أجمعت البشرية على حُرية التعبير.. إجماعاً جاء على أن الإنسان حُر.. حُرية قالتها الأديان السماوية.. فالحُرية فِطرة إنسانية.. فحُرية الرأي والتعبير بكافة أشكالها جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. فالمادة «91» من الإعلان قالت بإن من حق أي إنسان إعتناق آراء دون مضايقة.. فإنطلاقاً من هذا الميثاق العالمي انبنت مبادىء الحرية الصحفية للعاملين في الحقل الصحفي.. حرية تحترم الحقيقة وحق الجمهور في معرفتها مبادىء توجب على الصحافي الدفاع عن الحرية وفق أخلاقيات مهنية تتعلق بشرف هذه المهنة.. فيجيء الإحتفال العالمي للصحافة تحت شعار «إطلاق سراح الصحفيين من غياهب السجون».. فهناك زملاء لنا في المهنة يحبسون في السجون كل ما إقترفوه أنهم بأقلامهم عبروا عن آرائهم.. صحافيون في سجون إسرائيل.. جريمتهم أنهم بالأقلام لا بالبنادق نادوا بالحرية وحقهم كبشر أن يعيشوا تحت ظلال الحرية.. لا تحت سيوف القهر والعنف.. بالقلم حاولوا البحث عن الحقيقة فوجدوها أرملة منبوذة.. لذا جاء الإحتفال العالمي العام من أجل صانعي الكلمة الحُرة الذين حبسوا من أجل مبادىء الحرية الإنسانية.. ولأجل نشر المعرفة.. ولأجل أن لا تظل المعرفة مجرد بقع منعزلة في النسيج الإنساني.. وبمساحة هامش الحريات في بلادنا.. خلت سجوننا من حبس الصحافيين.. ليسجل السودان في دفتر الحريات.. علامة بارزة في حقوق الإنسان.. فهذا شرف يزين صدر بلادنا.. وقد أشاد الإتحاد الدولي للصحافيين بما تحقق في السودان في صحيفة الحريات و خلوا السجون من صحافيين جاءت فكرة إتحاد الصحافيين السودانيين بالإحتفال هذا العام الصحيفة السودانية.. تكريماً لها على ما قامت به من عمل يسجل على دفاتر الوطن.. عرفاناً ووفاءً لرائدات الصحافة السودانية اللائي حملن القلم.. وفي وقت عصيب.. يجيء إحتفال إتحاد الصحافيين تحت شعار «الصحفية السودانية تاريخ تليد ومستقبل باهر» ويبعث المستر جيم بوملحة رئيس الإتحاد الدولي.. لإتحاد الصحافيين السودانيين.. برسالة يشيد بالإتحاد وبتكريمه للمرأة السودانية ممثلاً في الصحفيات السودانيات.. وتجيء رعاية وزارة التعدين ممثلة في وزيرها الدكتور كمال عبد اللطيف تأكيداً على إحترام الدولة للصحافة وللصحفيات ولإحقاق الحق ظل الوزير كمال عبد اللطيف مهتماً بالصحافة وبالصحافيين لقناعته بأن الصحافة هي القاطرة التي تقود البلاد نحو المعرفة والتنمية.. وحتى تتواصل المسيرة الصحفية لإرساء مبادىء الحرية وإستمرارية المشروع المعرفي والنهوض بالأمة السودانية.. فإن المسؤولية تظل في عاتق جيل الصحفيات لمواصلة المسيرة التي قادتها رائدات حطمن القيود وواجهن الصعاب.. أُمهات كن بقدر التحدي في زمان كانت فيه المرأة السودانية خلف القضبان رائدات في قامة ثريا أمبابي وفاطمة طالب وفاطمة أحمد إبراهيم وسعاد الفاتح وزينب الفاتح وحاجة كاشف وآمنة بنت وهب وأُم أحمد وبقية العقد الفريد.. رأى إتحاد الصحافيين أن يحتفل بهن في اليوم العالمي للصحافة.. وفاءً وعرفاناً لما قمن به من أجل المعرفة والحقيقة والحرية.. فقد سبقن اخواتهن في دول العالم الثالث.. حيث طرقن أبواب الصحافة منذ أربعينيات القرن الماضي.. تحدين مفاهيم مجتمع ذلك الزمان.. المفاهيم البالية ليخرجن المرأة السودانية من ظلامات الجهل إلى أنوار المعرفة.. أسقطت مجتمع «الحريم» الذي يكرس لمجتمع أنثوي يفرض على المرأة أن تقبع داخل بيتها دمية مسلوبة الإرادة.. فمنحتها مكانتها ومنحتها فرصاً متكافئة مع رفيقها الرجل منحتها ذاتيتها كبشر واعدن للمجتمع توازنه بالكلمة لا بالسيف عملن على تطوير المرأة فرتقين بها إلى مدارج النور بحيث لا يفقد المجتمع السوداني نصف فعالياته لأسباب متوارثة غير مقنعة إلا لأهل الأقنعة.. فأخرجتها إلى العمل ليصبح العمل للمرأة السودانية ضرورة وليس ترفاً ضرورة لوطنها وضرورة للمرأة ذاتها.. فجيل رائدات الصحافة هو الكتيبة التي قادت إلى تحرير المرأة السودانية ولولا تلك الكتيبة لظلت المرأة حبيسة القضبان.. لذا كان لزاماً على إتحاد الصحافيين تكريم تلك الكتيبة.. وكان من حقهن على الدولة أن يُكرمن وتكريمهن تكريم للصحافة السودانية التي ظلت تقود مسيرة النهضة وتوقد مشاعل المعرفة وكل عام وبلادنا بخير وصحافتنا حُرة وتحية إجلال لرائدات الصحافة السودانية.. والله الموفق لما فيه خير البلاد والعباد.