يخطئ بعض المحللين بتصورهم أن روسيا تراهن على بقاء نظام الأسد، فهي باتت تعرف أن نظام الأسد أشرف على السقوط، ومع ذلك نراها ما زالت تظهر كداعم ومؤيد قوي له. لمعرفة سبب وقوف نظام بوتين مع نظام الأسد يجب معرفه الحقائق السياسية التي تحدد هذا الموقف: الحقيقة الأولى: كما ذكرت كثيرا، أنه بعد سقوط نظام القذافي، ولتغير الموقف الجزائري لم يبق لروسيا قاعدة على المياه الدافئة سوى قاعدتها العسكرية في طرطوس، فسقوط نظام الأسد يعني تلقائيا عودتها محصورة في المياه المتجمدة على المحيط المتجمد الشمالي أو قواعدها في كمشتكا وهي متجمدة أشهر كثيرة في السنة. فالقاعدة الأخيرة تعتبر ذات أهمية خاصة لا يجهلها أحد. الحقيقة الثانية: تزايد وتعاظم الحركة المعارضة لبوتين، ولذا يجب عليه مغازلة الشعب الروسي، والشعب الروسي يتصور حركات التحرر العربي على أنها حركات مؤيدة للولايات المتحدةالأمريكية، فوقوف بوتين مع نظام الأسد هو مغازلة لقطاع عريض من الروس الذين ما زالوا متأثرين بحقبة الإتحاد السوفييتي. الحقيقة الثالثة: ليس لروسيا مصالح حقيقية في العالم العربي، بل مصالحها الآن هي مع إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا، وهذه الدول تنتظر من روسيا عدم التخلي عن حلفائها لصالح الولاياتالمتحدة والغرب "حسب ما يتصورون". الحقيقة الرابعة: الخوف من تكرار السابقة الليبية، حيث تم تمرير القرارين 1970 و1972 تحت البند السابع لميثاق الأممالمتحدة، وإسقاط نظام القذافي واستبعاد روسيا من التسوية نهائيا. مما جعل دول مثل الجزائر تحول موقفها وتوقف واردات السلاح من روسيا. وانحسار التأثير الروسي على المشهد العربي والشرق أوسطي. فهم هذه الحقائق يجعلنا نفهم سبب قيام روسيا الاتحادية بالاعتراض على أي عقوبات دولية تحت مظلة الأممالمتحدة، فهي لا تراهن على نظام الأسد كما يعتقد الكثير، بل هي تتفاعل مع عوامل داخلية وخارجية، وتنظر إلى مصالحها الطويلة المدى، وليس إلى أي مبادئ عقائدية أو حقوق إنسان وما إلى ذلك، بل هي محض مصالح، وهي اللعبة التي يجب على العرب إتقانها.