الانجليزية للناطقين بغيرها محمد سعيد شلي التدني في مستوى اللغة الانجليزية (حقيقة) لا يختلف عليها اثنان, فالسودان هذا البلد الذي كان يضرب بأبنائه المثل في إتقان الانجليزية ومنهم من لقب بالانجليزي الأسودThe black English man, فقد السودان هذا (اللقب) الذي كان يوما بطاقة المرورThe pass card التي تمنح السودانيين أفضلية في التوظيف بدول المهجر العربي، وهناك شبه إجماع على أن السلم التعليمي (سامحه الله) من الأسباب الرئيسية لهذا التدني الذي لم تنخر (سوسته) في اللغة الانجليزية فحسب بل (أطاح) بذلك المنهج (الجيد السبكة) بما فيه من أصدقائنا في القولد, الجفيل ريرة وقصص شيقة في كتب المطالعة لا تزال محفورة في الذاكرة كقصص هاشم فى العيد, الرجال البلهاء , الطيور الحزينة, كلب عبد الجليل..وعبد الجليل رجل أسرع بقتل كلبه عندما استقبله الكلب عند الباب بفم ملطخ بالدم وكان قد ترك طفله بالبيت, فظن أن الكلب قد أكله واكتشف بعدها أن الطفل حي يرزق وبجانبه (ضبعة مجندلة) أرادت أن تأكله فتصدى لها الكلب الأمين (وجاب خبرها) فندم عبد الجليل ندما شديدا على تسرعه (ولكن بعد شنو)، وقصة كلب عبد الجليل صدرت في طبعة أخرى من كتاب المطالعة تحت عنوان (عجلة الندامة)، ويبدو أن القائمين على أمر التعليم وقتئذ ببلادنا كانوا أشبه بصاحبنا عبد الجليل عندما أسرعوا بجرة قلم (بشطب) المنهج القديم ظنا منهم أنه منهج (رجعي وبائد) ولا يواكب (أطروحات) ثورة مايو، وعودة لموضوع تدهور اللغة الانجليزية فإن هذه اللغة تكسب كل يوم أرضا ومتحدثين جدد ويصعب على من يجهلها التعامل مع التقنية الحديثة، وتعاني فئات وشرائح مهنية كثيرة في المجتمع السوداني من (ظاهرة) الضعف في اللغة الانجليزية ومن هذه الفئات قبيلة الصحفيين والإعلاميين خاصة القادمين الجدد The new comers الذين يعانون من (فقر حاد) في هذه اللغة، والمتابع لامتحانات القيد الصحفي (يكتشف) بسهولة هذا (الخلل) علما بأن اللغة الانجليزية تدرس في كليات الإعلام مادة ثابتة as subject– أو هكذا ينبغي أن تكون - إلى جانب مادة الترجمة الصحفيةJournalistic Translation، حدثني أستاذ جامعي مرموق شارك كثيرا في وضع وتصحيح امتحان الترجمة الانجليزية في امتحانات القيد بأن مستوى الممتحنين (متواضع جدا) ومن الجالسين من لا يفرق- للأسف - بين كلمتي أجندة Agenda ويوغندة Ugandaلتقارب المفردتين فى التهجئة الانجليزية، ولا يستقيم عقلا أن يحضر صحفي مؤتمرا صحفياPress conference يتحدث فيه (خواجات) وهو يجهل ما يدور فيه من (رطانة) وعلى ذكر الرطانة كان أهلنا من الريف (ولا أقول أهل العوض) عندما يأتون للعاصمة طلبا للعلاج ويسمعون (الدكاترة) يتخاطبون بالانجليزية، كان(ذلك الكلام) يصيبهم بالخوف ويراودهم إحساس أن مرضهم خطير ويقولون (سمعنا الدكاترة يرطنون)، (ويزعم) صحفيون أن وجود مترجم في المؤتمرات الصحفية يرفع الحرج عنهم ولكن هذا الاعتقاد (يجرد) الصحفي من واحدة من أهم مواصفات الصحفي الناجح, وهي الحصول على سبق الصحفي scoop والانفراد بتغطية متميزة .انتبهت الجهات المعنية ببناء القدرات الصحفية لهذا الخلل فقد أعد المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية خطة طموحة وشرعوا في تنفيذ هذه الخطة بتنظيم دورة مكثفة في اللغة الانجليزية لأغراض الصحافة مدتها عام مع مركز السودان القومى للغاتSudan National Centre For Languages (سلتي سابقا) يشارك فيها ثلاثون من الصحفيين والإعلاميين، قصد من فترة الدورة وكثافتها أن تكون محصلتها مثمرة وليست دورة (سلق بيض) فالدورات القصير في موضوع اللغات أشبه (بحلاوة قطن) سرعان ما تتلاشى وتتبخر، وقطعا أن جهد ودور هيئة التدريس وحده لن يؤتي ثماره في تعلم اللغة وإجادتها دون تعاون من الصحفى والإعلامي الدارس، ومن أشكال هذا التعاون الاستفادة من القنوات والإذاعات التي (ترطن) بالانجليزية وهي قنوات وإذاعات (على قفا من يشيل), فالإصغاء Listening من أنجع أساليب تعلم اللغات ويدرب المتلقي على النطق السليم The correct pronunciation .. ولكاتب هذه السطور تجربة شخصية وفي تقديره أنها ناجحة (اقتبسها) من زملائه الهنود خلال فترة عمله بالخليج فهو يحرص على الاستماع يوميا لإذاعة أو قناة ناطقة بالانجليزية، كما يواظب يوميا على قراءة مقالة بالانجليزية أو تصفح عناوين صحيفة صادرة بالانجليزية ولا يخلو مكتبي من صحيفتي Sudan Visionو The Citizen وصراحة قد استفدت غاية الفائدة من هذا (الورد اليومي) إذا جاز الوصف, وقد أثنى عليه وشكرني كل من التزم به ..ونصيحتي للزملاء من الصحفيين والإعلاميين الذين يرغبون في الارتقاء بلغتهم الانجليزية الدخول في هذه (الطريقة) اعتبارا من اليوم وليس الغد Today and not Tomorrow .. ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.