تغنى «شعراؤنا» كثيراً مستعملين كلمة السكر في معظم أغانيهم واستبدلوها في بعض الأحيان بالعسل.. على أن السكر ظل دائماً في ذاكرتهم بسبب كثرة تداوله واستعماله.. ثم أن كثرة المصانع المنتجة للسكر منذ عهد سكر خشم القربة مروراً بمصانع الجنيد على أيام الرئيس عبود مروراً بمصانع السكر في كنانة وعسلاية وسنار على أيام النميري.. ثم التوسع في صناعة السكر على أيام الرئيس البشير في ولاية النيل الأبيض وما تبع ذلك من سياسات متعلقة بالتسويق تتواكب مع الانفجار السكاني وزيادة معدلات الاستهلاك من حيث الكمية والنوعية. وقد ينسى الناس وعلى أهمية السكر وتأثيره في الحياة اليومية أنه من أخطر المواد الضارة بالإنسان والمسببة للكثير من الأمراض.. ومن المعروف أن السكر والملح يطلق عليهما اسم (الأبيضين) ويحذر الأطباء كل المرضى وطالبي العلاج من الإبتعاد من الابيضين.. وبهذه المناسبة نحكي الطرفة التي تقول «إن شخصاً كبيراً في السن كان قد شعر بآثار المرض مما جعل ولده الكبير يأخذه إلى الطبيب للعرض عليه وإعطائه العلاج اللازم... وقام الطبيب بإجراء كل الفحوصات وكتب الدواء للمريض.. ولكنه حذر الولد والأب من الإبتعاد عن الأبيضين.. والرجل المريض كان متشوقاً للخروج من عيادة الطبيب حتى يستفسر أبنه عن ما يقصده الدكتور بالأبيضين، وأجابه الأبن إن الدكتور يقصد بالأبيضين الملح والسكر.. وهنا انفجرت أسارير الرجل وقال لأبنه إنه كان خائفاً أن الدكتور ربما كان يقصد: (السجاير والعرقي).. ونرجع لنقول إن مضار السكر على صحة الإنسان ليست أقل من أخطار (السجائر والعرقي) بأي حال من الأحوال ومن أهم المضار التي يسببها إدمان السكر هو السمنة المفرطة وأمراض القلب ومرض (السكري).. ولا يحتاج إلى الإسهاب الكثير في شرح أن مرض السكري يعد من المشاكل الضخمة وذات البعد الإقتصادي والتي تكبد المجتمعات تكاليف ضخمة وهي آخذة في الارتفاع والزيادة. وبهذا المفهوم يؤثر مرض السكري على التنمية في مختلف الأقطار التي ترتفع فيها نسبة الإصابة بالسكري... وعالمياً يعتبر (سكر الجلكوز والفركتوز) من العوالم المفاقمة لأمراض السكري في العالم وتمثل زيادة الإصابات في أفريقيا بحوالي 09% بينما لا تزيد عن 22% في أوروبا. ويوجد بالعالم أكثر من 663 مليون شخص مصاب بمرض السكري في العام 1102م يتوقع أن يرتفع إلى 225 مليون في العام 0302م ولسوء الحظ يعيش 08% من المرض في دول العالم ذات الدخل المتوسط والمنخفض (يعني دول أفريقيا) ولسوء الحظ أيضاً تتراوح أعمار معظم مرضى السكري بين 04-95 سنة بينما يقول تقرير الإتحادي الدولي للسكري إن هناك أكثر من 381 مليون حالة مرض سكري غير مشخصة أي أن حوالي 05% من حالات مرض السكري غير معروفة ولا تتلقى علاجاً. ويقول التقرير إن مرض السكري قد تسبب في خمسة ملايين حالة وفاة في العام 0102م وأن تكاليف الرعاية الصحية على مرضى السكري في العالم قد بلغت 564 مليار دولار على الأقل عام 0102م وهذا المبلغ يعادل حوالي 11% من إجمالي نفقات الرعاية الصحية على البالغين في العام (02-97 عاماً) ويشير تقرير الإتحادي الدولي إلى أن هناك ثمة فارق بين الجنسين في الإصابة بمرض السكري حيث يزيد عدد النساء عن الرجال المصابين بحوالي أربعة ملايين شخص (581 مليون أمرأة مقابل 181 مليون رجل) وعدد المصابين من مرضى السكري في المدن أكثر منهم في المناطق الريفية خاصة الدول ذات الدخل المنخفض (أفريقيا).. وقصدنا بهذه المقدمة الطويلة حول مرض السكري أن نقول إن (مادة السكر) التي تنتجها مصانع السكر والتي تقوم (القيامة) هذه الأيام حول طريقة التوزيع والأسعار والتي يشتكي الكثيرون من إنعدامها أو يقولون إنها دخلت السوق الأسود... هذه المادة ضارة بالصحة ومسببة للأمراض ولابد من التقليل من إستهلاكها للحفاظ على صحة المواطن وإذا علمنا أن معدل الشخص (السوي) يجب أن لا يزيد عن 50 كيلو جرام في العام.. وإذا علمنا أن معدل استهلاك الشخص (السوداني) وهو إستهلاك (غير سوي) لشخص يفترض أنه (سوي) يصل إلى ما يقارب 300 كيلو جرام.. فقد نصل إلى أن السودانيين يتناولون مادة ضارة بالصحة كان الأجدر بهم أن يعيدوا النظر في معدلات استهلاكها هذا إذا علمنا أيضاً أن بعضنا يستعمل السكر في أشكال أخرى منها الكسرة (والحلو مر) والمديدة والنشا والقراصة والعسلوب والعسلية والمريسة و(هلم جرا).. وهي كلها مواد نشوية الأصل سكرية المظهر وضارة بالصحة ومسببة ومحفزة لمرض السكرى و(الذي منو)...؟؟!