** سباق عالمي للتجديف، بين المنتخبين السوداني والياباني، وعلى أن يكون بكل قارب خمسة أشخاص.. انطلقت الجولة، فانتصر الفريق الياباني بفارق زمني مذهل.. عند تحليل الأسباب في استديوهات البث المباشر، كشف المحلل بأن قارب المنتخب الياباني كان يتكون من مدير القارب وأربعة مجدفين، بيد أن قارب المنتخب السوداني كان يحمل على متنه السادة: المدير العام للقارب، مساعد المدير العام لشؤون القارب، المدير التنفيذي للقارب، رئيس قسم المجداف بالقارب، ثم مجدف واحد فقط لاغير..ولاحقاً، تم تشكيل لجنة تحقيق سودانية لمعرفة أسباب الهزيمة ولمحاسبة المخطئين، فحققت اللجنة ثم أوصت بشطب المجدف..!! ** وهذا ما يحدث في الأوقاف أيضاً.. فلنقراً إفادة الطيب مختار، الأمين السابق للأوقاف، رداً على وزير الإرشاد: (العقد بطرف وزارة العمل لإكمال إجراءات صرف حقوقي، بحيث لم أصرف ما بالعقد منذ العام 2009، ولن أذكر ما بالعقد احتراماً للعقد وبند السرية، فالعقد شريعة المتعاقدين، وقيمة العقد ومخصصاتها تحددها مهمة وتعقيدات المنصب)، هكذا يرد الأمين العام المقال على اتهام الوزير لسيادته بأن تعاقد سرياً مع الوزير السابق أزهري التيجاني بعقد قيمته ستين ألف ريال سعودي شهرياً نظير استرداد أوقاف السودان بالسعودية، هذا غير راتبه الشهري المتعاقد عليه بالسوداني، أو هكذا اتهامات وزير الإرشاد..للأسف، لم ينف الأمين المقال تلك الاتهامات، بل اعترف ببعضها وغلف البعض الآخر بإفادات هي أقرب إلى الاعتراف..!! ** الطيب مختار، الأمين المقال، من الذين جهروا بما حدث بإحدى شركات الاتصالات، ومن تلك الأحداث طرح نفسه إصلاحياً، ولهذا تفاجأت الصحف - مابين مصدق ومكذب- بتلك الاتهامات الموجهة إليها، وشخصياً كنت من المتحفظين على تصديق تلك الاتهامات، واضعاً في ذهني مواقف الرجل في قضية شركة الاتصالات..ولكن تعقيبه على اتهامات الوزير يزيل ذاك التحفظ بلا أي تحفظ، ويرغمني بأن أنظر إليه بعين الشك والريبة، بحيث يكون الطلب بتدخل السلطات النيابية القضائية مشروعاً في موقف كهذا، حتى يتبين الرأي العام ما يحدث لأموال الأوقاف..سرية العقد التي تواثق عليها الطيب وأزهري تثير الشك، وكذلك قيمة العقد التي أشار إليها وزير الإرشاد، علماً بأن الطيب يرفض ذكر القيمة بتبرير (أنا ملتزم بسرية العقد، والعقد شريعة المتعاقدين)، تبرير غير منطقي..لوتم هذا التعاقد بين الطيب وأزهري في إدارة شركة أو مزرعة أحدهما فليلتزما بسرية بنوده، ولكنهما تعاقدا على إدارة حق عام، ولهذا ليس من الدين - ولا من مكارم الأخلاق - أن يخفيا قيمة العقد عن صاحب ذاك الحق، وهو المسمى - مجازاً حسب هذا النهج - بالمواطن..فالمواطن لا يصبح أجنبياً في وطنه إلا بترسيخ نهج الإخفاء في دهاليز العمل العام..!! ** ثم، كيف لأمين عام وظفته رئاسة الجمهورية براتب ومخصصات لإدارة الأوقاف، بأن يتعاقد مع وزارة براتب آخر ومخصصات أخرى لإدارة ذات الأوقاف؟.. تجميع أوقاف السودان بالسعودية جزء من مهام أمين عام الأوقاف، ولو لم يكن كذلك لكان القرار الرئاسي قراراً من شاكلة: (قرار جمهوري بتعيين أمين عام الأوقاف، بحيث يدير كل الأوقاف السودانية ماعدا أوقاف السودان بالسعودية، على أن يدير تلك الأوقاف بالسعودية بموجب عقد سري وخاص بينه وبين وزير الإرشاد فقط لاغير..صدر تحت توقيعي).. وعليه، بغض النظر عن القيمة ، ريالاً كانت أو ستين ألف ريال،هذا العقد - سرياً كان أو معلناً - معيب جداً، وما كان للدكتور الطيب أن يلوث به مواقفه الإصلاحية التي أعجبت الناس والصحف في قضية شركات الاتصالات..ثم السؤال المهم، بعد كل هذه المبالغ المهدرة في عقودات سرية وأخرى في أوجه صرف معلنة، وتقدر قيمتها ب(6.4 مليون ريال)، هل استرجع السودان وقفاً من أوقافه بالسعودية؟.. للأسف لا، وهنا مربط الفرس.. تم صرف كل تلك المبالغ - وغيرها - بلا مقابل يهنأ به الوطن والمواطن.. فالميزانية لم تكن لاسترجاع أوقاف السودان بالسعودية، ولو كانت كذلك لصاحبتها خطة علمية وعملية تسترجع تلك الأوقاف أو بعضها، ولكن للأسف الميزانية كانت للصرف على مدير عام القارب ومساعد المدير العام للقارب و... و... و... ولهذا نهزم أنفسنا في كل أنواع السباق، وليس هناك ما يمنع بأن تكون طرفة سباق التجديف واقعاً، إذ بالواقع ما هو (أفدح وأفضح)...!!