في ماليزيا أيضاً وقع في يدي كتاب طالما تمنيت قراءته ألا وهو كتاب (أشخاص حول القذافي) لكاتبه عبد الرحمن شلقم مندوب ليبيا في الأممالمتحدة الذي وقف بشجاعة متناهية وانضم إلى الثورة الليبية فكانت ضربة سياسية ومعنوية قوية لنظام القذافي.. لقد التهمته التهاماً فلم يغادر يدي لما فيه من حقائق وعظات وعبر. السيد عبد الرحمن شلقم كان أحد الشخصيات السياسية في نظام الحكم في ليبيا لأربعين عاماً عقب تخرجه في جامعة الأزهر قسم الصحافة فجاء كتابه تحفة أدبية رائعة وسرداً وتقويماً لتجربة النظام الذي أقامه معمر القذافي من خلال الشخصيات التي أحاطت به أو بالأحرى وضعها القذافي في الحلقة الضيقة لنظامه خاصة بعدما غدر بأعضاء مجلس الثورة الذين جاءوا به إلى السلطة وساندوه في أحرج لحظاتها ولكن عندما شعر أنهم لن يكونوا أدوات طيعة في يده ليتحكم في مصير ليبيا ويسير بها حيث أراد قام بأكبر عملية خيانة وتدليس للانقلاب العسكري الذي ادعى أنه جاء ليخرج ليبيا من ظلمات الحكم الملكي إلى نور الثورة والحرية والانعتاق فأقام اسوأ نظام ديكتاتوري دموي فاق به ما فعله سالازار في البرتغال وفرانكو في إسبانيا وستالين في روسيا وصدام حسين في العراق وعبد الناصر في مصر والأسد في سوريا وبينوشيه في شيلي ومنقستو في أثيوبيا وشاوشيسكو في رومانيا..إلخ الديكتاتوريات التي تعكس اسوأ ما في النفس البشرية من سوءات وظلامية وعقد نفسية هدفها التحكم في البشر والانتقام من كل من يؤمن بالحرية وكرامة الإنسان كأغلى مايملكه من قيم بعد الإيمان بالله في هذا الوجود. ربما أقاموا ببعض إنجازات مادية ولكنهم حطموا القيم وأجمل ما في الإنسان من عشق للحرية والكرامة. عندما حاول بعض أعضاء مجلس الثورة الليبية بعد نجاحها أن يقولوا للقذافي حان الوقت للانتقال لنظام مدني يقوم على دستور ديمقراطي وحكم القانون والمؤسسية كان القذافي وأعوانه يدبرون أمراً آخر بدأ" من عام 1973 ثم عام 1975 عندما أعلن أنه اكتشف مؤامرة للاطاحة به من قبل عضو مجلس الثورة الرائد عمر المحيشي ثم فيما سمى ثورة الطلاب في الجامعات الليبية في إبريل عام1977 وقبلها إعلان زوارة الشهير فكانت بداية عمليات القمع والقتل والإعدامات بدم بارد تقشعر لها الأبدان وترفضها الضمائر الحية. لم يسمع القذافي نصيحة أحد أصدقائه الذي حاول تجنيده للانقلاب قبل ستة أشهر من موعده إذ قال له ذلك الصديق: (يا أخ معمر أرجوك أن تترك فكرة الانقلاب أو الثورة هذه فالنظام في ليبيا بدأ يتطور والإصلاح هو الأسلوب الأمثل، انظر ماذا جنت مصر من الثورة غير الفقر والحروب والعداوات والهزيمة فى حرب يونيو 1967.. الانقلابات لا تجلب سوى الكوارث، انظر ماذا حدث في سوريا والعراق والجزائر واليمن..) لم يأخذ معمر بالطبع بنصيحة ذلك الصديق فكأنه كتب نهاية نظامه بل نفسه وأولاده ووطنه فى ذلك اليوم!! حقاً ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.. لقد انتهى القذافي إلى ( ماسورة) كبيرة لأحد المجارى فكان مصيره الإعدام على ما اقترفت يداه جزاءً" وفاقاً بيد أبناء ليبيا الثوار الشرفاء مثلما انتهى الطاغية صدام حسين إلى حفرة فالإعدام فكانت النهاية الطبيعية لكليهما بما جنت أيديهما حين ولغوا فى بحور من الدماء والفساد والظلم واغتصاب الحرائر وتمكين القتلة من الشعوب.. حقاً إن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة.. إنها النهاية الطبيعية لكل جبار عنيد.. فهل يتعظ النظام السوري وحاكمه الطاغية قبل فوات الأوان أم سيختار مصير القذافي وربما هو اسوأ.. لقد صدق الملك السنوسي عندما استمع إلى مظاهرات ضده تقول (إبليس ولا إدريس) فقال: إن شاء الله!!