هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته المتابع هذه الأيام للإعلام الخارجي المشاهد أو المقروء في كيفية تناوله للشأن الداخلي في السودان يجد فيه تحاملاً كبيراً على السودان وقراءة للأحداث بعين واحدة وفق أهواء وأجندة خفيّة ومنطلقات فكريّة معادية وطامعة، تنُم عن جهل بالأوضاع ومجريات الأحداث في السودان، وأنا أقرأ بعض التحليلات الجاهلة بما يدور في السودان تذكرت طُرفة الأجنبي الذي يحكي لسوداني عن المدن التي زارها بالسودان فعدد منها كسلا وبور تسودان ومدني وحلفا .. إلخ فقاطعه السوداني بسؤال بلهجة دارجة قائلاً زرتها "براك" أي وحدك؟ فما كان من الأجنبي إلا أن قال "براك" دي المدينة الوحيدة الكان نفسي أزورها في السودان! في موقف يوضح مدى الجهل حتى بجغرافيا السودان. وفي اعتقادي أن تناول الإعلام الخارجي للشأن الداخلي في السودان هذه الأيام وما قبلها معظمهم من عينة "براك"! فقراءة المشهد السوداني للباحث عن عين الحقيقة يتطلب حياداً وفهماً واعياً لمجريات الأمور في بلد تتعقد فك كثير من الطلاسم والموازين دون مماثلته لغيره من البلدان المجاوره أو إلصاق ما يحدث به بالمسمى "الموضة" هذه الأيام . طمس الحقائق وتضخيم الأحداث عادة قبيحة أصبحت "سِمة" مصاحبة لكثير من الفضائيات العربية وغير العربية، فالصورة التي فبركتها إحدى القنوات المعروفه "بعدم الحياد" جاءت مصاحبة لحدث صغير في إحدى ولايات السودان بالنهار وصورة الحريق الذي تتحدث عنه القناة لمبنى آخر من نسيج خيالها يحترق بالليل، كان الخبر والصورة المصاحبة له، دلالة دامغة لفضحها وممارستها الكذب البواح، في تضليل واضح للمشاهد يخدم أسيادها، وليس ذلك غريبا على هذه القناة فقد حرّفت فتوى للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في سؤال وجه إليه يقول: هل يجوز السجود لصورة الرئيس الأسد؟ فاختصرت الفتوى اختصارا أخل بالمعنى وأظهرت الشيخ وكأنه يفتي بجواز السجود لصورة الأسد في سياق لا يتسق مع أي عقل مسلم! وقبل عام مارست هذه القناة أكبر فضيحة إعلاميّة بتشويه الحقيقة والأكاذيب في حادثة لم تغب عن الذاكرة بالنشر على موقعها وعلى صدر صفحته الرئيسية صورة لما قالت إن واقعة القبض على ديكتاتور ساحل العاج المخلوع لوران جباجبو تظهر أحد الضباط الكبار في الجيش يمسك بتلابيب ملابسه التي كانت عبارة عن ملابس نوم بطريقة مهينة. وبينما تناقلت الصورة سريعا عبر العديد من المواقع الإخبارية والمنتديات وكل مواقع التواصل بنوع من التشفي في الديكتاتور الذي كاد أن يدمر البلاد على مدار سنوات وأحدث أزمة كبيرة كادت تتحول إلى حرب أهلية، إلا أن عدداً من النشطاء اكتشفوا أن الصور غير حقيقية. وتناقل النشطاء الصورة الحقيقية دليلا على فبركة الصورة المنشورة في موقع القناة، وهي صورة لرئيس وزراء جباجبو أثناء القبض عليه ويدعى ماناندافي راكوتونيريانا" وقبض عليه القائد العسكري تشارلز أندرياناسوافينا مع عدد من مساعديه وحراسه. والمثال الآخر من عدة أمثلة لتشويه الحقيقة مقال لمذيع الفضائية ذائعة الصيت بصحيفة القدس العربي يحلل فيه الأوضاع في السودان بلغة "متطرفة" ومتحاملة تفتقد الموضوعيّة والتحليل المحايد منطلقاً من أفكاره العلمانيّة مبتعداً عن المهنية بترديده شائعات ليس لها أصل، وتفسيراً سافراً في فهمه للإرادة الإلهية بأسلوب ساخر! نحن نعيش الآن هجمة إعلاميّة شرسه ضد السودان لتضليل الرأي العام العالمي وتعبئة المجتمع الدولي، تارة باسم الدفاع عن حقوق الإنسان وأخرى بالمتاجرة بقضاياه، وكل هذه ترهات وأباطيل يكذبها الواقع فتشويه الحقائق بات معروفاً في الإعلام الغربي ولكن أن تنتقل العدوى إلى فضائيات وصحف عربيّة فهذا غزو فكري مفضوح ومعيب في حق فضائيات تدعي المهنية وترفع شعار الحياد وتعمل عكس ذلك تماما بزرع الوهم وفبركة الأحداث والاصطياد في الماء العكر بما يتماشى مع أهوائها ونزواتها وسياسات الأسياد. ومثال حي آخر للإعلام الخارجي الموجه ما هو سائد عند الغربيين أن الصراع في دارفور بين المسيحيين والمسلمين في إثارة واضحة للرأي العام في بلدانهم لاتخاذ مواقف مجحفة في حق السودان! فالأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان حاليّاً يتم تجيريها بشكل واضح في أبواق الإعلام الخارجي بمحاولة إشعال النار في الهشيم لتشجيع مزيد من الفوضى وتعبئة الشارع والإخلال بالأمن وخلق حالة من الربكة والإحباط للمواطن البسيط. وإن كانت المشاهد على الواقع تكذب تضخيمهم للأحداث وزيف ما يبثون إلا أن ذلك يصبح بلا جدوى دون أن يفند وينقل للرأي العام بشفافيّة ووضوح ليرى الوجه الآخر من الحقيقة وتكذيب ادعاءاتهم الباطلة الذي له أثر بالغ ومضر في السياسة الخارجيّة تجاه السودان وإثارة المجتمع الدولي للتعامل مع الأحداث برؤية مغايرة لما يجري في أرض الواقع.