حادثة معهد المعلمين الشهيرة فى الستينات من القرن الماضى, أدت الى حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان .. وترتب على ذلك إنقلاب جعفر نميري وأطاحته بالحكومة الديموقراطية المنتخبة وماتخلل ذلك من أحداث وتطورات عاصفة فى مسيرة البلاد..ضرب الجزيرة أبا .. إنقلاب هاشم العطا .. حادثة قصر الضيافة (ذلك اللغز المحير ) .. إنقلاب حسن حسين .. الغزو المسلح الذى رتبت له الجبهة الوطنية والذى عرف بالغزو الليبي (إسم الشهرة المرتزقة) .. لنفترض أن(شرارة) ندوة معهد المعلمين لم تحدث أصلا (فلنتخيل) مسارات الأمور بالبلاد فى ظل هذا الافتراض ؟ .. منعت السلطات فى أكتوبر من عام 1964م قيام ندوة بجامعة الخرطوم حول مشكلة الجنوب وإمعانا على الإصرار غمرت الميدان المعد لقيامها بالمياه , أصر منظمو الندوة بدورهم على قيامها , إنطلق الغاز المسيل للدموع وأنهمر الرصاص وسقط الشهداء( وسقط أيضا) نظام الفريق عبود(حاشية: قيل إن الفريق عبود بعد إنتهاء نظامه وعند قدومه لسوق الخضار بالخرطوم يقابله المواطنون بهتاف: ضيعناك وضعنا وراك ياعبود ) ..كان المسئول الأول عن (البوليس) بمديرية الخرطوم , فى تلك الأيام المشهودة, طريح الفراش بسبب كسر فى قدمه ومن ثم كان الرجل بعيدا فقال معلقا بعدها على تطورات الأحداث, لو كان بمكتبه لأستعمل سياسة اللين وسمح بقيام الندوة .. وبغض النظر عن هذا القول المنسوب لذلك الرجل فلو أن السلطات إستخدمت سياسة اللين كانت تلك السياسة ستخفف بصورة أو بأخرى من ذلك الاحتقان (فلنتخيل) مسار الأمور بالبلاد حينئذ دون حدوث (شرارة) منع قيام الندوة ..بالطبع إن كانت تداعيات الندوة هي القشة التى قصمت ظهر بعير حكومة عبود ولكن هناك أسبابا أخرى كانت ستطيح بذلك النظام وربما جاءت شرارتها فى نوفمبر أو يوليو ولعرف الناس(النوفمبريات) أو (اليوليويات) بدلا عن ( الأكتوبريات) وعن ( شهر عشرة حبابو عشرة) ..وبمناسبة الأكتوبريات ينسب البعض نشيد(أصبح الصبح) للأكتوبريات وهذا غير صحيح فهذا النشيد كتبه الفيتورى وكانت وقتها ثورة أكتوبر فى رحم الغيب .. ولايذكر نظام عبود إلا ويذكر معه اللواء حسن بشير نصر , ذلك العسكري الصارم .. كان إعتقال حسن بشير, بعد انهيار النظام الهاجس الذى يؤرق المكلفين بإعتقال أركان الحكومة ورموزها , أعلن الملازم خالد الكد(Something الكد ) عن إستعداده للذهاب مع القوة المكلفة بتنفيذ الإعتقال وفى إعتقاده أن وجوده مع تلك القوة سيسهل عملها فهناك سابق معرفة وتجمع بينهما رابطة العشيرة (قبيلة الشايقية) ويقال إن حسن بشيرقد ساعد الكد فى الدخول للكلية الحربية .. عند وصول القوة لمنزل حسن بشير رفض أن يرافقها بملابسه المدنية, فأضطرت القوة أن تنتظر فأرتدى كامل بدلته العسكرية military uniformوحمل طبنجته وغادر داره بكبرياء وشموخ , وأعتقد أن مكان الاعتقال كان بجنوب السودان ..وخلال أحداث توريت الشهيرة عام 1955م كان حسن بشير يعمل بالقيادة الجنوبية وكانت المعلومات الواردة من توريت تشير أن البلدة ستشهد تمردا.. رأت القيادة التريث ورأي حسن بشير (العكس) ونصح أن تتحرك قوة من جوبا وترابط على مشارف توريت فاذا حدث التمرد يسهل إخماده .نفذت القيادة رأيها (وتريثت) ووقعت المجزرة البشعة والتى راح ضحيتها الكثير من الأبرياء وفقد الوطن عامة وأهلنا فى أم دوم خاصة أرواحا عزيزة .. يقال إن السبب الرئيسى لتمرد توريد أن الأوامر قد صدرت بسفر القوة الموجودة فى توريت للخرطوم وأن ذلك السفر لفترة مؤقتة.. ولكن إنطلقت إشاعت مفادها أن القوة ستبقى بالخرطوم وأن المسألة برمتها خطة مدبرة من الشماليين ( للأنفراد) بعائلات الجنود الجنوبيين.. إستفسر أفراد القوة عن فترة بقائهم بالخرطوم ولم يجدوا الأجابة الشافية وكانت تلك الشرارة التى إندلعت بعدها الأحداث ووقعت المأساة ..والنار من مستصغر الشرر. .