كان التعليم في الماضي يمر عبر أربع مراحل هي الخلاوي ثم الأولية ثم الوسطي ثم الثانوية العليا وعدا الأولى كانت لكل مرحلة أربع سنوات. أعقب ذلك تغيير السلم التعليمي إلى ثلاث مراحل للأولى ست سنوات والثانية ثلاث سنوات ثم الأخيرة ثلاث سنوات وبعد ذلك أتى التغيير الأخير لثماني سنوات سميت بالأساس ثم ثلاث سنوات سميت بالثانوية ولا أود الخوض عبر هذه العجالة في مآثر أو سلبيات ذلك على أن أعود اليه مستقبلا إذا أحيانى الله. مدرسة العيلفون الثانوية العامة كانت ضمن الخطة التعليمية الثانية حيث دخولنا لها بعد الإبتدائية وكانت حينها ست الحسن والجمال في محافظة الخرطوم البحري فقد كانت آية ومثالا يحتذى به في دنيا التربية والتعليم. منذ الدخول للمدرسة وحتي الخروج أو التخريج منها يأخذك إحترام الوهلة الأولى، فالنظام والدقة والنظافة والتربية بجميع ضروبها تحيط بك ومن كل الجهات مناظر لايمكن أن تزول من مخيلتك خاصة إذا كنت في سنة الدراسة. البوابة العتيقة والسور الجميل اللائق ثم "المزيرة" التي تدل على النظافة والإهتمام حتي في مصدر مياه الشرب ثم الممر الذي تحيط به الأشجار والذي لاتجد بين جداريه ورقة ساقطة وإلا فالويل للجميع من عقاب الأستاذ المربي الفاضل عمر خالد مضوي صاحب الكلبين الأبيضين. تأتي بعد ذلك المكاتب الإدارية والتي تدار من خلالها المدرسة والداخليات التابعة لها. ثلاثة أشهر هى "أ.ب.ج" ومعمل شامخ تجرى فيه كل التجارب العلمية بفضل أساتذة أجلاء علماء هم أحمد حسن وعلي الأمين صبير طيب الله ثراه وغيرهم ثم الداخليات المنظمة النظيفة والتي تضم فيما تضم طلابا من مناطق كثيرة فهذه المرحلة لم تكن موجودة في كل مناطق السودان بل في مناطق محددة لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة فلذا كان في الداخليات طلاب أفذاذ- ومعظم الطلاب أفذاذ- من العيلفون وماجاورها بل ومايبعد عنها من مناطق إبتداء منها حتي أبود ليق وأبوزليق وغيرها. العمل التربوي وتقديم الخدمات يسيران على أقدام وسوق بدءا بالبوفية إنتهاء بالداخليات حتي إنك تجد ماتريد في الزمن الذي تريده في إطار سياسة المدرسة.. كنا اخر دفعة تخرجت منها للثانوي العالي وتركنا خلفنا حدائق غناء وجنينة جميلة بها عدة أصناف من الفاكهة وأساتذة قل أن يجود الزمان بمثلهم، الحبر الطيب إدريس، عطية موسى، فاروق، عوض، الأمين محمود، أنور التكينة، صديق "جلدة"، عبد المنعم محمد عبد القادر وعلى رأس الجميع عمر خالد مضوي طيب الله ثرى من مات منهم والتوفيق والامان والحياة الكريمة للأحياء. كنا اخر دفعة خرجت منها للثانوية العليا وكنا حين ذلك نوزع على حنتوب ووادي سيدنا والخرطوم الثانوية "القديمة" حسب المستوى والرغبات. إلى ذلك الحين الأمر يسير بهدوء وسلام إلى أن أتى الناعي في صبيحة يوم بائس الأستاذ حسن عبيد- مدير المدرسة- لينبئنا بقرار شؤم هو نقلنا لمدرسة العيلفون الثانوية العليا وكان ذلك في العام 1976م فكان أن حطمت هذه النقلة كلما اكتسبناه في الخرطوم وما قبله في العيلفون الثانوية العامة من غرس تربوي جميل. إن خرجت الثانوية العليا أفذاذا فلايرجع ذلك للإهتمام الموجود بها إنما نتاج إجتهاد خاص. عفوا وعرضا. مدرسة العيلفون الثانوية أعتقد بحسابات بسيطة يجب وبحسابات بسيطة أيضا أن تؤول وكلما يتبع لها لمرحلة الأساس. نرجع لمدرسة العيلفون الوسطي فهي قد قامت على أكف رجل خير من أبناء العيلفون هو محمد علي سليمان طيب الله ثراه فقد كان رجلا ثريا وبرا كيف ولا قد بنيت المدرسة على حسابه والتبرعات التي جمعت بواسطة مجلس الاباء. المجلس التربوي حاليا- مع الإستعانة بشداد وقد سمى أحد الاباء إبنا له بمحمد علي ولقبه بشداد تيمنا وبركة. تنادت مجموعة من الشباب لتغيير مظهر العيلفون الثانوية وأنا أوافقهم ولكن لا لمنع إقامة معسكرات الخدمة الوطنية فإذا وضعت إعتبارات تربوية فستصلح هذه المعسكرات المنطقة. لاثراء الموضوع أكثر وإثبات مجريات تاريخ المنطقة بالأسماء والعناوين والتواريخ ساتناول هذا الموضوع لاحقا لأنها مرحلة تستحق الدراسة والإعتبار. ويا شباب العيلفون فليكن التغيير نحو الأفضل ودونكم عمالقة يمكنكم الإستعانة بهم والإستفادة من خبراتهم وعلاقتهم وبقلب مفتوح نحو الخير ستغيروا من الواقع بإذن الله. وفقكم الله وما التوفيق إلا من جلت قدرته وعلا شأنه. إذا تضافرت والجهود سيعود لمدرسة العيلفون الثانوية العليا أو قل الوسطي القها الأول لبث العلم في العيلفون وما جاورها. لحين ذلك لنا ولكم التوفيق بإذن الله ونسأل الله أن تكون العيلفون قدوة ومثالا يشاهد ويقدر وما التوفيق إلا من عند الله وهو الولى والقادر.. قريبا جدا باذن الله في شئون العيلفون سنلتقى بالعلم والمال يبني الناس مجدهم لم يبتن مجد على جهل وإقلال. الشيخ إدريس صالح مكتب التعليم الأساسي العيلفون