*يزعجنا كثيرا ما يرشح في أجهزة الإعلام والصحف من نعوت تؤجج الفتنة وسط المواطنين سواء تلك التي بدأت بتعبيرات صنفت المواطنين بين عرب وزرقة أم تلك التي تسخر من المواطنين حسب انتماءاتهم العقدية أو مواقفهم السياسية والفكرية . *للأسف بعض هذه النعوت تصدر من قيادات سياسية كان ينبغي أن تكون قدوة في السلوك والتعبير، وبعض أنماط السلوك المؤجج للفتنة انتقل عمليا وسط الطلاب والشباب عبر محاولة البعض قهر الآخر المخالف لهم بالقوة، الأمر الذي يمكن أن يعقد الأوضاع وينذر بتصاعد العنف بدلا من محاصرته ومعالجة أسبابه. *لا نريد المقارنة بين ما يحدث في العالم الغربي المتحضر الذي سبقنا الشيخ محمد عبده في وصفه عندما زاره قبل أن يتفتح وعينا بقوله إنه وجد الإسلام في بلاد غير المسلمين، ولا نحتاج إكمال مقولته لأن الواقع المؤسف في بلاد المسلمين يؤكد صدقها، وقد تعزز قول الشيخ محمد عبده فيما نلمسه حاليا من ممارسة راشدة لحرية العقيدة في هذه البلدان وكيف أن ذلك أسهم في انتشار الإسلام وحماية حق المسلمين في ممارسة طقوسهم الدينية بلا حجر أو مضايقة. *هذه البلاد وتحديدا استراليا تفتح أبوابها لإيواء اللاجئين إليها من مختلف أنحاء العالم - للأسف هناك مجموعات كبيرة منهم من دول إسلامية - بل يخرج أهلها الأصليون في تظاهرات للضغط على حكومتهم للسماح حتى للاجئين بطرق غير قانونية بالدخول إلى بلادهم وتقديم المساعدات العاجلة لهم ثم العمل على إلحاقهم بالحياة الاجتماعية والاقتصادية بل منحهم الجنسية الاسترالية فيما بعد. *نقول هذا ونحن نرى ونسمع كيف أن بعضنا يتنابز بالألقاب رغم أن ديننا أمرنا ألا نفعل ذلك، بل حضنا على التعايش السلمي مع كل القبائل والشعوب التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وليس السخرية منهم والسعي لحرمانهم من حقوق المواطنة الطبيعية والمشروعة بحكم انتمائهم لوطنهم. *لذلك لم نمل الدعوة للحل السياسي الديمقراطي الذي نخشى عليه من حالة الاحتقان الحالية التي تؤججها النعوت العنصرية والممارسات الطاردة للآخر، ونرى أن المخرج من هذه الدوامة هو الاعتراف بوجود المشكلة التي تم الاعتراف بها بالفعل حتى من الحزب الحاكم لكن المشكلة في أسلوب الحل الذي فشل في احتوائها، وفي رأينا لا بد من تحرك جاد لحلها بصورة عادلة وكريمة يقبل بها المواطنون أنفسهم. *قلنا إنه ليس في مقدور أي حزب بمفرده حل الاختناقات والاختلالات القائمة ، وليس من صالح مستقبل السلام الاجتماعي محاولة إقصاء أي حزب فاعل من المشاركة في بلورة الحل الشامل الضروري للتراضي الوطني على أجندة قومية ودستور يستكمل الإيجابي في الدستور الحالي ويعالج طبيعته الثنائية التي صيغ على هديها ليكون دستورا قوميا ديمقراطيا شاملا، مع الإسراع بتشكيل حكومة انتقالية - نفضلها من التكنوقراط - تكون رشيقة قليلة التكلفة إضافة لتقليص الولايات وحكوماتها بذات الاتفاق لحين قيام انتخابات ديمقراطية حرة تحت إشراف الحكومة الانتقالية المقبولة من كل الأطراف، للانتقال عمليا إلى مرحلة التدول السلمي للسلطة ديمقراطيا.