا في حاجة إلى القول أيضاً بأن الإسلام في السودان قديم وأنه انتشر عبر الطرق الصوفية قبل أن تظهر الحركات الإسلامية السياسية وأن السياسة هي التي فرقت بين المسلمين وجعلت الغلاة يكفرون حتى الرموز الدينية السياسية الأخرى مثل الإمام الصادق المهدي والشيخ الدكتور حسن الترابي ومشائخ الطرق الصوفية ويستنكرون الصلاة على فقيد الوطن محمد إبراهيم نقد ويحرمون أحد الفنانين المشهورين من الصلاة في الصف الأول. *مثل هذه القضايا الخلافية يمكن اخضاعها لمزيد من الحوار الهادئ بعيداً عن إشعال نيران الفتنة التى لم يسلم منها الإسلاميون الذين سعوا لاخماد نيران الحرب ونجحوا عبر إتفاق سلام نيفاشا ومازالوا يسعون لاخماد نيران الحرب في السودان الباقي بعيداً عن المزايدات والضغوط والتطاول الظالم.